مقالات

آستانا 9؛ غياب المراقب الأمريكي

بدأت محادثات آستانا دون حضور المراقب الأمريكي وهنا تبدأ التساؤلات؛ هل هو شعور بالذنب أو لم يعد يقبل أن يكون شاهد زور في الآستانا؟

بعدما اتضح برامج آستانا بين روسيا وتركيا وإيران بتقسيم سوريا بالدليل القاطع (تغيير الديموغرافية التي تحصل الآن في عفرين والغوطة الشرقية) بين روسيا وتركيا، أما إيران التي تواجه موجة من عقوبات أمريكية جديدة وغارات إسرائيلية على مواقعها في سوريا ولبنان أصبحت تحت الأمر الواقع ترضى بكل ما تقوله روسيا خوفاً على قطع آخر شريان لها مع سوريا.

إيران إذ قبلت بشروط روسيا حتى تؤمّن سلامة الشريان بين دمشق وبيروت من أجل ضمان حماية حزب الله ورغم هذا لم تُحرك روسيا ساكناً لحماية مواقع ميليشات إيران وحزب الله على الأراضي السورية.

أما المغول التركي الإرهابي الذي كان بمثابة ممثل المعارضة السورية في كافة المحافل الدولية قد تخلى عن كل من عارض سياسته من المعارضة السورية بأرخص الأسعار، وتخلت تركيا عن المطالبة بإسقاط النظام السوري، وباعت المعارضة من أجل مصالحها حتى يُتاح لها قطع الطريق أمام الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال سوريا وتجربتها الناجحة خلال أربع سنوات من النجاح والتقدم.

أردوغان حتى تآمره على عفرين كان بصفقة مع روسيا باستبدال الغوطة مقابل عفرين، وصفقة اس 400 التي أغضبت الحلف الأطلسي كثيراً، ولكن عفرين لم تكن سهلة المنال على المحتل التركي.

مقاومة عفرين دامت 58 يوماً بفضل وحدات حماية الشعب والمرأة في عفرين، حيث أثبتوا للعالم أجمع أنهم يستطيعون حماية مناطقهم وتكبيد خسائر فادحة بالمحتل التركي الإرهابي ومرتزقته مما أدى إلى تدهور اقتصاد تركيا من خلال الحملة التي شنها أردوغان على عفرين، ولكن المقاومة مازالت مستمرة حتى الآن ولا يزال المحتل العثماني يحلم في شمال سوريا من خلال اجتماع استانا 9.

أما هذه المرة ماذا سيكون في المخطط هل ستكون إدلب؟ أو إدلب مقابل ماذا؟

بطبيعة الحال روسيا هي المستفيدة من كل ما يحصل في سوريا وبالأخص من الأتراك المغول بعد إسقاط طائرة سوخوي الروسية ومقتل السفير الروسي في تركيا، ولا يزال الدعم اللوجستي والفني لتنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة مستمر من موسكو بأن تنزع من تركيا ما تريد في سوريا بل أكثر من ذلك صفقة الـ آس 400 التي هنا ندرك خطورة موقف أنقرة ليس بأقل من موقف طهران، أي أن تركيا في خطر من ورطة الدب الروسي الذي سمح لها باحتلال عفرين.

في نفس الوقت الروسي والأطلسي أيضاً يدركون أننا أصحاب الأرض ولن نتخلَّ عن شبر واحد من أرض عفرين، وتركيا لن تستطيع النيل من عفرين لأنها ليست كباقي المدن التي تم تغيير الملابس وحلق اللِّحَية فيها ولأن المقاومة طويلة ومستمرة فيها.

سياسة الرئيس المجنون كما يُقال عنه؛ في الواقع الرئيس الأمريكي ليس مجنوناً بل يدرك جيداً كيف يسترد ما خسره في الوقت المناسب، قراره بالانسحاب من سوريا ودفع فاتورة الحرب وتغيير وزير الخارجية والأمن القومي الأمريكي كل هذا لا يدل على أن ترامب مجنون بل العكس، هنا ندرك إن الإدارة السابقة في الخارجية الأمريكية كانت عاجزة عن اتخاذ القرارات، وكانت بمثابة ممثل أو شاهد في آستانا، الإدارة الأمريكية والكونغرس لن يسمح للروسي بأن يلعب على الساحة السورية بمفرده دون أمريكا، أما تركيا وإيران فسيدفعون ثمن دعمهم للإرهاب.

اليوم وبعد شن تركيا العدوان على مدينة عفرين التي فتحت أبوابها أمام عشرات الآلاف من النازحين السوريين من كافة المحافظات السورية، يعمد المحتل التركي في الشمال السوري وبنفس أسلوب الجد العثماني في مدينة كركوك إلى التغيير الديمغرافي في عفرين بتكرار أساليب الماضي.

عادت الساحة السورية بقوة وستنتهي رحلة آستانا التي أصبحت مشروع تقسيم سوريا وليست خفض التصعيد، أما الحل لن يكون إلا في جنيف وبحضور ممثلي فيدرالية شمال سوريا، وليس في الآستانا.

زر الذهاب إلى الأعلى