مقالات

الذكرى العشرون لتأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي

أسعد منان

ونحن نقترب من الذكرى العشرين لتأسيس حزبنا، حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، والذي يُعتبر حزباً فتياً بالعمر مقارنةً مع الأحزاب العربية السورية والكردية منها، ونستطيع أن نقول بأن حزبنا قد حقّق إنجازات عظيمة لم يحققها أحزاب عمرها مئة عام. فالحزب الشيوعي السوري ورغم دعم الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية العالمية له، لم يستطيع أن يحقق آمال الجماهير في تحقيق النظام الاشتراكي والعدالة الاجتماعية، وظل رهينةً الانحرافات والانشقاقات.

كذلك حزب البعث الذي تأسس على أساس فكر قومي عربي شوفيني ومنذ استيلائه على الحكم بانقلاب عسكري عام ١٩٦٣ كرّس مفهوم الدولة القومية الواحدة ولم يعترف بحقوق المكوّنات، وألغى الحياة السياسية الديمقراطية وحَكَمَ البلد بقبضة من حديد عن طريق الفروع الأمنية واستعمال القوة المفرطة ضد أي معارضة لسلطته، مما أوصل البلد إلى وضع شبه انهيار على كافة الصعد.

كذلك فإن الأحزاب الكردية والتي تأسس أول حزب منذ عام ١٩٥٧ لم تتمكن من تحقيق أي طموح للشعب الكردي أو حل القضية الكردية في إطار دولة سوريا، بل عانت هذه الأحزاب كثيراً من الانشقاقات وصراع القيادات وتشرذمها وتدخّل الاستخبارات السورية والتعامل الأمني الدوني لها.

إلى أن جاء تأسيس حزبنا “حزب الاتحاد الديمقراطي PYD” في ٢٠/٩/٢٠٠٣ بشكل مغاير تماماً لكل أحزاب الحركة الكردية في سوريا، فحزبنا تأسس على مبادئ وأفكار القائد عبد الله أوجلان المستندة إلى الحضارة الديمقراطية ورؤيتها للدولة القومية بأنها البلاء على رؤوس شعوب المنطقة، وتطوّرت هذه المبادئ فيما بعد إلى مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب والإدارات الذاتية،

ونتيجة النضال والتضحيات الجِسام تمكن حزبنا من تحقيق ثورة عظيمة على مستوى روج آفاي كردستان وسوريا، وتكلل هذا الانتصار بثورة /١٩/ تموز التي أدت إلى تحرير “روج آفا” من نظام البعث القمعي وإعلان الإدارة الذاتية في مقاطعات الجزيرة وكوباني وعفرين، وبعد القضاء على الدولة الإسلامية وخلافة داعش تم توسيع مناطق الإدارة الذاتية لتشمل منبج والطبقة والرقة وديرالزور، ونستطيع القول بأن ثورة الشعب السوري تحققت في شمال وشمال شرق سوريا فقط؛ لأن ما سميت بالمعارضة السورية والأجسام التي شكلتها مثل المجلس الوطني السوري وائتلاف قوى المعارضة وجميع فصائلها العسكرية أصبحت دميةً بيد الدولة التركية وحكومة رجب طيب أردوغان ودولت باخجلي، وعن طريقها تمكنت الدولة التركية من احتلال أراضي واسعة من سوريا، كذلك قامت تركيا بإرسال مقاتلي هذه الفصائل كمرتزقة لتحقيق مصالحها في ليبيا وأذربيجان والعديد من الأماكن الأخرى، وبدل من هدف إسقاط نظام حزب البعث وتحقيق سوريا ديمقراطية، أصبح هدف الجميع (المعارضة والسلطة السورية والدولة التركية ونظام الملالي الايراني) هو القضاء على مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا ما تجلى بشكل واضح في أحداث ريف ديرالزور، فالكل اتّحد رغم كل خلافاتهم وصراعاتهم ضد قوات سوريا الديمقراطية؛ لأنها أرادت محاكمة بضع مسؤولين فاسدين على رأس مجلس ديرالزور العسكري.

لذلك قاموا بدعم المستفيدين والفاسدين والذين استخدموا صلاحياتهم وقواتهم العسكرية للإساءة إلى الشعب ومحاولة تشكيل إمارات تعمل على نهب البترول والإتجار بالمخدرات، وجعلوا منهم أبطال ودعموهم باسم “فزعة العشائر” وبأن الكرد يسيطرون على كل الإدارات، وأرادوا أن يخلقوا صراعاً كردياً عربياً ليتمكنوا من القضاء على قوات سوريا الديمقراطية وإنهاء تجربة الإدارة الذاتية؛ لأنهم يدركون بأن نجاح هذه التجربة ستكون نهاية نظام الدولة القومية في سوريا وتركيا وإيران وكل المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى