مقالات

هل تؤكل الكتف؟


حسين فقه
نعم تؤكل، وهناك من يعرفون من أين يأتون الكتف، وإذا لم يستطيعوا يحاولون الصعود عليها، وهم ذوو خبرة في التعاون مع من يهدونهم الكتف حتى يفوزوا بالقلب، تاريخهم يذخر بالتعاون مع ديكتاتوريات إيران ضد إخوانهم الكرد في ذلك الجزء، وهم لا يخجلون من اتباع الجحوش أسلوباً لركوب دبابات صدام لتحرير مدن كردية من الكرد، ويتفاخرون بمد أواصر الأخوَّة للتركي ليحاربوا معه بل في مقدمة صفوفه مَن مِنَ المفترض أنهم إخوتهم في الدم والتاريخ والأرض، وهم مازالوا يُبرزون عضلات تلك الأواصر مع السلطان العثماني ضد الشعب الكردي في غرب كردستان/ روج آفا “المستقبل”، وهم بصفاقة التبرير يوظفون أعلامهم لخدمة السلطان العثماني، وهم من قدموا الكنز كركوك “قلب كردستان” لحشدٍ همجيٍّ بأمرٍ من قاسم سليماني “المشوي”، و هذا ما كان مقدمة لاحتلال حسناء روج آفا “عفرين مدينة الزيتون” و “قدس كردستان”، وهم أنفسهم من تركوا الشنكاليين لوحوش العصر داعش بدوافع إسلاموية نقشبندية على غرار الأخوانية السنية، وهم أنفسهم من ينزعون الألغام من أمام جيش الاحتلال التركي ويزرعونه في طريق إخوتهم الكرد، وهم أنفسهم من يؤسسون لقواعد المحتل في أراضي جنوب كردستان ويطالبون الكرد بالخروج من كردستان، وهم أنفسهم من يوظفون مستشارهم الإعلامي “المكافح” لتسمية حزبٍ كردستانيٍ بـ “التركي” ناسياً في المقابل أن هذه التسمية تصح على “الديمقراطي الكردستاني” هو من تصح عليه هذه التسمية لولائه الجذري لتركيا.
إن القطيعة مع هذا النهج كانت ضرورة حيناً ،لوقف دورها كأداة للعدو، و كانت وبالاً على الكرد حيناً لما لها من تبعات مجتمعية عميقة، وكم من مزايا لهؤلاء نستطيع أن نسوقها هنا، ولكننا ـ بسمو القضية و حرمتها ـ نتجاوز هذه السكتات الدماغية ولنحاول إنعاش هذا الجسد الذي يدور حول الانتحار.
هل تعرقلون الحوار الكردي ـ الكردي؟ هل تقفون بالضد من توحيد االموقف الكردي والكردستاني؟ الجواب لا وأبداً وقطعاً وبتاتاً ومطلقاً …كلَّا وحاشا، فلا أحد يطالب به كأبناء هذه الحركة وبإصرار مؤمن بنجاعة هذه المنطلقات التوحيدية لِلَجم أعداء الكرد.
ولكن نحن مع الحوار والتقارب المستدام المبني على أسس سليمة وضمانات، لأنه ببساطة هكذا نحترم كلمتنا، وهكذا نمنح لأجيالنا القادمة منطقة آمنة مستقرة، وهكذا نحقق طموحات شعب ذاق الأمرين على الضفتين ضفة عدوه تاريخاً كاملاً، وضفة سياسات بعض الكرد المخصيين والذي باعوا أرواحهم للدولار ومن شدة النهم ثملوا حتى باتت تلك الأرواح وجهاً آخر من أوجه عدوهم، ولا زال التاريخ يكرر هذا الأنموذج مراراً و تكراراً حتى يومنا المصدوع نهجاً بارّاً مطعماً بزمرة مستنسخة أخوانياً.
في هذا المنعطف الخطير و الحساس من قضية شعبنا الكردي الذي تم تدويلها على نطاق واسع حتى أصبحت من بين أكثر القضايا الملحة في الشرق الأوسط، و بينما يسعى أعداء الكرد وعلى رأسهم تركيا إلى إعادة تعويم طمس الهوية والحقوق الكردية وإعادة هندسة المنطقة وفق لوزان جديد يستثني الكرد من تقرير مصيرهم، ما الدور الذي سيلعبه شعبنا الكردي للذود عن حقوقه ومستقبله وقضيته؟، كيف السبيل بشعبنا الكردي بكل شرائحه إلى التكاتف والالتفاف حول حركته السياسية وأحزابه الكردستانية على اختلاف مشاربها وأيديولوجياتها؟. وعلى المقلب الآخر أسئلة تقض مضاجع استراتيجية التقارب، كيف يمكنك تحقيق خطوات استراتيجية مع من يمارس معك التكتيك؟، كيف يمكنك بناء مرجعية مع من مرجعيتهم خارج الحدود وفي أحضان عدوك؟، كيف يمكنك تحقيق التقارب مع من يزور قبور المرتزقة الإرهابيين الذين دنسوا أرض عفرين وانتهكوا جسدها؟
على من يأكلون الكتف بذكاء أن يدركوا ـ وهم يدركون، ولا يتداركون ـ أنهم جسد عار ومستباح للذئب الرابض في المحيط وقد فتح اوتوستراداً إلى القلب.

زر الذهاب إلى الأعلى