تقاريرمانشيت

إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية حول الأزمة السورية ومستجدات المرحلة الراهنة

تحقيق: بدران الحسيني

 سنوات ثمان مرت على الحرب والصراع في سوريا والموت والدمار وسفك الدماء والتحالفات الدولية والتقلبات في المواقف والتصريحات وتقديم مشاريع خارجية للحل في سوريا أو تفكيك العقد الحاصلة في أزمتها وعُقدت الكثير من المؤتمرات الدولية والاجتماعات وأخذت الكثير من الأسماء والصفات إلا أن جميعها باءت بالفشل ولم تأت بحل يرضي الأطراف الدولية المتصارعة على هذه الأرض ولم تحقق خصوصية وأماني الشعب السوري

تلك الحلول التي كانت تنبع من المصالح الدولية والتي فُرضت من الخارج ولمصلحة بعض الشخصيات التي لم تكن تمثل الشعب السوري في الخارج لم تتطرق يوماً إلى الحل الجذري الذي ينهي المشكلة بشكلها الكلي ويستند إلى الأسس والقوانين الناظمة التي ما إن خلت منها أي بلد فعلى هذا البلد السلام إذ أنه من المتعارف عليه حيث توجد القوانين يوجد البلد والوطن المتآلف والمتحد والذي يعيش ابناءه حياة تشاركية وتعددية.

في خِضَمِّ هذه الأحداث والعواصف التي كانت تجتاح سوريا واستعصاء الحل بين الأفرقاء المتصارعة وبعد تشكيل مجلس سوريا الديمقراطية الذي يضم كافة الهيئات والمؤسسات والأحزاب في الإدارة الذاتية واكتسابه صفة الممثل الشرعي والوحيد في شمال وشمال شرق سورية والمظلة السياسية لكافة المكونات المتعايشة ضمن الإدارة الذاتية، ومنذ تشكيل المجلس كان ينادي دوماً بأن الحل السوري هو في سوريا، وعبر التفاوض بين السوريين، وليس في جنيف وآستانا وسوتشي وخصوصاً أن هذه الاجتماعات التي كانت تعقد في الخارج لم تكن تضم الممثلين الشرعيين لكافة فئات الشعب السوري وأصحاب الأرض الذين يعيشون عليها ويدفعون الدماء الذكية في سبيل الحفاظ على وحدة ترابها وحمايتها من الإرهاب، وبناءً على هذا الطرح وبعد جولات استطلاعية واستكشافية، وجسِّ نبض الحكومة السورية توجه وفد من مجلس سوريا الديمقراطية إلى دمشق وحصل لقاء أولي واُتبِع بلقاء آخر جرى الحديث فيه عن بعض الأمور الخدمية وذلك إيماناً من مجلس سوريا الديمقراطية بأن سوريا وطن الجميع

إلا أن الذين يحاولون الاصطياد في المياه العكرة واستحداث الفوضى حالوا بث الإشاعات وذلك للنيل من مشروع الإدارة الذاتية أو تشويه صورته أمام الرأي العام الداخلي فكثرت الأحاديث والأقاويل من قبيل (تم تسليم الرقة – عودة النظام كما كان سابقاً إلى القامشلي… إلخ).

إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية ورئيسة وفد الادارة الذاتية للمفاوضات مع الحكومة السورية في دمشق وعلى هامش انعقاد المؤتمر الثالث للحقوقيين في الجزيرة تحدثت عن الوضع العام في سورية وما ينتظر إدلب وعفرين كما تطرقت إلى حقيقة ما جرى في المفاوضات نافية كل الإشاعات قاطعة بذلك الطريق أمام من يحاولون الاصطياد في المياه العكرة.

  • عن الوضع السوري بشكل عام” أسباب عديدة مجتمعة احدثت شرخاً عميقاً في المجتمع السوري…. الحل يبدأ بلم شمل الشعب السوري في الداخل والخارج”

 

تطرقت إلهام أحمد في مستهل كلمتها  إلى الوضع السوري واسهبت في شرح الأسباب للعقدة السورية وكيفية حلها ومعالجتها وأثنت على دور الحقوقيين في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها سوريا فقالت عن هكذا مؤتمرات:

إن هذه الاجتماعات والكونفرانسات هي خطوات متقدمة للتوجه بالمجتمع نحو مجتمع حقوقي وقانوني ليتعرف الشعب ويعلم أين وكيف يدافع عن حقوقه في اللحظات التي يتعرض فيها المجتمع لمظالم؛ سواء أكان على مستوى الأفراد أو الشعوب ضمن المجتمعات لذلك نشر الوعي الحقوقي والقانوني بين المجتمع يعتبر من أرقى الخطوات التي يتقدم بها المجتمع لإيصاله إلى مرحلة دفاعية قوية في مواجهة أي اعتداءات قد يتعرض لها سواء كان فرداً أو شعباً لذلك في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بالكامل من حالة حروب وقتال داخلي وتدخلات خارجية في مجتمعاتنا في الشرق الأوسط ماهي إلا حالة من حالات اللاحقوق واللاقانون ( انعدام الحقوق) فأي تدخل خارجي يتعرض له مجتمع ما أو أي اقتتال بيني في هذا المجتمع  يمكن أن نسميه ب حالة اللاقانون  واللاحقوق .

فإيصال المجتمع إلى مرحلة يرقى فيها إلى الوضع القانوني من مهام الحقوقيين والقانونيين والسياسيين وكل فرد واعي في المجتمع

أي أن توعية المجتمع هي من المهام الأساسية للحقوقيين والقانونيين

وانطلاقاً من ذلك أقول: إن قضيتنا قضية قانونية حقوقية سواء كان قضية الشعب الكردي أو المكونات الأخرى أو الشعب السوري بالكامل؛

من هنا سأتطرق إلى الوضع السياسي بشكل عام كي نتفهم الحالة  التي تمر بها سوريا بالكامل وماهي المستجدات والاحتمالات التي قد تظهر في المراحل المقبلة، وماهي التدابير التي يتطلب منا اتخاذها كي نتفادى أي احتمال للحرب أو اقتتال داخلي خاصة في مناطق شمال و شرق سوريا.

 العام الثامن من الأزمة السورية شارف على الانتهاء ولا نزال نرى أن الحرب مستمرة ومستعرة ومن الاحتمال أن تستمر لأشهر أو لسنوات أخرى.

ولاستمرار الحرب هذه أسباب كثيرة والسبب الرئيسي هو أن بنية المجتمع السوري تعرض للتشتت والشرخ بحيث أصبح من الصعب أن يسترجع المجتمع السوري تماسكه كما كان في السابق.

إضافة إلى حالة الهجرة والقتل والدمار كلها أسباب تؤدي إلى أن لا تظهر إرادة قوية شعبية تعطي القرار الحاسم في مصير الشعب السوري

والسبب الآخر هو بقايا المعارضة التي كانت المسبب الأساسي وراء تشتيت صف المجتمع السوري.

أيضاً من مسببات استمرار الحرب السورية هو النظام الذي يستمر بالقمع لمواجهة أية معارضة تسعى لنوع من التغيير في بنية النظام وهذه الأسباب مجتمعة أدت إلى الشرخ العميق في بنية المجتمع السوري،

ولكي نستطيع تغيير هذه الحالة لابد من إعادة لم شمل المجتمع سواء كان في الخارج أو كان في الداخل.

  • الوضع  في إدلب معقد وتركيا تستميت في الحفاظ على المجموعات الإرهابية المرتبطة بها.

أما في مسألة ادلب وما نراه الآن من مستجدات على بعض الساحات السورية.

مدينة إدلب اليوم تعتبر المنطقة الساخنة التي تجري عليها المفاوضات ما بين القوى الاقليمية والدولية

فمن جهة النظام السوري مستمر بقراره في فرض السيطرة على كامل الأراضي السورية

ومن جهة أخرى المعارضة التابعة لتركيا هي أيضاً لا ترغب في الانسحاب لكنها تحت الضغوطات تنسحب خطوة خطوة بل تستسلم شيئاً فشيئاً أمام الاتفاقات التي تُعقَد بين تركيا والأطراف الأخرى منها روسيا وايران ومن ضمنها النظام السوري، والحوار الذي يجري الآن بين هذه الأطراف هو حول كيفية إخراج الفصائل المسلحة من ادلب وريفها هذه الفصائل التي تشكل جبهة النصرة 60% منها  أما الفصائل الأخرى فهي أيضاً تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر لقرار جبهة النصرة.

من الملاحظ أن في إدلب لم يبق فصائل معارضة وطنية بل كلها تحولت إلى فصائل ومجموعات راديكالية اسلاموية مدعومة من تركيا بشكل مباشر

ولذلك نرى أن تركيا تستميت في الدفاع والتفاوض عنهم مع النظام ومع روسيا وإيران، وحتى الآن لا يلوح في الأفق أي اتفاق واضح  بين هذه الأطراف على كيفية إخراج الفصائل من إدلب وريفها.

بالنسبة للحسم العسكري في ادلب: فإن الوضع معقد هناك والبدء  بمعركة كهذه ستكون لها تداعيات كبيرة على كامل المنطقة، ولكن من الواضح بأن معركة هنا أو هناك ستجري رحاها على الأرض الإدلبية إلا إذا استسلمت تلك الفصائل وسلمت اسلحتها؛ فهناك حديث بأن الحملة ستبدأ من الريف ويمكن تحييد مركز المدينة من هذا الهجوم ولكن لا ندري بأي اسلوب وكيف بالرغم من الاهتمام الدولي الكبير بالمدنيين الموجودين في ادلب والذي يقارب اعدادهم على ما يزيد عن مليوني مدني وهناك حرص دولي على ألّا تتعرض ادلب لهجوم ولا يمكن ضرب هؤلاء المدنيين لكن حتى الآن نرى الفصائل الراديكالية تلك تصر على الحرب والقتال

لأن هذه الفصائل الموجودة في ادلب هي التي رفضت تسليم سلاحها إلى النظام ورفضوا الاستسلام  في الغوطة والقلمون والمناطق السورية الأخرى حتى درعا وتم تجميعها في إدلب   فإلى أي درجة سيقبلون الاستسلام هذا غير واضح والأيام القادمة هي التي ستثبت إن كانوا سيقبلون الاستسلام أم لا.

  • عفرين لن تبقى محتلة وتحريرها ستكون بيد أبنائها، الفصائل الإرهابية هي نفسها في عفرين وإدلب

عفرين؛ المدينة الكردية ذات الثقافات المتعددة والتي احتوت وأصبحت حاضنة للهاربين من الحرب هي في القلب ومحل اهتمام كبير بالنسبة إلينا وهي بمثابة الروح من الجسد.

أهل عفرين مستعدون للمشاركة في حملة تحريرها في أي لحظة كانت ونحن نعمل على تحريرها بأي وسيلة كانت سواء بالاتفاقات أو بالعمل العسكري وسيتم استخدام العديد من السبل في سبيل تحريرها وعفرين لن تبقى محتلة من قِبل تركيا وعناصرها ومرتزقتها.

قواتنا الموجودة هناك ــ قوات سوريا الديمقراطية ــ هي لتحرير عفرين وهدفها الأساسي هو عفرين، وعلى دول العالم الاهتمام بتحرير عفرين كما ادلب لأن الفصائل الموجودة في عفرين هي نفسها الفصائل الاسلاموية  الراديكالية ومن المؤسف أن بعض القوى لا تعتبر هذه الفصائل بأنها إرهابية بل يعتبرونها معارضة سورية كما أن بعض الدول الأوربية لا تنظر إلى بعض الفصائل الموجودة في إدلب على أنها فصائل إرهابية حيث إن

الفصائل التي تم إدراجها على قائمة الإرهاب حتى الآن هي جبهة النصرة وأحرار الشام وإذا صحت الأقوال في شأن وضع الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب من قبل تركيا فهذا يعني بأن المعركة ستكون شاملة في ادلب

وهذا من المحتمل أن يحصل باعتبار أن تركيا مستعدة للتنازل  عن كل شيء في سبيل أن لا يتطور مشروع ديمقراطي في هذه المنطقة، ومن هذا المنطلق فإن

 الابتزازات والضغوطات التي تمارسها روسيا على الطرف التركي كلها محصورة ضمن  إطار الملف الكردي لذلك تركيا مستعدة أن تقدم التنازلات ومستعدة أن تخسر كل المناطق التي احتلتها في سبيل أن لا تكون هناك قضية كردية ديمقراطية تتحقق داخل الأراضي السورية.

في مسألة المفاوضات والحوار السوري السوري

إيماناً منا وحرصاً على إيجاد حل للعقدة السورية نحن كمجلس سوريا الديمقراطية بادرنا وأعلنا بأننا مستعدين لإطلاق جولات من المفاوضات والمباحثات مع النظام السوري لأننا نؤمن بأن الحل لا يكون إلا في الداخل السوري وبيد القوى الفاعلة على الأرض والحل ليس في جنيف أوسوتشي أو استانا هذه المؤتمرات والاجتماعات التي ما كانت إلا خطة لفرض سيطرة النظام على مناطق سيطرة المعارضة ونفوذها وتركيا التي تدعي حرصها على الشعب السوري كانت الطرف الأساسي في هذه الاجتماعات والمخططات ، ويبدو أن كل هذه المؤتمرات التي عقدت كانت بهدف إطالة أمد الأزمة السورية ولم تأتِ بحل سليم وصحيح لأن الحلول التي تُفرض من الخارج لا تعبر عن أوجاع وآلام الشعب السوري لخصوصية وطبيعة واحتياجات المجتمع السوري لذلك لن تكون حلول صحيحة ومُرضِية للجميع

نحن نؤمن بأن الحل الصحيح والسليم  يجب أن يكون ناتجاً من عمق الأزمة السورية واحتياجات المجتمع السوري لأن الأزمة السورية هي أزمة بنيوية وأساس الحل هو أن يكون كل الأطراف مقتنعة بأن الأزمة السورية هي أزمة بنيوية وليست أزمة خارجية تم تصديرها إلى الداخل السوري أو أزمة داخلية نتيجة تدخلات خارجية فإذا كانت قناعة بعض الأطراف الداخلية مبنية على هذا الأساس فمن الصعب التوصل إلى حل يرضي كل الأطراف

لهذا بادرنا وبكل جرأة إلى الحوار والتفاوض مع النظام ولم تكن هذه المبادرة سوى لقاءات بين الطرفين وتهيئة الأجواء واجراء بعض المباحثات لفتح الباب أمام المفاوضات ومن ثم الوصول إلى حل لهذه الأزمة.

لكن ما شاهدناه في الترويج الخاطئ لهذه اللقاءات وما روَّجه الإعلام على إنه تخلٍ عن المناطق المحررة واتفاقات بينية على مكامن ومصادر الطاقة وتسليم المناطق أثرت كثيراً على البعض مما جعلهم يهرولون نحو النظام وعقدوا اتفاقات ومصالحات معه خشية اعتقالهم إذا ما عاد النظام كما كان إلى مناطقنا وهذه قراءات  خاطئة لمضمون هذه اللقاءات

نحن عندما نتحدث عن الحل لا نتحدث عن التسليم ولا عن  المصالحات

هناك قضايا حقوقية جوهرية بيننا ويجب حلها كــ قضية القوميات والحريات والثقافات والاقتصاد والدفاع وكلها يجب أن تُحل، القضايا فوق الدستورية من غير المعقول الاستفتاء عليها من قبل الشعب السوري كله على حق مشروع لنا وطبيعي.

قضيتنا لا تحل بإضافة مواد إلى ” قانون خَدَمِي” لأن هذه القضايا دستورية ويجب أن تحفظ وتُصان دستورياً وهذا لا يعني بأننا نريد الانفصال عن الأرض السورية أو الدولة السورية بل الذي يتهمنا بالانفصال هو الذي يسعى إلى تقسيم سوريا أرضاً وشعباً ولا يصح المقارنة بيننا وبين ممن ينادون الدولة التركية بفرض وصايتها على المناطق السورية التي يحتلونها

لو كان هدفنا أو في نيتنا الانفصال لما كُنا فكرنا بالذهاب إلى دمشق واجراء المباحثات معها على الإطلاق واستطيع أن أؤكد بأنه منذ بداية الأزمة في سوريا لم يطالب شخص واحد من كل مكونات الشمال السوري بالانفصال عن الدولة السورية وقدمنا المئات بل الآلاف من الشهداء في سبيل وحدة أراضي سوريا ومحاربة الارهاب الأسود وعلى إثر ذلك انتهجنا الخط الثالث المتمثل بمشروع الإدارة الذاتية في التعايش المشترك والتعددية وأخوة الشعوب والذي نراه صالحاً لحل الأزمة السورية لأنه نتاج عمق الأزمة السورية وفسيفسائها المجتمعي وسيرضي جميع الأطراف ويناسبها

ولهذا أقول أن العودة إلى الوراء صعبة جداً بل مستحيلة  ويجب الاعتراف بهذا المشروع وإظهار حقوق الفسيفساء السوري الذي كان غائباً عن الدستور السوري وصونها دستورياً وكل هذا سيأتي ضمن هذه المباحثات والحوارات والمفاوضات السورية السورية التي أجريت وستُجرى لاحقاً ونحن دائماً مستعدون لمثل هذه المفاوضات من منطلق حرصنا التام على حل الأزمة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى