مقالات

الحسناء والوحش وما بينهما


حسين فقه
تتأمل وجه الوحش رغماً عنك لقربه العدائي الملاصق لوجهك، فتستدرجك تضاريسه إلى كابوس جحيمي لا ترى فيه إلا فرائسه وضحاياه مشبوحين على خلفية تحيلك إلى صورة المستذئب لحظة تحوله لهيئة ذئب، ذلك الفم المزموم حقداً وكراهية لأردوغان والذي يستطيل إلى الأمام بشحمتين متدليتين على طرفي الفم لترسم ملامح الشدق، وذلك الإنتفاخ المترهل لجلدة العين مصحوباً بنظرة المفترس بحدقتين مفتوحتين لعينين ضيقتين منغوليتيتن.هو صورة الوحش متجلٍ بإسهاب لرغبة إراقة الدم والتلذذ بألم الآخر، سادية أتقنها أسلاف أردوغان وأرطغرول في سهوب الأناضول غزاةً وفاتحين وعثمانيين بالصدفة كـ “دولة”.
عثمانية الصدفة
لمعرفة أرطغرل وعثمانية الصدفة تفيدنا الويكيبيديا بالتالي: ” كان أرطغرل بن سليمان شاه قائداً لإحدى قبائل الترك النازحين من سهول آسيا الغربية إلى بلاد آسيا الصغرى (الأناضول)، وكان راجعاً إلى بلاد العجم بعد موت أبيه الذي غرق عند اجتيازه نهر الفرات قرب على بعد 250 كم جنوب غربي مدينة ماردين التركية ومازال قبره هناك. شاهد أرطغرل جيشين مشتبكين فوقف على مرتفع من الأرض ليمتع نظره بهذا المنظر المألوف لدى الرُحّل من القبائل الحربية، ولمّا آنس الضعف في أحد الجيشين وتحقق انكساره وخذلانه إن لم تُمدّ إليه يد المساعدة، فدَبّت فيه النخوة الحربية ونزل هو وفرسانه مسرعين لنجدة أضعف الجيشين، وهاجم الجيش الثاني بقوّة حتى وقع الرعب في قلوب الذين كادوا يفوزون بالنصر، لولا هذا المدد الفجائي، وأَعمَلَ فيهم السيف والرمح ضرباً ووخزاً حتى هزمهم شرّ هزيمة، وكان ذلك في أواخر القرن السابع للهجرة النبوية”.
بعد تمام النصر، عَلِم أرطغرل بأن الله قيّده لنجدة الأمير علاء الدين كيقباد الأول (616-634 هـ / 1219-1237م) سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة آل سلجوق بموت السلطان ملكشاه في 10 شوّال 485 هـ الموافق فيه 18 نوفمبر 1092م. كافأه الأمير علاء الدين كيقباد الأول على مساعدته له بإقطاعه عدة أقاليم ومدن، وصار لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا على أرطغرل ورجاله. و كان عقب كل انتصار يُقطعه أراضٍ جديدة ويمنحه أموالاً جزيلة، ثم لقَّبَ قبيلته “بمقدمة السلطان” نظراً لوجودها دائمًاً في مقدمة الجيوش وتمام النصر على يديه. لما توفي أرطغرل سنة 687 هـ (1288م)، قام الأمير علاء الدين كيقباد الثالث بن فراموزس بتعيين عثمان بن أرطغرل أصغر أولاد أرطغرل مكان والده، وظل عثمان مخلصاً للدولة السلجوقية حتى سقطت، فقام بتأسيس الدولة العثمانية.
بهذا الارتزاق مُنِح أرطغرل آراض ليست له من غاز لأراض ليست له، ليرثها لابنه عثمان ويعلن دولته الصدفة المؤسسة على حد السيف والغزو سلباً ونهباً لشعوب المنطقة، ولا زال أحفاده على ذات الخلق الوحشي لتتجلى غريزة الذبح، و بنوّة من يبحث عن أصلٍ لا جذر له، وتاريخ منثور في الريح كسم يقتل في تلامسه أي حياة. عثمانية الغزو ودولة الصدفة.
وفي البحث عن معنى عثمان وسلالات الثعابين والأفاعي وفصائل الهبل الطائر عطشاً، تقول المعاجم: “الحيَّة، فرخ الحيَّة، فرخ الحبارى، وأبو عُثْمَان: الثعبان. الحبارى طائر أكبر من الدجاج لا يشرب الماء ويبيض في الرمال النائية، ضُرب بها الكثير من الأمثال في الحمق والبلاهة لأنَّها تنسى عشَّها وتحضن بيض غيرها، وفي المثل: كلُّ شيءٍ يُحِبُّ وَلدهُ حتى الحُبارى، فهي على حُمقها تُحب ولدها فتطعمه وتعلمه الطيران”.
تضاريس الوحش
شهوة التدمير والخراب وبث الذعر، الشهوة لإراقة الدماء، من سمات العثماني الإنكشاري المتوحش عبر التاريخ وحتى يومنا، هذا ما تلاحظه في تقاسيم وتضاريس وجه أردوغان. يرى الباحثون أن الكلام هو لغة لتوصيل ونقل المعلومات، ولكن لغة الجسد هي التي تفسر لك الكلام غير اللفظي من خلال إيماءات الجسد وحركة اليدين وتعابير الوجه.
وبالعودة إلى الحسناء الأوروبية التي لا تستطيع لف الخيوط حبلاً حول رقبة الوحش أردوغان، رغم أنها تمسك كل الخيوط التي تدينه، ورغم وجود كل الحقائق التي تعري أردوغان ودمويته ودفعه العالم إلى اللااستقرار، بيد أن الحسناء تمتنع عن كبح الوحش، فللحسناء أيضاً صفات الرضوخ لوحش المال والمصالح على حساب كل شيئ. هذه لعبة يتقنها أردوغان الوحش وأدمنتها الحسناء بكل شبق، فبعد سنوات الغزل والتناحر الخلبي بين الحسناء والوحش إكتسبت الحسناء بعض صفات الوحش بترحاب، وأصبحت تجيد استخدام الإرهاب المصنوع في تركيا بحروب ومعارك وجغرافيات متعددة حسب الحاجة.
على يد أردوغان أكثر من سوريا في العالم
تعددت الأسماء والصفة واحدة، تعددت الجغرافيا والحالة واحدة اسمها سوريا، في كل بقع التوتر التي حاك أحابيلها أردوغان بهمجية الوحش وتسلل الأفعى وغدر الذئب الرمادي المغبر، ليحيل كل الأماكن التي يدخلها إلى نموذج سوريا الحرب والدمار. ابحثوا تحت أي منزل مدمر، أي كنيسة، مدرسة أو مستشفى وستجدون الخيوط بدايتها الدمار والحروب والقتل والمؤامرة ـ في سوريا العراق ليبيا المتوسط قبرص اليونان الصومال السودان قطر وأخيرا في ناغورني كرباخ ـ ونهايتها في رقبة أردوغان، والطامة أن هذه الخيوط في أيدي المجتمع الدولي وما عليهم سوى شد تلك الخيوط ولفها حول رقبة أردوغان ليتدلى على منصة الارهاب في العالم، ولكن الحسناء لا تستطيع التخلص من حضور الوحش، لا تستطيع أن تتخلص من شبق المال، بينما حفيدة هتلر وأم الدبابة ليوبارد 2 ترسم ملامح الحسناء على نار هادئة.
يتحول العالم ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً إلى اللااستقرار بفضل سياسة استقرار الفوضى والتخريب والارهاب الذي يقف خلفها أردوغان، وليطلق النار على السلم والأمن الدولين بدم بارد، ويتلقف المجتمع الدولي الطلقة تلو الطلقة ببرود سيبيري اعتاد عليه الدب الأبيض، بل بات المصدر الأول لانتهازية البرود السياسي الراقص على الحبل السلافي في الساحات الحمراء.
ما بين الحسناء والوحش مشهد الميل في المكحل أمام الشهود، فهل أدركتم لماذا عندما يسحب أردوغان عضلات شفته العليا وهو يزم فمه، يشبه تكشيرة الذئب الكاشف عن أنيابه بكل وضوح مزمجراً للجهات الأربع من على منصته وأمام العدسات، مادامت عدسات إعلام الحسناء تموه مشاهد الدم؟.

زر الذهاب إلى الأعلى