مقالات

تخبطات تركية الإرهابية في عفرين الكردية

يصرح الساسة والقادة العسكريين الأتراك يومياً العشرات من التصريحات المرتبكة والمتناقضة لموضوع واحد يتعلق معظمها بحربهم الإرهابية الاجرامية على الكورد في روج افا عموماً وعفرين خصوصاً ، لكن ما هم متفقين عليه هو الإستمرار في إستخدام أذرعهم العسكرية والتي تُمارس الوحشية ضد منطقة آمنة أرضاً وسكاناً .

كل ما يصدر عن هؤلاء المجرمين والذين يغتصبون السلطات في تركيا ليست سوى تهديدات ووعيد بالسحق والأمحاء لشعب كامل مختلف المكونات والاعراق جار لهم يعيش على أرضه قبل ان ياتوا الأتراك أنفسهم إلى المنطقة ، من أكثر الأمور التي تغيظ وتقض مضاجع الأتراك هي العلاقات الأمريكية مع الكرد في روج افا وشمال سوريا ، وإستمرار أمريكا بتقديم الدعم العسكري لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ، وتفضيل أمريكا التعامل مع YPG لمحاربة داعش على التعامل مع الأتراك في نفس السياق
.
سابقاً صرح مراراً المسؤولين الأتراك ومن أعلى المستويات أن ترامب أو القيادة العسكرية الأمريكة وعدتهم بايقاف الدعم العسكري للكورد في الشمال السوري ، لكن تبين فيما بعد زيف وكذب تلك الإدعاءات بعد أن إستمرت أمريكا بالالتزاماتها ووعودها تجاه حلفائها المقاتلين من قوات سوريا الديمقرطيه او الـ YPG وإستمراراً في التصريحات الصادرة عن القادة الأتراك اليومية والتي تكاد تكون آنية وكل ساعة عدة مرات منذ بدء عمليتهم الإرهابية ضد عفرين المقاومة والصمود ، والتي لم تحقق اَي نجاحات وتقدم على الأرض حتى الان ونحن ندخل اليوم العاشر منه ، ورغم التحضيرات الكبيرة والضخمة وإستخدام كافة انواع الأسلحة وبمشاركة معظم فصائلهم وقواتهم العسكرية إضافة الى جلب اكثر من 25 ألف مرتزق معهم من الفصائل السورية المتطرفة والإرهابية والتي غيرت ولاءاتها حسب الفائدة المادية والمصالح الشخصية ، وليس كما يدعون بالدفاع عن الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والديمقراطية ، وهذا يتضح جلياً عندما ندقق بهويات الذين قتلوا منهم على أبواب قرى عفرين فهم في معظمهم من مواليد مناطق الداخل السوري من حمص وحماة وإدلب وحلب … إلخ، وهذه المناطق لا تزال تحت سيطرة قوات النظام او جبهة النصرة وداعش .

تركيا زجت بهؤلاء في معركة ضد الكورد لزيادة العداء بين القوميتين العربية والكردية في غاية منها لتبقى تلك الفصائل والمجموعات بحاجة لتركيا بعد أن قطعت أمريكا الدعم عنهم سابقاً بسبب تحالفاتهم مع داعش والنصرة وإعطاء السلاح او بيعه لتلك التنظيمات الإرهابية والتي حصلت عليه من أمريكا .

عودة الى العلاقات الأمريكة التركية وإتساع هوة الخلافات خاصة ونحن نسمع التصريحات النارية من قبل الأتراك ضد أمريكا ، تركيا لا تستطيع استيعاب فكرة إن حليفتها أمريكا في الفترة المنصرمة فضلت الكورد عليها ، تركيا تريد أن تبقى أمريكا حليفتها وحدها وتقف الى جانبها وحدها وأن تكون الفائدة لها وحدها – سواء كانت محقة فيما تقوم به وتدعيه أو غير محقة – المعادلة هنا تختلف بالنسبة لأمريكا فهي تعتمد على حسابات ومصالح ومنظور يترجم سياستها متعددة الإتجاهات في منطقة معقدة جداً أنهكتها الصراعات ، والتي لا تبشر القراءات والتوقعات نهاية لها في الوقت الراهن او المستقبل القريب خاصة دخول تركيا في الصراع بكامل ثقلها وقوتها ، فقبل يومين فقط أعلن الناطق باسم الرئيس التركي ” ابراهيم كالين ” إن مستشار الرئيس الامريكي لشؤون الأمن القومي ” هربرت ريموند ماكماستر” قال لهم ” إن واشنطن لن تسلم بعد اليوم أسلحة الى وحدات حماية الشعب الكردية ” ، هذه التصريحات تكررت على لسان المسؤولين الأتراك وإعلامهم مراراً ، لكن الأمريكين نفوا تلك الأنباء وأكدوا انهم مستمرون في تقديم الدعم لحليفهم الاول في محاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش حتى بعد القضاء على داعش لمنع عودة التنظيم الارهابي مجدداً مستقبلاً ، و قال أمس ” تشاوش اوغلو” أن ” على القوات الأميركية الانسحاب فوراً من منبج ” ، أرودوغان يكرر نفس الطلب ويقول ” إنهم سوف يتجهون شرقاً نحو الحدود العراقية بعد منبج ” ، واليوم صرحت الحكومة التركية إن الولايات المتحدة الأمريكية ” لم تف بوعودها لتركيا بشأن دعم الكورد وتصريحاتها لا تتوافق مع أفعالها على الارض ” .

هذه الابتزازات والتهديدات التركية الموجهة للجميع والتي لم يسلم منها احد دعماً لمصالحها وغايتها في احتلال أراضي جديدة كانت ولا تزال تمارسها تركية ، فسياسة التتريك واضحة المعالم في المناطق التي لم يمضي أشهر على إحتلالها في مناطق إدلب وقبلها في جرابلس واعزاز ، تركيا لا تقوم بسياسة خبيثة وعدوانية فحسب في المنطقة وإنما تقوم بتهديد الأمن والسلم العالمي في استغلالها للسوريين اللاجئين على أراضيها ، ففي الوقت الذي كانت ولا تزال تستغلهم كقنابل بشرية في عمليات إرهابية بسورية تارة ورأس حربة في ابتزاز الأوربيين لإغراقهم بموجات لاجئين بين الحين والآخر تارة اخرى، التفتت مجدداً نحو الكورد وحقوقهم المشروعة وتدمير مكتسباتهم بنفس الاداة وبطريقة مختلفة
.
فهل يمكن الاعتماد على القوى والمنظمات العالمية و القيام بواجباتها لردع آلة الاٍرهاب والاجرام التركي وفضحها ؟

وهل ستقوم الدول العظمى والفاعلة بدورها تجاه العدوان التركي على شعب وأرض مسالم  كي تكون لائقة مع مقاومة العصر في عفرين وإصرار شعبها المقاتل على نيل حريتهم؟

سؤالين يبدوان بسيطين للوهلة الأولى ولكنه سيكون لعدم الإجابة عنهما في السرعة القصوى آثار كارثية على الأرض إنسانياً وعلى مستوى المجتمع الدولي أخلاقياً وسياسياً .

محسن احمد

زر الذهاب إلى الأعلى