مقالات

احذر أن يصيبك حمّى الكرد!!

مصطفى عبدو

إذا ألقينا نظرة خاطفة على الوضع الكردي بالمظهر الذي يبدو عليه في الوقت الحاضر كما في الماضي, هل نجد غير الفرقة والتشتت والتمزق والتحزب والانقسامات, فصورة المجتمع الكردي تبدو قاتمة مظلمة تبعث على الأسى في النفس وتكاد تدعو إلى اليأس من إمكانية إصلاحها وتحويلها إلى الصورة التي تتطلبها مقتضيات المرحلة.

ويبدو أن الكرد في انقساماتهم المستمرة وعدم اتفاق كلمتهم سيسجلون رقماً قياسياً في موسوعة غينيس أو سيكونون مضرب المثل في العالم في الشقاق والتناحر (كالكرد في شقاقهم وتناحرهم ), وسيقول أحدهم للآخر احذر أن يصيبك حمى الكرد؟!

هذا الوضع يذكرني بحديث أحد (السياسيين) ممن قضوا جل أيام عمرهم في النضال السياسي حيث قال: صعب على الكرد أن يتفقوا.. وحمل آنذاك الأنظمة والحكومات مسؤولية عدم اتفاق الكرد…

لاشك أن المواطن الكردي يريد أن يعرف سبباً لهذا الشقاق كما أريد أنا ذلك, ولعل القارئ أيضاً يريد ذلك!! فلقد علمتنا التجارب أن التملص من مواجهة مسؤولياتنا بصورة مشتركة والإجابة الصادقة على الأسئلة الصعبة التي تواجهنا, أدت إلى تدمير هيكل العمل الكردي المشترك, وإلى انفراد البعض بالرأي, ومن ثم تكريس الاستقطاب الإقليمي والدولي في المنطقة إلى الحد الذي خرجت فيه مصائرنا من أيدينا.. وتشابكت قضيتنا الرئيسية مع قضايانا الفرعية وأصبحت لنا مئات القضايا الفرعية لنختلف حولها بحيث أصبحنا لم نعد نعرف ما نريد أو ما يراد بنا!! فأصبحنا كرة يتقاذفها العمالقة بجرينا لاهثين وراء حلول الشقاق.

الأسئلة الكبيرة التي ترتفع أصداؤها بين صفوف الجماهير الكردية هذه الأيام هي:

هل تستطيع القوى الكردية القائمة, والتي تصنع المواقف, وتتخذ القرارات, أن تخرج بقرار يوحد الصف والكلمة؟ وهل في الجو احتمال بلوغ هذه المواقف؟ وما هي أسباب ذلك؟ ومن هو المسؤول؟ ولماذا؟ وهل تقع المسؤولية على الأحزاب, أم على سلوك القائمين عليها؟ أم على أخطاء دبلوماسية أو استراتيجية, أم على ضعف في تقدير وتقييم المواقف السياسية والعسكرية ..أم إلى التمسك بعقلية التبرير والهروب من المسؤولية, والفردية والأنانية, والاكتفاء بالشعارات.

بصراحة, كلنا نعلم الصعوبات التي تعترض الإجابة على تساؤلات الجماهير, وكلنا يعلم مدى تفاوت الأطراف الكردية دون استثناء في مواقفها, وفي درجة استيعابها للحقائق, ولكن لا مفر من التعامل مع الواقع والعمل من خلاله, ولعل الأحداث الحاضرة والمآسي المشتركة (وحدة الأزمة) ووضوح معالم الضعف والمعاناة تبعث فينا الدم من جديد وتحيي الأمل على فتح نوافذ على العقل الكردي لإدراك خطورة المرحلة التي يمر بها الشعب الكردي في الوقت الحاضر.

يقال.. بأن نتائج إيجابية ستظهر في الأيام القليلة المقبلة فلنتأمل خيراً وننتظر..

زر الذهاب إلى الأعلى