مقالات

ما بين خيار السلام الكوردي وخيار الحرب التركي

إن مسألة الاحتلال التركي لجزء يعد الأكبر من كوردستان ليس وليدة هذه الأيام بل تعود إلى قرون نحن لسنا بصدد سردها، بعد أن استطاع الأتراك إحكام سيطرتهم على كوردستان تحت المسمى الإسلامي والخطر الصفوي الشيعي على السنة بدأت مأساة الأمة الكوردية من قتل وتدمير وتهجير وإنكار الهوية الوطنية الكوردية وطمسها من أيام السلاطين إلى الدولة المدنيةالقومية التركية أيام أتاتورك ومروراً بحكم العسكر وانتهاء بالحرب الاردغوانية.
بعد استلام حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة في تركيا لم تختلف طريقة تعاملها عن مثيلاتها من الحكومات السابقة و إن اتسمت في مرحلة من المراحل بالانفتاح وفتح المجال أمام الحراك السياسي الكوردي في شمال كوردستان و السماح بتداول اللغة الكوردية لكنها لم تكن إلا تكتيكا كان الهدف منه كسب الود الأوربي لتحقيق الحلم التركي بالانضمام إلى الإتحاد الأوروبي والرأي العام العالمي كحزب سياسي منفتح على القضية الكوردية ؛ و إيهام وكسب أصحاب الأفق الضيق والمصالح من الشعب الكوردي كأكبر وارد وقوة بشرية على الصعيد التركي وضرب الحركة التحررية الكوردستانية بقيادة الحزب العمال الكوردستاني و إضفاء جو من السلام والرخاء لإضعاف إنتماء البسطاء الكورد إلى الأمة الكوردية والمضي في عملية صهر الشعب الكوردي أي منذ البداية كان أردوغان ومن وراءه حزب العدالة والتنمية أصحاب ذلك المشروع القاضي بإمحاء الهوية الكوردية والاستفادة من العنصر الكوردي بما هو معروف عنه بولاءه للإسلام واستغلاله في استعادة أمجاد الهيمنة التركية بمسماها الإسلامي أي أن المشروع الجديد لا يختلف عن الكمالية القائلة وطن واحد لغة واحدة و راية واحدة .
أعتقد أردوغان وثلته أنهم أدخلوا الشعب الكوردي في شرك فخهم وانطلت عليهم الحيلة لكن انقلب السحر على الساحر حيث منذ البداية وكفلسفة بديهية ومسلمات أخلاقية يؤمن به الشعب الكوردي وحركة التحرر الكوردية بالحرية والعدالة وأخوة الشعوب التي كانت الضمانة لنجاح المشروع الكوردي الهادف إلى أحقاق الحق الكوردي على أرضه التاريخية وبناء أواصر التآخي مع شعوب المنطقة و التفكير بمستقبل أفضل للاجيال القادمة كانت الضمان لاكتساح حزب الشعوب الديمقراطي كممثل عن الكورد وأصدقائه المومنين بعدالة القضية الكوردية لقبة البرلماني التركي وضرب المشروع الاردوغاني في القلب .
كان واضحاً و جلياً أن أردوغان لن يسكت عن خسارته في الانتخابات التشريعية الأخيرة وأنه لن يتوانى في استخدام كل الوسائل للمضي في مشروعه وكان الخيار العسكري مطروحاً دائماً بل إنه كان يستخدمه من حين إلى أخرى ولا ننسى دعمه للمجموعات الإرهابية المسلحة وعلى رأسها داعش وتوجيهها لضرب مكتسبات الشعب الكوردي في غرب كوردستان وممارسة الاستعمار الاقتصادي في جنوب كوردستان ولتكتمل الصورة وينكشف الجوهر الحقيقي لأردوغان و حزبه في معاداته للشعب الكوردي أينما كان بدأ الجيش التركي بحملة جديدة من الهجمات وارتكاب الجرائم بحق الإنسانية آخرها في قرية زركلة ومحاربة العزل الكورد. أنصدم الرأي العام التركي والعالمي لهول الهجمة التركية على الشعب التركي على اعتبار أن الشعب الكوردي أختار السلام و الأخوة خيارا استراتيجيا للعيش المشترك وتحقيق حقوقه أما حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب اردوغان اختار الحرب والقوة لتمرير المشاريع الخاصة به ؛ نتيجة لهذا رأينا انخفاض نسبة شعبيته في الداخل والخارج وامتعاض عالمي كبير وصل الى حد سحب شركائه من ألمان وامريكان  جنودها من منظومة قواعد صواريخ باتريوت و موازة لذلك رأينا أن العالم تعاطف وبدأ يتقبل  قضية الشعب الكوردي بقيادة حزب العمال الكردستاني ويكسب وينتقل من انتصار إلى آخر في طريقه نحو نيل الحرية وتقرير مصيره.

زر الذهاب إلى الأعلى