مقالات

ثورة 19 تموز تعري غسان المفلح والكيلو وغيرهم من بائعي الثورات وتجارها .

نعم لا أحد يمكنه الإدعاء بأن الشعب السوري هو الذي يحتل المناطق الكردية من سوريا ،ولكن ما لم يرد السيد غسان مفلح قوله ، أن النخب السياسية والإجتماعية والثقافية من الشعب السوري بأحزابهم ، وبالسلطة التي إحتكروها ، وبفوة الدولة ومؤسساتها التي بقيت حكراً على المكونات الأخرى من الشعب السوري عدا الكرد هؤلاء هم الذين مارسوا سياسة التعريب ، والأقصاء ، والإنكار بحق الكرد . والمجال هنا لا يتسع في هذه المقالة عرض تلك السياسات والمراسيم والقوانين التي صدرت عن حكومات الناطقين بإسم الأغلبية التي رأت أن الأرض التي تشكلت منها الدولة السورية ، هي جزء من وطن هو للعرب ، وأن من سكن تلك الأرض هو عربي ، ولا نحتاج هنا إلى عرض دستور حزب البعث العربي الإشتراكي ، ولا إلى قرارات طرد الكرد من الجيش ومن الشرطة ولا إلى الدساتير السورية ، والقوانين الإستئنائية التي صدرت وطبقت بحق الكرد.

لا يمكن لعاقل أن يفهم كيف أن الكرد كانوا روساء لسوريا ووزراء ورؤساء وزارات ومسؤولين في أعلى مراتب الدولة إلا إنتمائهم إلى أصولهم الكردية التي لم يكونوا ينتسبوا إليها أولاً ولإن هؤلاء جرى تصفيتهم من موسسات الدولة السورية وعلى مراحل منذ تشكلت الدولة السورية بعيد خسارة تركيالعثمانية الحرب مع الحلفاء وتشكل حكومات وجيش كان العماد فيهما بقايا تلك الدولة العثمانية .

لا أعتقد أن سياسياً يستطيع قول ما يريد السيد مفلح إدخاله في وعي القارىء إن لم يكن أحد إثنين ، إما جاهل بالسياسة وتاريخ تشكل الدولة السولرية في سياق تشكل دول المنطقة دولياً كما أراد تمرير مقولته ، أو أنه يعرف من تاريخ الشعوب ـ والدول ما أراد التعرف إليه ، أو ما تم التعريف به من قبل من أطلق على سوريا إسم الجمهورية العربية السورية فنراه يقول

السياق الذي شكل سورية سياقا دوليا، لم يكن مطروحا فيه قيام دولة كردية في اي منطقة بالشرق الاوسط، لأنه أساسا لم يكن هنالك دولة كردية مستقلة، تم احتلالها واقتسام أراضيها.

لا يعرف المرء كيف يمكن مخاطبة من يخوض في مسائل تاريخية ،وهو لا يعرف من التاريخ ولا عن الدولة التي أقحم نفسه في الحديث عنها كاشفاً عن جهله وتخبطه في ليل ، ظلامه أعمى البصيرة منه حين يسأل صاحب المقالوهل كانت كردستان دولة موجودة ،

هل كردستان وحدها لم تكن دولة مستقلة أم أن كل الدول التي نراها اليوم في المنطقة برمتها لم تكن دولا ، هل يستطيع السيد مفلح تحديد أين كانت دولة العراق وتركيا والأردن وكل دول الخليج ودول المغرب ،

اكثرية نخب سوريا من السياسيين والمثقفين يجهلون أو يتجاهلون أن الغثمانيون حين جاءوا هذه البلاد مع السلطان سليم .

أبقوا البلاد على التقسيمات الإدارية التي كانت معروفة في العهد المملوكي. فكانت هناك ولاية حلب، ويتبعها ثمانية سناجق ، وولايةدمشق وسناجقها التسعة ، وولاية طرابلس ويتبعها ا سبعة سناجق،

أما مناطق الجزيرة فكانت تابعة لولاية آمد ، ديار بكر ،

تتضح الصورة لنا أكثر حين نرى كيف قامت السلطنة بتوزيع نواب مناطق الشام في مجلس المبعوثان {النواب }على الشكل التالي

نواب ولاية بيروت وتتألف الولاية من بيروت ، طرابلس الشام ، عكا ، اللاذقية ، نابلس .

نواب ولاية حلب ، حلب ، أنطاكية ، عنتاب ، أورفة ، مرعش .

نواب ولاية سورية . دمشق ، حماة ، حوران ، الكرك .

متصرفية دير الزور ، وكانت تبع لديار بكر ، وأشفق عليه وعلى أمثاله من مدعي الثقافة حين يتكلمون عن سوريا ، وهم لا يعرفون أنها لم تكن موجودة يوماً كدولة ، مثل كل الدول القومية التي أنشأتها الحداثة الؤراٍمالية وهي في طور الإستعمار وكنتائج لحروبها ، وإنتصاراتها على بعضها البعض دولاً في الصراع على النفوذ والمجال الحيوي ، والثروات والأسواق.

ثم ينتقل الكاتب مباشرة إلى مفهوم يفيد ان المعارضة السورية كردية وعربية فشلت مع الجميع ،

الواقع لا يمكن للمتتبع فهم كيف أم المعارضة السورية فشلت وأين فشلت والسيد مفلح أحد أفراد تلك المعارضة التي سلمت أمور نفسها إلى الدول الأقليمية ، وإلى القوى التكفيرية الجهادية ، وأصرت على رفع شعارات كان يتم صياغتها في الجوامع قبل أن تنطلق المظاهرات ،وهي التي إستعانت بالفتاوى التي نادت إلى الجهاد في سوريا ، وهي التي تخلت عن أعلام الإنتفاضة لتحل مكانها رايات سوداء نادى أصحابها بحرب السنة ضد الشيعة ، وهي التي كانت ولا تزال تصر على أن الكرد ليس لهم إلا حقوق المواطنة ، وهي التي لا زالت أطرافها تقوم بمساندة كل تلك الجماعات الإرهابية التي إستقصدت الكرد ومناطقهم ، وهي التي ساندت فصائل تدعي تمثيلها ، في كل الهجمات التي سبقت الحرب التي شنتها ولا تزال داعش على المناطق الكردية ، في رأس العين وعفرين وتل أبيض وتل حاصل وكل مناطق الجزيرة .

ثم نراه يقول

لو استطاعت المعارضة السورية ان تحقق اهداف السوريين من غير الكرد ولم تحقق أهداف الكرد السوريين، لقلنا أنها شوفينية وضد طموحات الكرد. هذه المعارضة لم تشكل هيئة من هيئاتها دون ان يكون للكرد حصة فيها، وربما من حيث الثقل أكبر مما يساوي وزن الكورد الفعلي في الثورة. الاسدية في مسارها استطاعت اللعب على المسألة الكردية متداخلة مع المسألة الطائفية في تركيا.

لا يسأل السيد غسان نفسه ورهطه من المعارضة لماذا عجز مع أصحابه في المجلس السوري ثم الإئتلاف لاحقاً عن تحقيق أهداف السوريين

إن كانت المعارضة أياها قد تحولت إلى ممثلة للقوى التكفيرية والظلامية ، تلك التي باتت تصنف السوريين ما بين كافر ومؤمن ، سني وشيعي ، أكثرية عربية سنية ، وأقليات كافرة مرتدة ، وإلى مجرد خدم وحشم .وحولت الصراع بين شعب إنتفض على سلطة ونظام للحكم إحادي ، إستبد بالمضي والحاضر والمستقبل ، توريثاً وتسلطاً ، إلى صراع بين السنة والعلويين والشيعة .

تلك المعارضة التي سكتت عن إمارات جبهة النصرة في حلب عام 2012 ، وإدلب ، وباقي المدن والمناطق السورية ، والتي إدعت تحرير محافظات الرقة ودير الزور ومحافظة الحسكة ،

المعارضة التي كانت تتفرج على تغول التنظيمات الإرهابية وتصفيتهم لمعظم الضباط الأحرار ، والتي كانت تسعى إلى نيل الرضى من الهيئات الشرعية وهي تصدر أحكامها بحق المواطنين السوريين من قطع للأعناتق والأيادي والرجم والجلد في مراسيم يومية شهدتها ولا تزال كل المدن السورية .

تلك المعارضة التي كانت ولا تزال تتطلع إلى إدخال كل تلك التنظيمات الإرهابية والتي نهبت وباعت ثروات سوريا الإستراتيجية ، ونهبت أرزاق المواطنين ،إلى المناطق الكردية ، وإشعال الحرب القومية ونقل نار الطائفية والمذهبية إليها وإلى المكونات فيها .

هذالمعارضة ربيبة البعث ومدارسه القوموية الشوفينية ، والتي تطابقت مصالحهم مع مصالح الدولة التركية متمثلة بالنظام الأردوغاني الذي لا زال يشترط على كل من أراد تشكيل جسم معارض سوري أن يكون تحت عباءة تنظيم الإخوان وبعض الشخصيات السياسية السورية من الذين توقعوا واهمين إن مسألة سقوط النظام لن تكون إلا شهور ويكونون بما قدمه لهم النظام التركي وحلفائه من دول عربية خليجية من دعم وتأييد وضمانات في دمشق حكاماً .

كانت عرى المجلس السوري والإئتلاف لاحقاً تزداد يوماً بعد يوم ، كلما كان النظام السوري يدفع بالصراع إلى الحل الأمني والعسكري ، وكلما كانت تلك المعارضة ترضخ لشروط العمالة للنظام التركي ، وتقدم لها ولاء الطاعة عبر أمرين إثنين .

أولهما ،

رفض القبول بمطالب الحركة الكوردية ، وتأجيل كل ما يطلبون إلى مابعد إسقاط النظام ، وهذا ما تم تثبيته في كل اللقاءات والمؤتمرات , مغ رفض أي كيان كردي ، من قبيل الإدارة الذاتية أو الفدرالية ، ومحاربة أي قوة سياسية تسعى إلى هذا السبيل ، والقبول بهيمنة تلك الكتائب المسلحة ذات الأصول الإسلاموسياسي ، من التكفريين ، والسلفيين والجهاديين ، وعلى رأسهم تنظيم الإخوان الذي إستطاع أن يكون قنوات تتحكم بكل أنواع الدعم السياسي والمالي والعسكري والتسليح ، والمساعدات الإنسانية من غذاء وطبابة وإنعاش ورواتب ومنح وسرقات ورشاوى ألخ .

هذا الحلف غير المقدس بين هذه الأطراف من المعارضة السورية ولظروف التبعية الشاملة للأقليم الكردي في كردستان العراق للنظام التركي ، إستطاعت تركيا وهذه المعارضة التي ينتمي إليها أصحاب كل هذه الدعوات الذين يرون حزب الإتحاد الديمقراطي والمنتمي إلى الحلف الإيراني كما يتخيلون بعقلهم السقيم ، وكما تدفعهم خيباتهم ومرارة هزيمتهم أمام السلجوقية العثمانية ، والفكر الإرهابي ، ولعجزهم البنيوي عن التخلص من الفكر القوموي الذي ورثوه غن دولتهم القوموية البعثية ،يجدون أنفسهم أمام مشروع كردي ، مدني حضاري ثوري ، تقدمي إنساني ، إستطاع الحفاظ على الثورة السورية من خلال العمل على إنتصارها في بعدها الآخر، الثورة الكردية التي إنطلقت عقب الثورة السورية في أذار وبدأت في 19اتموز من عام 2012 ،

إستطاعت طرد النظام من منطقة كوباني وكل ريفها ، لتنتقل الثورة إلى كل مناطق الكرد في روج آفا ، وتتشكل نواة وحدات حماية الشعب التي كان ولا يزال هدفها ، وكما بينت الوقائع والأحداث ذلك بوجود كل أبناء المكونات فيها إضافة إلى أكثر التيارات السياسية ، بأنها قوة دفاعية للشعب الكردي وللمكونات المتآخية في كل مناطق مقاطعات الإدارة الذاتية ، للحفاظ على وجوده وهويته ، ولأجل إرساء قيم أخلاقية وإخرى إجتماعية وسياسية ، قوامها السلم الأهلي بين المكونات ، وتقديم إمكانية العيش المشترك على أسس من المنافع والمصالح المشتركة ، وعلى التعريف بالهوية المتعددة لهوية قد تكون جامعة ، والقبول المتبادل للأخر كما كل مكون على سجيته ، فكان لا بد من الإعلان عن العقد الإجتماعي الذي حدد حقوق وواجبات الكرد والعرب والأشور والسريان والتركمان ، وبين السنة والشيعة والعلويين والدروز ، والإسماعيليين ، والإيزيديين ، وحق الإعتقاد والتفكير والقبول بالتداول السلمي للسلطة ، وبناء الدولة العلمانية الديمقراطية القائمة على القبول بالإختلاف والتنوع ، وا‘تراف بحقو الجماعىة بالتوازي مع حقوق الفرد . وعن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وبناء مرسسات المجتمع بكافة مسمياتها ، مع تأمين كل يمكن تأمينه من مقومات الحياة ، والحفاظ على البنية التحتية وتطويرها .

ليس حزب الإتحاد الديمقراطي وحده من كان وراء هذا المشروع الحضاري المستمد من فكر الزعيم الكردستاني أوجلان وفلسفته التي إستطاعت التأثير ليس في الكرد فقط بل في كل شعوب المنطقة ،وإنما وقفت معها قوى سياسية شعرت بمسؤولياتها إتجاه الشعب وأجزاء كتبيرة من المكونات الأخرى التي رأت تطابقاً لمصالحها مع هذا المشروع الثوري حتى باتت تلك المصطلحات والمفاهيم في السياسة والمنطق والفلسفة اليوم ، تجد لها تطبيقاً عملياً على أرض الواقع .

ففي الحين الذي ، يقتل فيه السوري أخاه فقط لإنه علوي أو سني أو مسيحي ، وبينما نرى أن تلك المعارضة قد قسمت سوريا ومزقتها بين إمارات وولايات ودولة للخلافة ، والديمقراطية باتت بيعة ، والنساء السوريات سلعة ، وإماء وسبايا ، وأن كل تلك النضالات التي دفعت النخب الفكرية السورية حياتها ثمناً لترسيخها في المجتمع ، من الفصل بين السلطات ، والدستور ، وسلطة القانون والعدالة الإجتماعية ، والحق في الإختلاف والتنوع ، وبعد أن أصبح الثوار مجاهدون ، والقانون حكم الشريعة ، وإقامة الحدود ،

نرى اليوم أن سوريا في مناطق روج أفا كردستان ، ورغم كل العزوات ، والخراب والدمار ، وتعرض كل مناطقها للجرائم ومحاولات التهجير والقتل ، والخطف ، إستطاعت وبفضل تلك الثورة التي إستطاعت أن يكون فيها السوري كردياً بلغته وهويته ، وكذا السرياني والآشوري ، والعربي .

ونرى كما يرى ذلك كل تلك الوفود والمنظمات الزائرة لتلك المقاطعات وكما يتلمسه الجميع أعداء ً كانوا أم أصدقاء أحبوا الكرد أم كرهوهم ، أن السوري كما هو ، العربي والتركماني والأشوري ، والسرياني ، الشيعي أو العلوي ، السني ، والدرزي ، والمسيحي ، والإيزيدي ، الملحد والمؤمن ، العلماني والمكتدين ، فقط يستطيعون العيش معاً ويتجولون في كل تلك الأراضي اايعة التي تقع تحت حماية مقاتلين بارعين ، تجمعهم مع الناس والبشسر صلة الإنسان بالإنسان . فقط في تلك المناطق الناس أحرار ، ولا يقتلون بعضهم البعض إنهم سنة وشيعة ولا لإنهم كرد أو عرب ـ أو سريان وأشور .

روج أفا وبفضل الثورة الشاملة والتي تناولت السياسة والفكر والثقافة ، قبل أن تتناول السلطة ومفاسدها ومغرياتها ، إستطاعت أن تبدأ بتفيير المجتمع عبر تنظيمه ، وتفيير الواقع عبر تغيير القيم والمفاهيم ، والوعي .

هذا ما يدفع غسان مفلح ، والكيلو، وجعارة ،وغيرهم وأمثالهم إلى القبول بداعش والنصرة ،/ وجيش الإسلام ، بل حتى بالنظام لإنهم وجهه الآخر .

ويدفعهم إلى إعلان الحرب على حزب الإتحاد الديمقراطي ، لإنه إستطاع أن يبني هذا الصرح المدني الحضاري الديمقراطي الإنساني ، وهذه القوة التي هزمت كل من إعتمد عليهم النظام التركي ، ومرتزقة الإئتلاف ، والمجلس السوري ، وأمثالهم من الهورباكيين الكرد من أمثال صلاح بدر الدين وعليكو وأمثاله ، من بعض الأشخاص في المجلس الكردي ، تابع أتباع التابعين .

فقط لإنهم أفشلوا ثورة الشعب السوريي وقادوه إلى الهلاك والدمار ، والبؤس ، والمجازر ، والتشرد ، والى العداوة المطلقة بين المكونات والشعوب وزالمذاهب والأديان .

ولإن حركة التحرر الكردية وبمشروعها الحضاري ، وقوة الإرادة ، إستطاعت النصر على كل أصحاب هذه المشاريع ، وعلى قوى الشر والظلام والعنصرية ، والمذهبية والطائفية ،

مشروع الأمة الديمقراطية التي تعيش في جمهورية ديمقراطية ،

. كان حامل التغيير فيها هم الكرد متمثلبين بطليعتهم الثورية ، بفكرها الأوجلاني ،

زر الذهاب إلى الأعلى