مقالات

سياسة الكيل بمكيالين

يوسف كوتي

روسيا القيصرية وأطماعها في سوريا وفي المنطقة؛ لن تنتهي في ظل الوجود الأمريكي وحلفائه من التحالف الدولي، ولن تستسلم بهذه السهولة؛ بالرغم من وقوعها في فخ الحرب الأوكرانية، لكنها تلعب على الوتر التركي لتذليل أمريكا وعدم منحها الشرعية للبقاء في سوريا، لذا تمنح الدور الأكبر لتركيا وتفتح لها الأجواء لضرب مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية وقواتها ــ الحليف الأساسي للتحالف الدولي في محاربة داعش ــ بالرغم من الاستهداف الذي يطال القوات الروسية وقوات النظام السوري من قِبل تركيا وقتل عدد كبير من جنودهما ولكن دون ذِكرِ ما يحدث ولو ببيان مقتضب مما يدل على تلاعب الروس والنظام السوري بمصير الشعب السوري بكل أطيافه مقابل بقاء النظام في سدة الحكم، لذا نرى في الفترة الأخيرة تصاعداً عسكرياً واستخباراتياً من قبل تركيا في مناطق شمال و شرق سوريا ورفع وتيرة هجماتها على المدنيين العزّل مقابل صمت تركي أمام هجمات الروس على المناطق التي تحتلها تركيا في غرب البلاد من خلال عملية تسوية سياسية بين الطرفين وإبرام اتفاقيات رباعية بين روسيا وإيران وتركيا والنظام السوري بهدف إجهاض الثورة التي ارتقت بشمال وشرق سوريا إلى أعلى درجات الأمان والحد من البطالة والفقر وإيصالها إلى مستويات منخفضة جداً مقارنة بالمناطق والواقعة تحت سيطرة النظام السوري والمناطق المحتلة من قبل النظام التركي الشوفيني الذي جعل من إبادة الشعب الكردي شغله الشاغل ويعمل دون كلل أو ملل على خلق فوضى عارمة في المناطق الكردية على طول الأجزاء الأربعة لكردستان بهدف القضاء على ما تحقق بفضل دماء الشهداء، وذلك بدعم ومساندة روسية وإيرانية حيث تعمل جميع الأطراف المتآمرة على إفشال مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية كطراز متطور وحل مناسب لجميع القضايا العالقة وخاصة قضية السلطة والهيمنة المركزية الأحادية التي تحولت إلى حُوت يبتلع كل شيء في طريقه.

وأنظمة الهيمنة العالمية أمثال روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها مَن يصنعون تلك الأنظمة الأحادية المنغلقة على ذاتها لخلق أرضية مناسبة لفوضى خلاقة تتجزأ القوى المحلية على إثرها لتتحول إلى قوى متضاربة متصارعة على السيادة الوطنية التي هي بالأساس ألعوبة أخترعها النظام الرأسمالي العالمي لانتعاش نظامه الاقتصادي والسياسي مستنداً على الأنظمة الاستبدادية الشوفينية الهشة المتجزئة فيما بينها، وخير مثال موجود أمامنا نعيشه لحظة بلحظة الأزمة السورية التي تتعقد أكثر فأكثر بسبب التدخلات الخارجية والإقليمية والتي تتبادل مواقع النفوذ حسبما تتوافق مع مصالحهم، فروسيا تسمح لتركيا بضرب مناطق شمال و شرق سوريا مقابل سماح تركيا لروسيا بضرب مناطق شمال و غرب سوريا التي جمعت تركيا فيها جميع أنواع المرتزقة تحت لوائها، وعلى هذا الأساس تتفق أطراف رباعية الموت “روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري” بعقد مؤامرة ضد الشعب السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى