مقالات

من صبيحة خليل ..إلى خولة حسن .. معركة القبح ضد الجمال!!

Taha Alhamidطه الحامد

السيدتان المختلفتان ظاهرياً والمتفقتان باطنياً في مقالتيهما المنسوخة بعضها عن بعض في غرفة عملياتٍ واحدة, عملتا على ترويج فكرة أساسية وهي إن  حزب الاتحاد الديمقراطي قد اتخذ من المرأة المقاتلة كأداة تسويقية في الحرب السورية,  وتم أسطرتها بشكلٍ هوليوديٍ ليخاطب من خلالها المجتمع الغربي على إن الحزب يتماهى مع الثقافة الغربية بعكس البيئات السورية الأخرى الموبوءة بالتخلف والعصبية. وقد نسيتا تلك السيدتين إنه و منذ تأسيس الحزب وقبل بروز ظاهرة داعش وظاهرة ما تسمى بالثورة السورية كانت للمرأة الدور المحوري في العمل اليومي السياسي والاجتماعي في بيئات الحزب التنظيمية والعائلية, وأخذت المرأة الدور الكامل كشريكة حقيقية في القيادة والتخطيط والتفكير واتخاذ القرار من خلال نظام الرئاسة المشتركة في كل مؤسسات المنظومة, ومن خلال عشرات الهيئات المعنية بشؤونها. فمشاركة المرأة وحقوقها السيادية هي من صلب فلسفة وفكر الحزب, وهي قناعات ثابتة لا علاقة لها بالترويج والتسويق كما تدعيان, وإن إرادتا أن تتأكدا عليهنَّ مراجعة أرشيف الاستخبارات السورية لتحصل على لوائح تتضمن أسماء مئات النساء الحزبيات اللواتي جابهن سطوة الاستبداد وأُدْخِلْنَّ السجون البعثية.

فأسطورة المرأة المقاتلة المكافحة لم تكن وليدة معركة كوباني أو معركة منبج. تلك الأساطير الحقيقية التي لا يتصورها عقل هذه السيدات هي حقيقة واقعة تتغنى بها سفوح الجبال وسهول ووديان كردستان منذ أربعين عاماً, اسطورة المرأة المقاتلة ليست خُرافة … ولكنها ترتقي لمستوى الخرافة بالنسبة لسيدة تنتمي إلى بيئة أقل ما يقال عنها إنها بيئة عشائرية لا ترى في المرأة سوى جسد لنكاح الجهاد.

المرأة المقاتلة في منظومة حزب العمال الكردستاني صنعت أساطيرها قبل عصر الديجيتال والإعلام الإلكتروني, ولم تحتاج للتدوين والتسويق فهي محفورةٌ على صخور جبال متين وسهول الزاب, هي منقوشةٌ في الذاكرة الكردية قبل أن توزع كمادة إعلامية يقتدى بها الآخرون.

السيدتان أخذتا عناصر مادتيهما المنشورة من وحي معارك كوباني ومعارك روج آفا. عموماً كونها كانت معارك موجعة لجبهة التوحش ولحلفائها في الائتلاف السوري, مستاءاتٌ من إنجازات جبهة الحضارة والجمال, مستاءاتٌ من الجميلات المقاتلات اللواتي دحرن القُبحَ, وكيف لا والقبيحات لا يمكن لهن أن تتصورنّ إن الجميلات قادراتٌ على التضحية بأنفسهن لأجل هدفٍ أسمى من ملذات الحياة !!

لتمييع صورة المرأة المقاتلة الكردية ولوضع الحجاب على النهضة النسوية في منظومة حزب العمال الكردستاني قفزتا صبيحة وخولة إلى بيئات سياسية اجتماعية كردية أخرى و سَرَدْنَّ أمثلةً على ما تتعرض له النساء في تلك البيئات كسائر بيئات الشرق, وبذلك تحققان بعض مآربهما في تقزيم صورة المرأة المنتمية إلى وحدات حماية المرأة بشكلٍ خاص.

ولهذا اجتهدتا كثيراً من خلال الاعتماد على الماكينة الإعلامية المضادة التي قادتها تركيا و الجماعات الإرهابية على تكذيب القصص البطولية للشقراوت والبيضاوات ذوات الجمال الآخاذ ضد القبح الداعشي وعقارب الصحراء السوداء على إنها صناعة هوليودية.

فعقليهما لا يتصوران إنَّ ثمةَ كردياتٍ جميلاتٍ تركن كل ملذات الحياة لأجل حريتهن وحرية شعبهن. الجمال بالنسبة للسيدة التي حُرِمَتْ منه هي جمال الوجه لهذا ركزت عليه كثيراً, لأنها لا تعلم إن الفكر النير الحضاري هو جمال, و إن التضحية لأجل قيم العدالة والحرية هو جمال, وإن الذود عن التراب هو جمال وإن الصدق هو الجمال.

قد ساوتا بين الضحية والجلاد وحاولتا التشكيك حتى في كارثة شنكال بشكلٍ لا يمكن أن يقبله عقل, بحث قدمتا ضحايا وسبايا شنكال من النساء على إنهن ضحايا خطط غربية هوليودية لمآرب سياسية وليست ضحايا توحش عقائدي شوفيني إسلاموي تم التأمر عليهن من قبل البيئة الإسلاموية المقيتة ومن قبل أناس كانوا قد كُلِّفوا بحمايتهم.

في إجهادٍ واضحٍ لنفسيهما تركزان على إظهار البطلة الكردية في وحدات حماية الشعب على إنها ضحية وليست إنسانة يمكنها أن تضحي أو تطالب بحريتها أو تقاتل.

وتظهران السبايا والضحايا من النساء الكرديات أيضاً على إنهنَّ سِلعةٌ في لعبةٍ ما وليست بمعتديات عليهن.

يشككن في كلِّ ما روي عن مقاتلاتنا .. حسناً وأنا أدعوهن إلى أن يعشنّ لمدة ستة أيام وسط مقاتلاتنا ليرينّ بأم أعينهن معنى الجمال الحقيقي جمال الروح والفكر, و ليقفن بعدها أمام المرآة ليرين القبح الحقيقي.

زر الذهاب إلى الأعلى