مقالات

الأرهاب ينتصر في تركيا

محسن احمد
لقد نجح اردوغان في ابتزاز وكسب أصوات الناخبين الذين ابتعدوا عنه وعن حزبه في الجولة السابقة لأسباب عديدة فاردوغان كان يتوقع كل شيء إلا انه لم يكن يتوقع ان تتراجع شعبيته ومستوى التأيد لحزبه حزب العدالة والتنمية في الجولة السابقة من انتخابات يونيو . فقد عرفنا ويعرف الكثيرون ايضا عنه بانه كان القيادة السياسية للارهاب والتطرف في المنطقة وسوريا بشكل عام وكوردستان بأجزائها بشكل خاص والتهنئات التي أتته من سوريا خاصة من التنظيمات والعناصر الإرهابية بفوزه خير دليل على انه الأب الروحي لهذه البؤر التي ترهب الشعب السوري منذ سنوات . وبالنسبة للدائرة الأمنية القريبة جداً منه كانت تدير بشكل محترف عمليات عناصرها عبر حرب منظمة في الخفاء احيانا وفي العلن احيانا اخرى ضد كل من يعارض توجهات اردوغان السلطانية السلطوية .
ولان الاخير خطط منذ صدور النتائج في الانتخابات السابقة وتدني مستوى التأيد له تلكأ وابتعد عن تشكيل حكومة ائتلافية مع الاحزاب الاخرى فالبرغم من اجراء بعض المحادثات الروتينية مع منافسيه لتشكيل حكومة ائتلافية إلا انه قرر منذ البداية اعادة الانتخابات ضمن الشروط والظروف التي هو يحددها وينظمها ومن خلالها يصل الى مبتغاه وهو البقاء في الحكم دون شراكة ومنافسة .
الحملة التي بدأها اردوغان لاستعادة هيبته الانتخابية استهلها من خلال توجيه رسائل تحريضية مباشرة الى الناخبين في شمال كوردستان والذين لم يصوتوا له في انتخابات حزيران يونيو الماضي وصوتوا لحزب HDP من خلال عدة عمليات ارهابية وأكثرها دموية كانت احداها في سروج والاخيرة في انقرة راح ضحيتها اكثر من 130 شهيدا ومئات الجرحى ، والجانب الاخر الذي لعب اردوغان عليه لتوجيه رسائله هو استهداف الطبقة العاملة والمتوسطة في المدن وخاصة إستنبول من خلال ترهيبه في لقمة عيشه .
اليوم وبعد وضوح المشهد الانتخابي والنسب النهائية للأحزاب المنافسة اصبح واضحا ان الارهاب نجح في تركيا سياسيا كما نجح في سوريا والعراق عسكريا قتلا وتدميرا وتهجيرا .
اردوغان وعد الناخبين منذ بداية الحملة الانتخابية للجولة الثانية بتأمين الأمن والامان والاستقرار الاقتصادي ولتوضيح هذه الأفكار بشكل عملي وإعطاء أمثلة حية لها قام بما سبق من اعمال وانتهاكات للحقوق والقوانين . ولكي يفي اردوغان وحزبه بما وعدوا به المواطنين في تركيا وكوردستان هو الان بحاجة لقنديل وايمرالي بعد الانتخابات اكثر من اي وقت مضى لتحقيق الأمن والاستقرار وهذا يتطلب من في يدهم مفاتيح الحرب والسلام ، ففي الانتخابات الاولى كان يحتاج حزب AKP لحزب HDP فقط وأرضاه والتوافق معه لسير العملية السلمية وفق حلول مناسبة ومحقة للكورد .
لقد وعد رئيس الجمهورية التركية المواطنين باشياء لا يملكها ولا يستطيع تأمينها هو فقط فاهناك الطرف الاخر والاساسي وشريك هذه البلاد وهم الكورد ، ربما يتخيل للبعض او يعتقدون بان هذا الكلام هو منطلق وتحليل تهديدي وقراءة نحو اعادة اجواء الحرب بين الطرفين يمكنني القول ان ذلك الاعتقاد خاطئ تماماً لان الجانب الكوردي لم يتجه يوما نحو الحرب والتصعيد والتحليلات التي قرأناها للبعض في الآونة الاخيرة بان حزب العمال الكوردستاني وقع في الفخ الذي نصبه له اردوغان وقام بجره الى الصراع المسلح من جديد فهذا خاطئ وغير دقيق لأسباب عديدة وهي ان الكورد يقومون منذ سنوات بمد يدهم للسلام الحقيقي والعادل على أساس الشراكة وتقبل الشعب الكوردي وقوميته كما هم وليس تقبله كما هم يرغبون على انهم اخوة ولكن اخوة اتراك . الكورد لم يجنحوا يوما الى القتال والحرب راغبين وإنما فرض القتال عليهم دفاعا عن النفس وحماية للمكتسبات ، سابقا كانوا يواجهون حكومات بعقلية وذهنية عنصرية وشوفينية للتتطور في السنوات الاخيرة اضافة الى ماسبق الى عقلية وذهنية متطرفة وإرهابية دينية خبيثة .
الكورد وقادتهم في شمال كوردستان يدركون جيدا بانه لا يوجد منتصر في اي حرب وإنما يوجد الخاسر الأكبر ، فاي تصعيد جديد من شانه ان يخلف شهداء وجرحى ودمار وخراب جديد . ومن هنا على القيادة التركية معرفة ذلك جيدا فالخسارة سوف تكون في الطرفين وهم اي الأتراك الخاسرون اكثر لانهم في قيادة دولة باقتصاد حجمه ما يقارب 800 مليار دولار وهذا الاقتصاد يحتاج حقا الأمن والاستقرار الذي وعدوا به الناخبين ولتحقيق ذلك ليس لهم حل او خيار اخر سوا طرق باب ايمرالي وقنديل وامد مرارا وتكرار وخلف تلك الأبواب سوف يجدون شريكا واخا ان صدقوا في مبتغاهم .
للاسف اول التصريحات من قادة حزب العدالة والتنمية لا تبشر بالخير واردوغان قال بعد خروجه من الجامع صباح اليوم الاثنين بعد اداء صلاة الفجر ” نحن شعب واحد ، علم واحد ، وطن واحد ، دولة واحدة ” … اردوغان يدعي الاسلام ويهدد بهذه التصريحات ناسيا ان الله يقول في كتابه الكريم ” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا …” ولم يقل وجعلناكم شعبا تركيا لتعترفوا ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى