مقالات

المرأة والسياسة في الديمقراطية

المرأة هي الأبجدية التي تبرز من خلالها هوية المجتمع ورقيه وتطوره في السلم الاجتماعي، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية من أهم عناصر العملية الديمقراطية وتُقاس مدى درجة نمو المجتمع بمقدار قدرته على دمج النساء في قضايا المجتمع وتعزيز قدراتهن للمساهمة في العملية التنموية.

لكن للأسف بمجرد دخول المرأة الحياة السياسية تبدأ القيود تزداد عليها لتحافظ على منظومة العادات والتقاليد وسطوة المجتمع الذكوري، ومن أهم العوامل التي شكلت عائقاً أمام المرأة للانخراط في العمل السياسي:

السياسة الرأسمالية في العالم الذي يعتمد التمييز على أساس الجنس في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

سيادة المفاهيم المعادية لحقوق المرأة في المجتمع، وعدم تقبل المجتمع لعمل المرأة بالإضافة إلى التسلط الذكوري على إدارة الدولة ومؤسساتها وسوق العمل واحتكار المناصب العليا من قبل الرجال، وتقسيم الأدوار التقليدية بين الرجل والمرأة، حيث تتحمل المرأة العبء الأكبر في تربية الأطفال ورعاية الأسرة وقلة وجود منظمات نسوية ناشطة في الدفاع الحقيقي عن المرأة.

لكن مع ظهور حركات التحرر النسائية في العالم استطاعت المرأة تنظيم نفسها وناضلت من أجل حريتها واتخذت من النضال الديمقراطي أساساً لها؛ لذلك اعتبر انطلاقة عظيمة في تاريخ الساحة العالمية، واعتبرت الحركة التحررية انطلاقة عظيمة في تاريخ المرأة الكردية عندما تغيرت نظرة المرأة لمفهوم العمل السياسي وضرورة النضال من أجل تحررها كامرأة.

فقد اثبتت أنها لا تقل وعياً عن الرجل فكانت من مؤسسي الأحزاب السياسية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي PYDوتجلت مشاركتها مناصفة مع الرجل في صنع القرار.

وأثبتت أنها المرأة القوية التي ترسم لنفسها مساراً مختلفاً عما يتوقعه منها المجتمع وهي التي لا ترضخ للمخاوف التي في داخلها وستنتصر تحت شعار مفاده النضال المشترك للنساء هو ضمان الثورة الحقة، فالمرأة هي القوة الأساسية التي تقوم بدمقرطة المجتمع والسياسة وقد حان وقت تفجير الطاقة الكامنة في المرأة وتسخيرها في نضال السلام والديمقراطية والانتقام من العبودية لأنها الوحيدة القادرة على خلق التوازن بين الأخلاق والسياسة والفكر.

فالسياسة تعني الإدارة وهي موجودة منذ الوجود البشري كمجموعات فما دامت مجموعة بشرية تحيا مع بعضها البعض تحمي نفسها ضد الأخطار وهناك تشارك واقتسام الوظائف فهذا يعني السياسة وهي مساحة حرية المجتمع التي تزداد فيها التطور معنىً وإرادة وهو ادراك المجتمع لذاته وهويته فكراً وممارسة بينما تكتب السياسة الديمقراطية لدى بلوغها القدرة على الإدارة الذاتية؛

هنا نجد أن المرأة وعلاقتها بالسياسة والحرية هي قضية من أكثر القضايا الإنسانية التي حازت على اهتمام التاريخ على أنها أول من اكتشفت الزراعة وروضت الحيوانات ورعت الأطفال، ولكن اعتماد السلطة على الفروقات الطبقية تمخضت عن الدولة والتمييز الجنسي والعنصري، وعزل المرأة وتهميشها عن تاريخ السياسة هي بمثابة سقوط للإنسانية والشعوب وقد ظهرت شخصيات نسائية  عبر التاريخ مثل امرأة الصحراء (زنوبيا) رمزاً لحب الوطن والشعب وفضَّلت الموت على الذل والإهانة.
(نفرتيتي) كردية الأصل لعبت دوراً بارزاً في توثيق العلاقات الدبلوماسية والسياسية

(كليوبترا) دافعت عن وطنها وجاهدت لتحقيق آمالها وطموحاتها.

(شجرة الدر) كانت تدير شؤون البلاد بكفاءة سياسية.

والمرأة الكردية أكثر انضماماً إلى الحياة الاجتماعية من المجتمعات الأخرى لأن الكرد لم يعايشوا التمييز الطبقي العميق في المرحلة المسماة بالعبودية رغم هيمنة السلطة الأبوية، ويعود لتأثير العشائر القاطنة في أحضان الجبال والتي ساهمت في محافظة الكرد على ثقافتهم وحرياتهم.

وليلى قاسم مثال المرأة الفدائية الوطنية الواعية المثقفة المفعمة بروح المسؤولية تجاه الوطن.

عصرنا عصر ميلاد الشعوب؛ فميلاد المرأة يؤدي إلى مستوى تحرري عام وحصول العدالة في كافة المؤسسات واحلال السلام لابد من السمو والارتقاء به وعصر الحضارة الديمقراطية عصر تسمو فيه المرأة وتنتصر في نضالها أكثر من أي مرحلة مضت اذ يستحيل بلوغ النصر النهائي للمجتمع الديمقراطي إلا بالمرأة فيقظة المرأة وبلوغها مكانتها على مسرح التاريخ كقوة ريادية للمجتمع تمثل حقاً أطروحة مضادة.

فالمرأة المنتصرة والسياسية تعني المجتمع المنتصر والفرد المنتصر على جميع المستويات ومن أهم الحقوق التي تحقق للمرأة المكانة التي تطمح إليها في المجتمع  تحصيلها العلمي الدراسي واستقلالها الاقتصادي والمشاركة في صنع القرار السياسي.

وهكذا تتحقق للمرأة المكانة التي تطمح إليها في المجتمع وتوفر الأرضية الملائمة لولادة طموحات تليق بالأجواء الديمقراطية لأي مجتمع كان، وهذه الحقول الثلاثة هي تحصيل حاصل لتحول المجتمع إلى الديمقراطية التي تهدف إلى الحراك لتطوير العمليات الديمقراطية ضد الجرائم المرتكبة بحق المرأة والمطالبة بحق تعلم لغة الأم لترسخ النظام الكونفدرالي في غرب كردستان وتطوير نظام الدفاع الذاتي ضد العنف بحق المرأة، والمبادئ العامة لتحقيق الديمقراطية السياسية الثقافية الاجتماعية التي تطمح إليها.

زر الذهاب إلى الأعلى