مقالات

رحمة بباقي الجسد السوري!

مصطفى عبدو

يروي لنا التاريخ أن كل تصعيد عسكري تركي على الحدود السورية تنتهي دوماً بصفقات أو تفاهمات:

في عام 1939دخلت القوات التركية إلى لواء اسكندرون (هاتاي) التسمية التركية إثر اتفاقية مع الجانب الفرنسي ضمت اللواء إلى الأراضي التركية.بينما اعتبرت الحكومة السورية اللواء سليبا واستخدمه ورقة وتفاوض سياسي وشكلت الحكومة السورية بجبهة تحرير اسكندرون دون حدوث أي صدام عسكري مع تركيا هناك.

شهد عام 1957 أزمة حادة بين سوريا وتركيا على خلفية الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي وقتها وبين والولايات المتحدة الأمريكية فحشدت تركيا قواتها على الحدود السورية وخرق طيرانها الأجواء السورية مرات عدة ولكن مبادرة مفاجئة من الروس أنهت هذا التوتر.

بلغ الغضب التركي أوجه تجاه سوريا  في عام 1998 بعد تأكد تركيا من وجود قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في سوريا فعادت تركيا إلى حشد قوات بلغت عددهم آنذاك 10 آلاف جندي على الحدود السورية وتأهبت تركيا للحرب.إلا أن حراك عربي متسارع نزع فتيل الأزمة بين البلدين وقضت بخروج أوجلان من سوريا وتوقيع اتفاقية أضنة السرية بين الدولتين والتي تسمح للأتراك بالتوغل في العمق السوري مسافة 5 كيلو متر عند الشعور بوجود خطر.

في 22 شباط عام 2015دخلت قوات النظام التركي إلى عمق الأراضي السورية لنقل ضريح سليمان شاه بحجة الخوف عليه من تنظيم داعش ثم أعادت تركيا الضريح إلى داخل الأراضي السورية وتحديداً في قرية اشمة وأبقت جنودها هناك رغم اعتبار الحكومة السورية هذا الأمر انتهاك للسيادة السورية بيد أن الأمر تم كما تريده تركيا.

في عام 2016 نفذت تركيا عملية عسكرية في سوريا تحت اسم درع الفرات (جرابلس – إعزاز – الباب) على مرأى ومسمع كل العالم وتمكنت تركيا والفصائل الراديكالية المتعاونة معها من احتلال هذه المدن بالرغم من مقاومة الأهالي لهذا الاحتلال وتوعد الحكومية القوات السورية بمواجهة القوات التركية المحتلة إلا أن أي من القوات السورية لم تتحرك وبقي العالم صامتاً.

في عام 2018 بدأت القوات التركية والفصائل الإرهابية الموالية لها بعملية عسكرية في شمال سوريا تحت مسمى (غصن الزيتون), فأصدرت الحكومة السورية عدة بيانات أكدت فيها عزمها على حماية الأراضي السورية من الهجوم التركي كما ناشدت القوات المدافعة (قسد) القوات الحكومية السورية بالقيام بواجبها الوطني وإثر ذلك توجهت قوة صغيرة من القوات الحكومية السورية باتجاه ساحة المعارك وبنتيجة مساومات واتفاقيات دولية أفضت إلى احتلال عفرين بعد مقاومة تاريخية مدة 58 يوماَ.

وفي 9 تشرين الأول الجاري سبقت الفصائل الإرهابية (الإسلامية) الجيش التركي بالانتشار والدخول إلى الأراضي السورية مع إعلان وزارة الدفاع التركية شن عملية توغل بري في شمال سوريا تحت مسمى عملية “نبع السلام” والتي ربما انتهت اليوم بتقاسم نفوذ جديد يلوح في الأفق, فرحمة بباقي الجسد السوري…

زر الذهاب إلى الأعلى