مقالات

عناوين رئيسية لتجاوز الأزمة

عندما تولى “تشرشل” الحكم لم يطلق وعوداً زائفة ولكنه طلب التضحية واعداً شعبه بالآلام والدموع. عندما تقلد “كندي” رئاسة الولايات المتحدة خطب في شعبه قائلاً: “لا تسألوا ماذا ستفعل أمريكا لكم ولكن اسألوا ماذا ستفعلون أنتم لأمريكا”. هذا هو الخطاب الملائم للظرف الحالي السوري وهذا ما يتوجب علينا أن نتبناه.

يدرك الجميع أنه من أهم الركائز لنجاح أي عمل سياسي هو الوضوح والتجانس والتناسق في المواقف والقرارات كونها ميزات أساسية لخلق الثقة والتفاهم بين الجميع.

وبناء عليه فلا يمكن للمشهد السياسي داخل بلدان الاستبداد أو بلدان الحزب الواحد، أن يعيش حالة من التجاذب السليم والاختلاف النزيه أو إحقاق الحقوق؛ بل حالة من الركود والموت البطيء! والحالة السورية لا تخرج عن هذا التوصيف، غير أنه في السنوات الأخيرة كان للنهج الديمقراطي الدور الكبير في لملمة المشهد السياسي السوري وإحداث نوع من الحركية والديناميكية والتفعيل والبناء داخله… حيث وقف النظام بعيداً عن المشهد وحاول تهميشه، ولم ينتهز الفرصة لفتح حوار بناء يعالج كل ثغرات المشهد السياسي المحتقن بالرغم من كل المظاهر التي تشير إلى الولوج السريع للنهج الديمقراطي على التاريخ والثقافة والعقلية في الداخل السوري، والتي تتطلب صحوة عاجلة وتفعيلاً سليماً وسعياً إلى البناء من جديد، وبداية تشكّل عقلية وثقافة جديدة وممارسة ترضي الجميع.

ونحن نشعر اليوم بأن المناخ العام والتصريحات والحوارات والمؤشرات أغلبها تصب في اتجاه مشترك, هناك ثلاثة عناوين رئيسية نراها أساسية في تجاوز الأزمة والبناء بواقعية وجدية: الانفتاح والحوار بين الجميع والمصالحة وبناء قنوات مفتوحة مع المشروع الديمقراطي والتعامل بجدية كونه مشروع لسوريا المستقبل.

بالمحصلة, يتفق الجميع أن هناك احتقاناً متواصلاً داخل المشهد السياسي السوري، وأن صورة التعدد المغشوش، وتهميش الأصوات، يتوجب تجاوزها وتغيير المشهد الحالي نحو الحرية والديمقراطية السليمة.

 وبالتالي لن تكون الحلول مقبولة وسليمة إذا لم تتم بمشاركة كل الأطراف ، ولن تكون الحلول واقعية وذا جدوى وتصبح مسارا حيا ما لم تسع إلى خلق توازن بين مطالب الشعوب والمكونات وواجباتها نحو المجتمع.

إن ما يحدث في سوريا يعتبر تطورا ملحوظا ولافتا ويشكل منعرجا هاما ، وخيوط الحاضر والمستقبل لا تزال بأيدينا، وعلينا انتهاز الفرصة “التاريخية” لتثبيت تحول حقيقي داخل المشهد السياسي السوري… إن اليوم ليس كالبارحة، ومنطق التجاوز والبناء يفرض نفسه على الجميع من منطلق أخلاقي ووطني خالص، وهذا يتطلب مرونة في التعامل بين الجميع في إطار من التعدد والتفهم والتعامل الديمقراطي السليم, للوصول إلى نهاية الصراع العنفي والاستفراد والاستئصال والاستبعاد.

زر الذهاب إلى الأعلى