مقالات

مَن يجب أنْ يتمَّ اتهامَهُ بالسعي للانفصال يا ترى؟

جوان محمد أمين

المبادرة التي أطلقها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (مظلوم عبدي) من أجل توحيد الصف الكردي في سوريا قطعت نصف الطريق نحو النجاح, وتزامناً مع الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا وبدء تطبيق قانون قيصر يجد الشارع الكردي بسوريا في نجاح هذه المبادرة بوابةً للبدء بحل القضية الكردية في سوريا ليكون انطلاقاً لحل الأزمة السورية, وهذا النجاح سيلغي الحجج التي يتذرع بها أعداء الشعب الكردي لتبرير الهجمات المستمرة على المناطق الكردية وغير الكردية في سوريا, تلك الهجمات التي راح ضحيتها الآلاف من السوريين من كرد وعرب وسريان وغيرهم من المكونات في المنطقة, وسيجعل الاحتلال التركي لعفرين وسري كانيه وكري سبي باطلاً بحق رغم أنه باطل, ولربما تكون هذه الخطوة مدخلاً لجلب الاعتراف الرسمي السياسي الدولي بالإدارة الذاتية الديمقراطية التي هي نتاج تضحيات جميع مكونات المنطقة, وهو الهدف المنشود لكافة مكونات الإدارة الذاتية.

خلال الحرب على تنظيم داعش امتزجت دماء الكرد والعرب والسريان مسطرة ملحمة التعطش إلى الحرية والخلاص من الإرهاب الأسود, وبفضل هذه التضحيات تحررت المدينة تلو الأخرى, (كوباني ومنبج والطبقة والرقة ودير الزور وغيرها), وهذا التحرير لم يميز بين مدينة كردية وأخرى عربية, ولا بين الشعب الكردي والعربي والسرياني, فالحرية هي من أسمى الأهداف التي تتوق إليها جميع الشعوب والمكونات, وما تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية ومن  ثم تطوّرها وارتقاؤها إلا نتاج أخوة هذه المكونات في شمال وشرق سوريا وتضحياتها ونضالها, حتى أن هذه الفسيفساء ضمن كيان الإدارة الذاتية الديمقراطية باتت كشعلة لا تنطفئ ضمن ظلام الحرب الأهلية السورية, وأصبح انتصار أي مكون ضمن هذه الإدارة انتصاراً لباقي المكونات, فعند تحرير الباغوز(العربية) آخر معاقل داعش, انطلقت الاحتفالات في جميع مدن وبلدات شمال وشرق سوريا احتفالاً بالتحرير, وإبّان الهجوم التركي على عفرين وسري كانيه وكري سبي كان المقاتلون العرب والسريان ضمن قوات سوريا الديمقراطية في الخطوط الأمامية للدفاع, وقدّموا التضحيات الكبيرة أمام العدو المشترك.

من يروّج بأن توحيد الصف الكردي سيكون هضماً لحقوق المكونات الأخرى في شمال وشرق سوريا هو دجال ومنافق, لأن توحيد  الصف الكردي هو الطريق نحو انتزاع الاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية الديمقراطية التي تمثل إرادة جميع مكوناتها, ولأن الإدارة الذاتية الديمقراطية هي مشروع سوري بامتياز يشكل مظلة لإرادة جميع السوريين بمختلف مكوناتهم, فالرقة ودير الزور والطبقة وغيرها من المدن العربية في شمال وشرق سوريا تديرها الآن مجالس محلية من سكانها, وعند تحريرها  لم يتم تغيير ديمغرافيتها كما فعل الاحتلال التركي في عفرين وسري كانيه وكري سبي, فالإدارة الذاتية الديمقراطية هي نتاج نضال وتضحيات الكرد والعرب والسريان وجميع مكونات المنطقة, وبالتالي فإن أي انتصار للإدارة الذاتية هو انتصار لجميع هذه المكونات التي جمعتها أخوة الشعوب والعيش المشترك والمصير المشترك.

الخلاصة: إن تحقيق وحدة الصف الكردي في سوريا سيكون انتصاراً لجميع مكونات شمال وشرق سوريا, لأن حل القضية الكردية في سوريا لن يتم إلا ضمن إطار سوري وطني بامتياز, وبدون معزل عن باقي المكونات السورية, والجهات التي تتهم الكرد في سوريا بالسعي نحو الانفصال هي نفسها التي استبدلت أسماء القرى والأحياء والشوارع والمدارس السورية بأسماء عثمانية, وأجبرت سكان المناطق المحتلة باستخراج بطاقات شخصية عثمانية, وأخيراً وليس آخراً ألغت التداول بالعملة السورية وأغرقت تلك المناطق بالعملة العثمانية.

 فمن يجب أن يتم اتهامه بالسعي للانفصال يا ترى؟

زر الذهاب إلى الأعلى