مقالات

من صوت الرصاص إلى قطع المياه

بدران حمو

الماء هو السر الدفين لكل شيء حي على هذه الكرة الارضية وباختفائها تختفي الحياة، فهو سر الحياة لجميع الكائنات الحية.

ومما لاشك فيه أن الماء هو أساس الحياة ولهذا فإن جميع الحضارات والتجمعات البشرية قامت بجانب المسطحات المائية، ولا يمكن لأي حضارة أن تستمر أو تقوم الا إذا لم يكن الماء متوفرا ولهذا يتركز وجود الناس ومظاهر الحياة في مناطق الواحات وينابيع الماء.

وقد استُخدمت المياه قديماً وحديثاً كوسيلة من وسائل الحرب وممارسة الضغط وهذا ما نراه غالباً في نزاعات منطقة الشرق الاوسط التي لا تكاد تنتهي بها أزمة لتلحقها أخرى.

ومن وسائل الحرب هي ما تستخدمه الان الدولة التركية ضد الشعب السوري، فبعد اخفاق الدولة التركية في جميع محاولاتها الرامية لكسر إرادة الشعب السوري والتلاعب بقضيته العادلة واثارة الفتن بين أبنائه ومكوناته ودعمها للفكر التكفيري السلفي وخوضها عدة حروب خارج حدودها ضد الشعب السوري عامة والكردي بشكل خاص وعدم تحقيقها لأي هدف كانت قد رسمته لأحلامها واطماعها الاحتلالية، وعجزها عن تحقيق اهدافها، تلجأ اليوم لورقة الماء وتعطيش البلاد والعباد في سبيل اهدافها، فانخفاض نسبة مياه الفرات إلى درجة مخيفة وتوقف المحطات عن توليد الكهرباء الذي يعتمد اساساً على الماء، إنما هو بداية لخلق ازمة مائية يعاني منها الانسان ثم تأتي التبعات للقضاء على الحياة الزراعية ومن ثم تنعكس على الحيوانات، فالماء باعتباره من أهم مقومات الحياة ووجوده يعني وجود الحياة وانعدام الماء يعني انعدام وانتهاء الحياة بكافة اشكالها، وهذا ما تسعى إليه الدولة التركية ناهيك عن رغبتها حرمان الشعب السوري من حقه وحصته من مياه نهر الفرات، فأنها ترغب ان يقضي الشعب السوري  لياليه في الظلام متناسية الظروف الصعبة ودوامة الحرب التي يعيشها.

ولعل الهدف الابرز الذي تستهدفه الدولة التركية من وراء هكذا تصرفات حمقاء، هي اثارة الفتنة والبلبلة في مناطق الادارة الذاتية واظهار عجزها عن تلبية متطلبات ابنائها وابسط حقوقهم ومتطلباتهم، لم ولن تتوانى تركيا عن استخدام كافة الاساليب ضد الشعب الكردي والعربي والسرياني والارمني في مناطق شمال وشرق سوريا لأنها تنظر إليهم نظرة عداء وخاصة الكرد، فهي ترى فيهم العدو التاريخي الذي يستحق الابادة كما فعل مع الشعب الارمني سابقاً.

ولعل الذي جعل الدولة التركية تتمادى في حربها هذه والتي تعتبر بكافة المقاييس حرب ابادة جماعية باستخدام سلاح الماء، انما جاء نتيجة عدم وجود موقف دولي حيال التصرفات التركية الرعناء ووقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج وكأنه يبارك للدولة التركية ويشد على يدها ويؤيدها في إجرامها هذا.

ان كل ما تقوم به تركيا من اعمال حتى لو وصلت إلى مرحلة الابادة الجماعية لكل مكونات الشعب في منطقة شمال وشرق سوريا، لن تكسر من ارادته ولن تحبط من معنوياته ولن تقف عائقاً في وجه طموحاته لان الشعوب في منطقة شمال وشرق سورية مؤمنة بنبل اهدافها وغاياتها وقد اقسمت بدماء شهدائها بأنها لن تتراجع قيد أنملة عن تحقيق اهدافها وذلك في سبيل بناء سوريا حرة ديمقراطية مهما اشتدت عليها الازمات والمحن.

زر الذهاب إلى الأعلى