مقالات

عفرين المحتلة

حسين عمر

عفرين احتلت من قبل تركيا، احتلت بعد مقاومة دامت حوالي الشهرين تكبد فيها تركيا وإرهابييها من السوريين وحسب اردوغان نفسه اعدادا كبيرة من مهاجميهم.

عفرين سقطت بعد ان فقدت شروط امكانية استمرارية المقاومة تلك الشروط التي تفرض في وضع كوضع منطقة عفرين في مواجهة قوة دولة هي الثانية في الناتو واستخدمت في يومها الأول اثنان وسبعون طائرة حربية من طراز أف 15 وأف 16 والعشرات من طائرات الهيلوكوبتر الحربية وناقلات الجنود، كما انها استخدمت أحدث طائرات الاستطلاع الإسرائيلية الصنع والتي تفوق بدقتها طائرات الاواكس التي تستخدمها الحلف الأطلسي، كما انها استفادت من المعلومات التي كانت تحصل عليها من الاستطلاعات الجوية لحلف الناتو فوق الأراضي السورية. زيادة على ذلك استخدمت تركيا في عدوانها دبابات تورنادو الألمانية الصنع والأسلحة الفرنسية والأمريكية والبريطانية وكانت للصواريخ الروسية التي شاركت بها تركيا المعارك لأول مرة دور كبير في تدمير الانفاق الجبلية التي كانت تشكل الخط الأول للجبهة،

بالمختصر استخدمت تركيا الأسلحة الاحدث في العالم في عدوانها لاحتلال منطقة عفرين الأمنة، واستقدمت خيرة عناصر قواتها الحربية وكذلك اعداد هائلة من الإرهابيين المتمرسين في المعارك في كل من سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان ورغم ذلك فاقت المقاومة التي ابدتها وحدات حماية المرأة والشعب كل التوقعات اذا استطاعت ان تصد الهجمات البرية الضخمة التي كانت تقاد من قبل هيئة الأركان التركية وبأشراف مباشر من رئيس هيئة الأركان العامة والتي يعتبر القائد الأعلى للجيوش التركية , ولولا القصف المدفعي العنيف والغارات الجوية المكثفة والتي لم تتوقف طوال أيام العدوان , لما استطاعت تركيا ان تتقدم , وعلى الرغم من تلك الوحشية في الاستخدام الغزير للأسلحة وسياسة الأرض المحروقة والتدمير لم تستطع ان تتقدم حسب الخطة المرسومة في الدوائر العسكرية وكما هو معلوم فقد سربت الخطة التي كانت محددة بين العشرة أيام واسبوعين لاحتلال كامل التراب العفريني , الا ان ذلك لم يتحقق بل لو كان هناك مضادات جوية او قام النظام السوري بواجبه لحماية أجواء حدوده الدولية , لكانت عفرين عصية على دخول أي جندي او مرتزق لأراضيها .

لقد ساعدت عدة عوامل في تمدد الاحتلال التركي لعفرين : أهمها القوة النارية الضخمة التي استخدمتها برا” وجوا دون توقف , التفوق العددي والذي تعدى عشرات اضعاف المقاومين , كذلك التخاذل الدولي والمساندة الروسية للعدوان وتملص النظام من القيام بمهامه الوطنية , ولعب التكتم الإعلامي العالمي وكذلك الاعلام العربي الذي كان اذا نشر خبر عن العدوان كان يستقيه من المصادر التركية معتمدة على البيانات والتصاريح الصادرة عن قيادة الجيش التركي واردوغان الذي تحول الى ناطق عسكري يصرح في اليوم الواحد عدة مرات حول عدوانه وتقدم قواته . لقد كان مخطط العدوان مدروسا تماما استنادا الى أكثر من ثلاثة سنوات من التواصل التركي الأمريكي ومن ثم الروسي والضغط على الجانبين من اجل عدم اعتراض اجتياحها لمنطقة عفرين وهذا ما حصل اذ ان اردوغان استطاع تحييد أمريكا والتحالف الدولي وكسب المساندة الروسية لا بل المشاركة الروسية المعنوية من خلال منع النظام وإيران من اتخاذ اية خطوات مساندة للمقاومة، 

بدأ العدوان الهمجي على وقع التحضيرات المركزة لروسيا وقوات النظام لطرد المجاميع المسلحة المرتبطة بالميت التركي من الغوطة الشامية وقد اعد العدة الكاملة لعميلة نقلهم الى عفرين ليستوطنوا بدل سكانها الأصليين , ولم يأتي تزامن المعركتين الا من اجل تحقيق الهدف الأهم لروسيا ومن خلفه النظام الا وهو تأمين سلامة اطراف العاصمة دمشق وافراغها كي لا تستطيع المجاميع المسلحة العودة والاحتماء بالسكان مرة أخرى كما ان النظام كان متواطئا مع الحل الروسي في مسالة عفرين لنقل المسلحين وعوائلهم لإسكانهم فيها وبالتالي كسب نتيجتين الأولى تفرغ اطراف العاصمة والثانية اجراء تغير ديموغرافي في عفرين وتقليل النسبة المئوية لسكانها الأصليين كما فعل النظام نفسه في منطقة الجزيرة بزرعه اكثر من 52 قرية من العرب الذين جلبهم من الرقة والمناطق المتاخمة للفرات بحجة الغمر , وتقوم تركيا بتوزيع الذين ارتضوا طواعية مغادرة بيوتهم وبلداتهم في كل من الغوطة والقلمون في قرى وبلدات عفرين لتثبيت اقدامهم فيها وابقاءهم دعما لاحتلالها واذا انسحبت فهم سيشكلون أرضية قوية لعودة النظام العروبي ان كان بعثيا او اخوانيا , 

عفرين قاومت بشكل اسطوري، واحتلت بوحشية قل نظيرها في العصر الحديث، تغلغل المرتزقة ومن خلفهم الجنود الاتراك كالجراد في جسم عفرين، دمروا الأبنية وقتلوا الناس بوحشية وسرقوا كل ما وقع في طريقهم وسرقة الدجاج أصبحت خبرا عالميا وبالرغم من ذلك بقيت الحكومات ساكتة لا بل الكثير منها أعلنت تفهمها للدوافع التركية ومنها الدول الغربية التي يدفع اليها اردوغان بالإرهابيين ويقتلون مواطنيهم لكنهم يحاولون توجيه الاتهام الى جهات يعرفون تماما بانها تدار من قبل النظام التركي.

عفرين احتلت ولكن المقاومة لم تخمد مازال المقاومون يكبدون المحتل ومرتزقته خسائر بشرية يومية. لكن المقاومة وحدها لن تستطيع تحريرها الا إذا تعاضدت الجهود الدولية واخذت منحى دعم المقاومة، حينها لن يبقى للمحتل ومرتزقته من الإرهابيين أثر في عفرين.

زر الذهاب إلى الأعلى