مقالات

الانتخابات البلدية في تركيا..ضربة للسلطة الديكتاتورية، وأنتصار للشعوب الديمقراطية

آراس بيراني

أن هزيمة الأردوغانية وتراجع حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم كان متوقعاً، وعلى المستوى الشعبي وايضا حسب التقارير الإعلامية والتحليلات السياسية وخاصة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية و البرلمانية. التي كانت بمثابة الطعم السمين لرأس السلطة الفاشية التركية وبداية النهاية لنظام جبان.

إن النتائج الاخيرة للانتخابات البلدية اثبتت انه لا عوددة للماضي وانه لا دور مستقبلي لسياسة حزب العدالة والتنمية في تركيا القادمة، ولن يكون بمقدور ساسة حزب العدالة رأب الصدع الذي وصل لمراحل متقدمة، وخاصة ان النظام التركي يعاني عجزا داخليا وصراعا مستمرا وتصدعات داخلية على الصعيد الحزبي حيث باتت بنية الحزب الحاكم اكثر من هشة، جراء هشاشة مواقفه وتصرفاته البلطجية واستهتاره بقدرات شعوب المنطقة وغرور رأس السلطة وتهوره باستغلال قدرات اقتصاد تركيا في حروب إقليمية ارضاء لعقدة النقص و اوهام القوةَ التي فتكت به والتي ستؤدي به نحو نهاية محتومة .

فالضربة القاصمة والهزيمة الساحقة التي تعرض لها فاجأت أردوغان قبل غيره من المتابعين للحدث، كونها أتت مغايرة لكل التحضيرات التي قام بها حزب أردوغان عبر ألته الاعلامية، ودعايته الانتخابية واستغلاله منابر الجوامع والتكايا الدينية ومحاولته خداع الجماهير في تركيا، ومواقفه الدعائية الخلبية تجاه حرب غزة ومحاوله كسب رأي مسلمي تركيا والمنطقة وجذب الانظار نحو توجهه الإسلاموي

إن الضربة القوية التي تلقاها أردوغان جاءته من حزب المساواة والديمقراطية، وهي ضربة موجهة وموجعة، وهذا يدل على نهوض حراك سياسي جماهيري شعبي لكل الشعوب القاطنة بتركيا وخاصة مناطق باكور كردستان التي سحقت قوائم الحزب الحاكم و أعلنت عن قوتها وجماهيرتها بضربة قاصمة لعمود السلطة الرئيسي.
ان تحليل اسباب هزيمة حزب التنمية والعدالة يدل على المستوى المتدني للأخلاق ولحقوق الانسان، وافلاسه السياسي جراء فشله العبور على الحبال السياسية كمهرج سيرك على مسرح السياسة العالمية، خاصة بعد الحرب الروسية _الأوكرانية و حرب غزة التي كشفت عن قناعه الإسلامي وخداعه للأمة الإسلامية والتي كشفت عن علاقته مع إسرائيل، إضافة إلى سجل جرائمه في الملف السوري وحملاته العسكرية العدوانية واحتلاله الأجزاء هامة من مناطق شمال سوريا (عفرين – راس العين _تل أبيض) وضربه البنية التحتية الاقتصادية وقطع مياه الشرب عن السكان في مناطق الحسكة واريافها، كما أن استمراره بسجن المفكر الديمقراطي عبدالله اوجلان و استمرار حملات إدانة تركيا والاصرابات الجماعية في سجون تركيا الفاشية، واسباب تتعلق بالفساد الإداري والاقتصادي لعبت دورا حاسما في هزيمة أردوغان وحزبه، والتي ساهمت حركة الشعوب الديمقراطية في فضح سياسة الحزب الحاكم، وتنامي دور حزب المساواة والديمقراطية في الحياة المجتمعية السياسية، فكل تلك الأسباب وتحليلها إضافة للتعامل مع المعطيات التي افرزتها الفترة القصيرة التي تلت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية توضح بجلاء اسباب هزيمة للاردوغانية وانتصار الحركة الديمقراطية للشعوب الحرة.
ان ذلك النجاح الباهر الذي حققه الكرد في تركيا وحالة الذهول والعجز لدي أردوغان دفعت أردوغان وحزبه إلى محاولة إرباك العملية الانتخابية والتلاعب بها وعدم تسليم إدارة البلديات لمستحقيها، والتي فشلت آنيا، لكن ينبغي الحذر من أعمال انتقامية التي ربما يلجأ إليها الحزب الحاكم ضد قيادات وعناصر حزب الشعوب الديمقراطية مستقبلا، من خلال عمليات عزل أو تجميد لرووساء البلديات في المدن الكبرى، في محاولة ترمي إلى افشال مساعي الحركة المعارضة الجديدة في الوصول للسلطة، كما سيحاول مجددا خلق نزعة عدائية بين الكرد و الترك واستكمال تصديره العنف والإرهاب إلى مناطق شمال شرق سوريا، وهذا ينذر بإمكانية تنفيذ تركيا لعمليات عسكرية موسعة خلال الفترات القادمة بحجة قديمة قوامها محاربة نشاط حزب PKK في كل من تركيا والعراق وسوريا.

وفي النهاية، هل سيستطيع أردوغان وحزبه استعادة مكانته ومركزه و هل ستعمل الاحزاب الفائزة البلديات من تحقيق متطلبات الجماهير و ترتقي سدة البرلمان في الدورة القادمة عام ٢٠٢٨ وتعلن النهاية للاردوغانية وتسدل الستارة على ربع قرن من السياسة الشوفينية، وربع قرن من انتهاكات لحقوق الإنسان والتي كانت الربع من قرن الدولة التركية التي كانت بحق قرنا من الكراهية والعدوانية والفاشية؟.

زر الذهاب إلى الأعلى