مقالات

تنبهوا واستفيقوا أيها السوريون

رياض يوسف

كلماتٌ في بيتِ شعرٍ قالها إبراهيم اليازجي مخاطباً العربَ آنذاك، وككاتبٍ سوريٍّ اليوم؛ اسمحُ لنفسي واعتذرُ لليازجي عنْ تغييرِ كلمةِ العربِ باسم السوريين، لأنَّ زمنَ العنصريةِ والإمحاءِ والإقصاءِ يجبُ أنْ يذهبَ دونَ رجعة، أقولُ السوريون لأنَّ هنالكَ الكثيرُ منَّ الأخوةِ يعيشونَ على أرضِ سوريا؛ العربُ والكردُ والسريانُ والآشورُ والشركسُ والتركمانُ والكثيرُ منَّ الأديانِ التي تشاركتْ هذهِ الأرضَ منذُ مئاتِ السنين، أقولُ السوريونَّ لأنَّ الخطرَ يهددُ كلَّ السوريينَ دونَ أدنى تمييز؛ بغضِّ النظرِ عما تتداولهُ بعضُ القنواتِ التلفزيونيةِ للأسف؛ وبعضُ صفحاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ هنا وهناك، وكلها مدفوعةُ الثمن؛ وتتكلمُ وتنشرُ دونَ أدنى مراعاةٍ لسياسةِ وشروطِ النشرِ والمصداقيةِ في تناولِ الأخبار. كلها تعملُ لصالحِ أجنداتِ دولٍ لها اليدُ الطولى في هذهِ الأزمةِ التي تجريّ في بلادنا لأكثرَ منْ سبعِ سنوات، أكثرَ منْ سبعِ سنواتٍ والفاتورةُ الكبرى يدفعها الشعبُ السوريُّ دونَ التمييزِ بينَ دينٍ أو قوميةٍ أو أثنيةٍ أو ملةٍ أو طائفة.

تنبهوا واستفيقوا أيها السوريون؛ فإنَّ الغدرَ والخيانةَ والسبيَّ والاستعبادَ والاستملاكَ والسيطرةَ والاحتلالَ باسمِ الدينِ المحمديِّ الشريفِ يحاولُ أنْ يعودَ إليكمْ منْ جديد (وقدْ وصلَ إلى بعضِ المناطقِ بالفعل)، ولكنْ باسمِ الدينِ فقط، دونَ أنْ يحملَ في طياتهِ أيُّ صفةٍ أو تشابهٍ أو مصداقيةٍ للدينِ الحنيفِ كما فعلوها في غابرِ الأيام؛ حينَ احتلَ السلطانُ سليم الأول بلادَ الشامِ بأكمله بتاريخ 24/ أغسطس – آب/ منَّ العام السادسِ عشر وخمسمائة وألف، ثمَّ انتقلَ إلى مصر، ومارسَ التتريكَ والاضطهادَ والقمعَ على كلِّ سكانِ البلادِ لما يقاربُ الأربعمائة عام، كما يحدثُ في جرابلسَ والبابَ الآن، وهذه بداياتها.

نَصَبَ للمناضلين وللثوارِ والمثقفين والبارزين الخوازيقَ والمشانق، وضربَ رؤوسهم في الأعناقِ بالمقاصلِ في الساحاتِ العامة، نشرَ الجهلَ والتخلفَ والتفككَ والإجرامَ والفقرَ والعوزَ والانقسامَ بغرضِ إخضاعِ الشعبِ والتحكمِ بهِ ونيلِ مراده، اغتصبَ الحرائرَ وجعلَ منهنَّ حريماً أو جوارٍ أو خدماً وحشماً للسلطانِ ورجالهِ لينالوا منهنَّ مايريدون، كما يجري في المخيماتِ التركيةِ وبينَ الأزقةِ القذرةِ في مدنها اليوم، تاجرَ بأرواحِ اللاجئينَ السوريينَ في البحارِ والجبال، وجعلَ منهمْ مطيّةً وورقةَ ضغطٍ على الدولِ الأوربيةِ لتمريرِ سياساتِ بلادهِ أيضاً، وليسَ خدمةً أو رحمةً وشفقةً ومحبةً بالسوريين، قتلَ الأطفال، الجرحى منَّ الرجالِ والنساءِ والشيوخِ قامَ بالمتاجرةِ بأعضائهم، (وقد اثبتتْ التهمةُ بوثائقَ واثباتاتَ منْ شركاتِ أدويةٍ عالميةٍ ووكالاتِ استخباراتٍ سرية).

 جاءَ ودخلَ سوريا وتمددَ فيها بغيةِ الاحتلال، وليعيدَ أمجادَ الدولةِ العثمانية، نَهَبَ خيراتها منَّ الآثارِ والمعاملِ والمصانعِ والنفطِ الخامِ منْ خلالِ مرتزقتهِ وأزلامه، فتحَ بابَ الحدودِ على مصراعيها لكلِّ مجرميّ العالمِ منَّ الصينيينَ والشيشانيينَ والأفغان باسمِ إسلامه هو؛ الإسلامُ الراديكالي، ليتمكنَ منْ وضعِ يدهِ على ترابِ سوريا، وتمريرِ اجنداتهِ القذرة. وفي أقربِ فرصةٍ لهُ وأولِ مقابلٍ له، باعَ المعارضةَ وحلب (بعد سحب جنوده الأتراك)، باعها إلى الروس الإيرانيين مقابلَ جرابلسَ والباب.

كلُّ هذا قامتْ بهِ تركيا في الماضي بقياداتٍ مختلفة، واليومْ تعيدُ تركيا محاولةَ لعبِ نفسِ الدورِ ولكنْ هذهِ المرة بقيادةِ اردوغان التركيِّ العثمانيِّ الطورانيِّ العدوِ اللدودِ للعربِ كما الكرد.

لذلكَ للسوريينَ كلمةٌ؛ وللعربِ الحاقدينَ على الشعبِ الكرديِّ خاصةً، وللفرحينَ بدخولِ القواتِ التركيةِ إلى الأراضي السورية، وقصفها لمدينةِ عفرين ومناطقها ومناطقِ الشمالِ السوريِّ ناسينَ أو متناسينَ كلَّ هذهِ الأعمالَ والتصرفاتَ والحيثياتَ التي جرتْ ومازالتْ تجري بحقهم منَّ الدولةِ التركيةِ بقيادةِ اردوغان “كفاكم تصفيقاً وترحيباً بدباباتِ العثمانيينَ المحتلينَ القدامى والجدد، توقفوا عن الحماقاتِ التي ستدفعونَ ثمنها لاحقاً منْ جغرافية أرضكم التي يُنْصَبُ عليها الخوازيقُ منْ جديد، وكفاكم حقداً وعنصريةً ضدَّ الشعبِ الكرديّ، كفاكم شوفينيةً ضدَّ الكردِ فهوَّ شعبٌ أثبتَ أنهُ لا يغدرُ بجيرانهِ واخوانه، وهوَّ يبحثُ عنَّ الحرية، ولهُ مشروعُ الأمةِ الديمقراطيةِ التي يتغنى بها ويعملُ بها ليلَ نهار، والذي يستندُ إلى أخوَّةِ الشعوبِ والعيشِ المشترك، كما يطالبُ بالفيدراليةِ الديمقراطيةِ التي بدأ بها على أرضِ الواقعِ في الشمال السوري، وكذلكَ بلا مركزيةِ الحكمِ ضمنَ حدودِ الدولةِ السورية. وافقَ على عريضةٍ قُدِّمَتْ كمشروعِ حلٍ للتصالحِ بينَ قواتِ سوريا الديمقراطية وبينَ الفصائلِ السوريةِ الأخرى بشكلٍ رسميٍّ وببيانٍ رسميّ، وكانتْ بنودُ العريضةِ تطالب بـ :” 1- اسقاطُ النظامِ السوريّ 2- ضمانُ وحدةِ البلادِ والأراضي السوريّة 3- الابتعادُ عنَّ الاجنداتِ الخارجية 4- محاربةُ الفصائلِ المتطرفة، ولكنْ المعارضةُ رفضتها لأسبابٍ أُمْليتْ عليها وأيضاً للأسف.

الكردُ والعربُ والسريانُ والأرمنُ والآشورُ والشركسُ والتركمانُ وكلُّ الشعبِ السوريِّ أخوةٌ في العيش، وشركاءَ في الأرض، لتعودوا إلى رشدكم وتتركوا المحتلَّ التركيَّ وتعودوا إلى حضنِ الوطن، إلى حضنِ سوريا، ولا تكنْ سلعةً أو وقوداً في الحربِ والأطماعِ التركية على بلدك، ولتتفاهم مع أخوتك الكُرد ولتضعَ يدكَ بيدهِ لترسمَ مستقبلَ بلدكَ دونَ التخطيطِ التركيِّ العثمانيِّ الذي لا يعترف لا بكَ وبالكرديّ (هو يعملُ لمصلحتهِ فقط)، وتجلسوا إلى طاولةٍ مستديرةٍ وتنهوا كلَّ الخلافاتِ وكلَّ الحقدِ الذي زُرِعَ بينكم بقصد، وتعيدوا البسمةَ إلى وجوهِ ما تبقى منَّ الشعبِ السوريّ، وللتوحد كلُّ القوى الوطنية وتشكلَ قوةً واحدةُ تتحكمُ بكلٍّ شاردةٍ وواردةٍ في أرضكم ودولتكم.

كفى قتلاً كفى تدميراً كفى تشريداً كفى هجر….. وكفى

فطالبُ الحقَّ والديمقراطيةِ وصاحبُ الأرضِ لنْ يستسلمَ ولنْ ييأسَ ولنْ يرضخَ لأحدٍ مهما بلغَ ظلمهُ وغدرهُ وجبروتهُ… كلمةٌ للتاريخِ يجبُ أنْ تُقال.

زر الذهاب إلى الأعلى