مقالات

لم يحصل اتفاق حيال منبج. تفاهم مرحلي وحركة ذي علاقة بالانتخابات التركية

لكن تركيا دولة فاشلة. وفشلها يظهر بوضوح في أنها دولة مارقة ودولة فاشية ودولة متورطة بشكل واضح بشتى الملفات الوسخة؛ متدرجاً من ( تحايلها الدائم على قرارات الشرعية الدولية بأي ملف. أما الملف الإيراني فهو الغيض من الفيض، وصولاً اليوم إلى أنها أكبر جهة داعمة للتنظيمات الإرهابية؛ إنْ كانت داعش الذي يعيش مرحلته الأخيرة أمْ جبهة النصرة التي تبدو في أفضل حالاتها مع احتماليات كبيرة لتتقمص إسماً ووضعاً جديدين وبإيعاز من أنقرة؛ هذه المرة أيضاً).
لا أحد يستطيع الإجابة حتى اللحظة هل أنقرة في تعارض مع دمشق؛ أم متوافقة معها؛ أم نصف معارض ونصف موافق؟ وطالما أن (معارضاً سورياً) يعيش في تركيا ويتحرك بإيعاز منها ويهاجم موسكو ويصفها بالاحتلال الروسي في سوريا؛ فإن أنقرة ليست مع موسكو أو بالضد منها.
هذا الشيء ينطبق بالعلاقة التركية وإيران. هذا المنحى ما يزال يحكم العلاقة المتردية ما بين واشنطن وأنقرة.
لأن تركيا كذلك؛ فإنها تمشي نحو حتفها. وقطار الاصلاح فاتها منذ زمن. منذ رأت بأن داعش والنصرة هما الحربة التي تشق من خلالهما مشروع تركيا العثماني.
لكن ما الذي جرى بين وزيري خارجية أمريكا وتركيا في واشنطن- منبج؟
كشف قائد قوات سوريا الديمقراطية السيد مظلوم عبدي في مقابلة له مع الشرق الأوسط في 26 نيسان المنصرم (بأن مجلس منبج العسكري اجتمع في ربيع العام 2016 قبل البدء بمعركة تحرير منبج مع الجانب التركي والأمريكي في قاعدة إنجرليك بتركيا، وطلبوا رسمياً مشاركة وحدات حماية الشعب الكردية في هذه المعركة، ووافق الجانب التركي على طلبهم. وبعد تحرير المدينة بشهرين انسحبت الوحدات، وبقي مستشارون عسكريون لمساعدة مجلس منبج العسكري على تدريبهم وإنشاء مجالسهم العسكرية، مضيفاً أن هيئات استكشافية مشتركة (أمريكية / تركية) جاءت أواخر 2016 لتفقّد المدينة بعد تحريرها مرتين، وتأكدوا بأنّ مقاتلي الوحدات بالفعل قد انسحبوا). (انتهى الاقتباس).
بالرغم من أن تركيا اليوم دولة فاشيّة لكنها تكاد تتطابق مع ألمانيا الفاشية النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وكلاهما يمتلكان آلة إعلامية ضخمة فحواها: التضليل. الكذب. حرف الحقيقة. التلاعب. التشويه؛ وأية وسيلة أخرى تشكل جزء من الحرب الخاصة.
الذي جرى في واشنطن ليس بالاتفاق. أقل من تفاهم؛ لنقل بأنه تفاهم مرحلي؛ في أحسن أحواله. أمّا مصطلح خارطة الطريق فهو وبالعلاوة ينطبق بالكاد على كل الأزمة السورية؛ فلا يصلح البتة في شأن منبج. وهي المدينة الآمنة والمستقرة والتي تدار من قبل مجلسيها المدني (الإدارة الذاتية في منبج) المكوَّن من قبل أهالي منبج بكافة تكويناته. وإذا كانت عشرة اجتماعات انعقدت في آستانا لم تستطع أن تعطي لنفسها الحق بإخراج مثل هذا المصطلح. وأقصى ما قدرتْ: خفض مناطق التوتر، نشر نقاط مراقبة. المساعدات الإنسانية. بالرغم من أن مساحة منبج لا تشكل عُشر المساحات التي تعرضت لأبشع توتر، دون وصول أية مساعدة إنسانية، بتقسيم واضح ونفوذ لِ (ضامني) الآستانا الثلاث. من ناحية قيمية وقانونية أخرى فإن أية دولة من غير المستطاع أن تنسج اتفاق وتركيا هذه الفترة. الجميع سيرجئ إلى ما تؤول إليها العملية الانتخابية في تركيا. هل هناك أية قيمة لاتفاق؛ طرفه؛ دولة تعيش ضمن حالة الطوارئ؟ ليس من الممكن –لم نسمع- بأن دولة ما تفصل ثلاث أسابيع عن انتخاباتها البرلمانية والرئاسية وبإمكانها أن تعقد اتفاقيات؟ هي بالأساس بمثابة حكومة تصريف الأعمال.
حتى لو كانت تركيا دولة فاشلة وفاشية ومارقة؛ فإنها لا تسطيع أن تلعب دور ألمانيا النازية. الرقم 453 مليار دولار كعجز لا مفر منه. تركيا تنهار بشكل يومي في حائطها الاقتصادي. وهي التي انهارت بكل حائط لها السياسية منها وعموم المجتمعية. آخر أخطارها بأن ربع العراق يعطش من بعد بناء سدها الأخير على نهر دجلة. تركيا دولة ترى في العرب خدمها. وفي أفضل الكرد: الموتى منهم. وترى في إيران عدوتها التاريخية. وأمريكا وروسيا المتآمرة عليها. هذه هي تركيا. والذي جرى في واشنطن بخصوص منبج بيان فضفاض؛ يحمل الكثير من الاشكالية وعدم الاتفاق ما بين واشنطن وأنقرة. بيان وليس اتفاق. حتى لو كان بالاتفاق –هو ليس بكذلك بحسب الذي خرج منهما- فإنه لا قيمة مثلى للاتفاقيات في زمن الحرب. فكيف لو كانت حرباً عالمية ثالثة على الأرض السورية؟ التفاهم المرحلي الذي حدث؛ فإنه يفضي في حال تم تطبيقه إلى تشكيل قوة فصل ما بين مجلس منبج العسكري والمدني من ناحية وما يسمى بدرع الفرات كقوات رديفة للجيش التركي؛ فلا علاقة لهكذا درع بكل سوريا. لا من قريب ولا من بعيد.
بالعودة إلى مقابلة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية بأن الموجود في منبج هم مستشارين عسكريين؛ وأنه لا وجود لوحدات حماية الشعب في منبج. وبيان وحدات حماية الشعب الذي صدر بتاريخ اليوم كان واضح وصريح بأنه حان وقت انسحاب هؤلاء المستشارين، وأن مجلس منبج كجزء من قوات سوريا الديمقراطية باقية مع مجلس منبج المدني.
بالعودة للذي حصل في واشنطن/ منبج. وأقصى استفادة تركيّة منها قد؛ نقول قد؛ تكون في الانتخابات التركية المقبلة. في حال فاز فيها أردوغان فإنه أكثر من يفيد كي تقع تركيا وتنهار أكثر. وفي حال هزيمته فإنه لن يقبل بتسليم ديمقراطي مرن إلى من يفوز؛ فتركيا مقبلة على حرب وأزمة. التوقعات الأولية تشير إلى أن أردوغان لن يحصد سوى خيبته. من أجل ذلك يبقى احتمال إلغاء الانتخابات في وارد الحصول. هذه هي تركيا الأزمة. وصيفها الساخن. سواء فاز أردوغان أو خسر؛ فإنه الأكثر خسراناً.

زر الذهاب إلى الأعلى