مقالات

سورية حروب ودماء، وحلول مرتقبة.

%d8%aa%d9%86%d8%b2%d9%8a%d9%84خالص مسور- اشك في أن سورية مقبلة على المجهول وشعبها يقتل ويتشرد على أيدي أبنائها العاقين، هذا الشعب الذي بات اليوم يحلم بالانطلاق نحو فضاءات السلم والاستقرارأكثر من أي وقت مضى، وبدا اللاجيء السوري يرى نفسه في دوامات خيم نصبت في دول الجوارذليلاً مهاناً، هؤلاء السوريون الذين أهدرت دماؤهم على مذابح شهوات ومطامع الأجندات المحلية والخارجية على السواء، فالأجندات الداخلية يدءاً ما يسمى بالجيش الحر إلى الدواعش والنصرة مروراً بالنظام، قد أشعلوها حرباً على المناصب والمكاسب، رغم حجج كل من الطرفين والاتهامات المتبادلة بين الأطراف ومصطلحات الإرهاب والديكتاتورية والاسلاموية التي ينعت بها كل منهم خصمه الآخر، وكل يريد وجهة هو موليها، وهو ما أثار شهية العقبان المجاورة التي بدأت تسن مناقيرها للافتراس واستنزاف الدم السوري المهدور من كل الجهات، فالسوريون وحدهم وحكامهم وسياسيوهم يتحملون وزر المصائب التي تتتالى كقطع الليل على مهاد شعوبهم وبيوتهم.

فالعنصرية وقانون الحزب الواحد والديكتاتورية وعدم تقبل الآخر حتى من الأحزاب السياسية السورية المشاركة في الحكم، والتمسك الطفولي بكرسي الحكم كلها خلقت احتقانات عميقة على المديات البعيدة، خلقت ما يشبه الأزمة المزمنة على الساحة السياسية السورية. وتركيا الاردوغانية التي أرادت ابراز عضلاتها ياسقاط الطائرة الروسية سرعان ما مدت الرقاب أمام بوتين ذليلة مهانة. وجمهورية الاعدامات الإيرانية التي راهنت على حزب الله في حسم الموقف لصالحها في سورية اضطرت لدخول الحرب بقواتها بعدما وجدت أن الرياح تجري بما لاتشتهي الخوامنة، وروسيا التي تستميت في الدفاع عن حليفه الجبلي الأثير لم تفلح حتى الآن في حسم المعارك أو ترجيح كفتها لصالح هذا الحليف العنيد، وحيث الدولتان تركيا وإيران العدوتان التاريخيتان لكن في كل مرة تضعان خلافاتهما جانباً وتتفقان ضد التطلعات الكردية بشكل دنيء وخسيس، وتحاولان الآن ابتزاز الروس على إصدار وعد بكبح جماح اللاعبين الكرد في المنطقة، وهما على قناعتهما التامة بأن الخطر لايأتي من الدواعش البتة، بل الخطر كل الخطر مبعثه الكرد الذين يرتأون تحرير بلادهم من الشوفينية القوموية الإسلاموية بصيغتيها الاردوغانية والداعشوية، وقد أثبت الدواعش أن الإسلام كلمة واحدة هي الذبح ولا غيره، بينما الإسلام لدى الخامنئي واردوغان هو قتل الكرد واعدامهم بأحبال المشانق، وجميعهم في سعي حثيث للإساءة إلى الاسلام وقيمه ومبادئه السمحاء، وبه يخادعون الله ورسوله ويمكرون ولكن الله خير الماكرين. وروسيا التي تستميت في الحرب السورية التي باتت تكلفها(2،5) مليون دولار يومياً قد لا تستطيع الاستمرار في قصفها المتوالي من قاعدتها في حميميم اللاذقية، أو من مدينة مهاباد المحتلة، وزيادة في التودد إلى الروس بادرت جمهورية الخامنئي الاعداماتية إلى فتح قاعدة همدان الجوية للطيران الروسي لقصف الدواعش في سورية، وكأن التابعين الإيراني والتركي في سباق محموم على إرضاء السيد (بوتين) الذي يعلم بأن سورية هي نقطة تواصلية مع شعوب المنطقة، لكن روسيا نفسها قد تبحث عاجلاً أو آجلاً عن حل سياسي يجنبها خسائرها المادية والمعنوية في سوريا، بينما يظهر أوباما وهو يتقرب الى المنطقة ببرود وبخطوات رصينة، ويرى ان ما يجري لا يستحق التفريط بدماء الجنود الأمريكيين، وبدورها تريد تركيا أن تثبت أنها تملك خيارات عديدة أمام البرود الأوربي والأمريكي، وأنها ليست رهينة المحبسين كما يقال، كما وقد يسعى الروس والتراك والإبرانيون في هذه القمم أن يجدوا الحلول اللازمة للأزمة التي تهز أعماق الشعب السوري، لكن ليس لسواد عيون هذا الشعب بل لسواد عيون مصالحهم الخاصة، ولا يظنن أحد أن تركيا التي تتباكى على السوريين وتذرف دموع التماسيح هي جادة في دعمها للسوريين، بل جل ما تراه في سورية هو أنها دولة مفتاحية وبوابة إلى الشعوب العربية التي بات يخدعها رضيع الخلافة العثمانية في وضح النهار.

لكن على الشعب السوري في هذه الحال أن يحل أزمته بنفسه، ويلزم من جعلوا أنفسهم أوصياء على هذا الشعب القليل من التعقل والتضحية بالمصالح الشخصية، حقناً لدماء الأبرياء الذين روعوا تحت سياقات وأهداف القومويين وشوفينيي المعارضة كما يسمون أنفسهم، من الذين دمروا وطنهم بدوشكات قومويتهم التي كانوا ولا يزالوا قد أوقفوها على رأسها بدلاً من رجليها.

زر الذهاب إلى الأعلى