مقالات

إسقاطات معادلة الكورونا على الواقع الكردي

بدران الحسيني

لا يخفى على أحد الاهتزازات التي أصابت العالم جرَّاء جائحة كورونا وما زالت؛ ودقِّ ناقوس النفير العام للأنظمة الطبية بكافة جوانبها واستدعاء الجيوش إلى الشوارع ورفع شعار “أنا أولاً” بغية انقاذ أرواح مواطنيها والحفاظ على مكتسبات دولها الاقتصادية والعمرانية وكافة قواها الذاتية فتركت الحروب التي تخوضها وجمدت كل سياساتها التي تمارسها فيما بينها ومع دول الشرق الأوسط التي كانت تكرُّ كحبات المسبحة بين أيديها وتركتها لمصيرها ناهيك بالشعوب المستضعفة التي تعلقت آمالها بهذه الدول لترى بصيصاً من الأمل في الحرية والانعتاق من العبودية المفروضة عليها؛

يُضاف إلى (الأنا أولاً) لهذه الدول إعادة ترتيب أوراقها لتشكيل تحالفات جديدة ربما أفضت إلى تغيير النظام العالمي الراهن، وقد ترتسم خرائط سياسية وجغرافية أخرى بعد تصفية الحسابات بين هذه الدول؛ إذ أن ما بعد كورونا ليس مثل ما قبله حتماً حيث أن موجة الصدمة التي نتجت عن جائحة كورونا فرضت على الساحة الدولية متغيرات اقتصادية وسياسية وضعت مصير أمم بأكملها على المحك ما لم تُنضِّدْ ملفاتها وأضابيرها وأوراقها من جديد على المستويين الداخلي والخارجي للتصدي لهذا التحدي الكبير الناشئ من المعادلة الكورونية التي حيَّرَت العالم.

إسقاطات هذه المعادلة بجذريها السالب والموجب على الواقع الكردي تقتضي تحولاً كلياً وبأقصى الدرجات الممكنة نحو الداخل الكردي أولاً ولملمة شتات أوراقه المبعثرة لإعادة تصويب بوصلة الواقع المؤلم والمتضعضع إلى المسار الصحيح الذي بات في حلم كل كردي بوحدة الكلمة والموقف في القضايا المصيرية على أقل تقدير في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية، والقفز فوق المصالح الشخصية الضيقة والحزبية، والكفِّ عن الاتهامات البينية التي لا تصب سوى في مصلحة أعداء الكرد ومنجزاتهم على الأرض.

اليوم ليس ثمة ما يدعو إلى تصفية الحسابات وإجراء جَرْدٍ للفواصل العُشرية التي تُهمل دوماً من حلول المعادلات وجذورها أمام حجم قضية المصير والحقوق

والأنكى من هذا هو الاصطياد في المياه الراكدة والعكرة وفرض شروط تعجيزية وغير مجدية واختلاق ذرائع وحُجج مزيفة لإرضاء دولة الاحتلال التركي التي لا تُميِّز ولا تفرِّق بل ليس في قواميسها كردي جيد وسيء، ويثبت التاريخ الحديث جداً أن كل الكرد من منظور الدولة التركية هم سيئون وشريرون.

المفارقة في هذا الوضع المصيري أن بعض المحسوبين على الكرد في المحافل الدولية مازالوا يقفون على الضفة الأخرى لهذا التيار الجارف يتفرجون على دماء الأطفال والتهجير والسلب والنهب بأيدي لصوص الطناجر(الجيش الوطني) ولم يحسموا مواقفهم بَعْدُ.

والسؤال الذي يطرح نفسه فعلاً اليوم هو: هل الكُرد سيقرؤون المعطيات الملموسة جيداً ويكونون قادة بمستوى المرحلة؟؟

أم أنَّ محاكم التاريخ والشعب ستَفتَحْ لهم أبوابَها قريباً؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى