مقالات

مؤتمرنا السابع

سيهانوك ديبو

لا خلاف في أن نقول بأن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD هو الحزب الأول في العالم الذي اتخذ نظام الرئاسة المشتركة. المرأة والرجل بالقدر نفسه من المساواة في العمل السياسي وتبوُّء جميع المراكز القيادية والمسؤولة من القاعدة إلى القيادة؛ خلاف الأحزاب الأخرى التي تتخفى تحت عباءة وجوب حرية المرأة أو من خلال إعلان ذلك فقط في بندٍ من بنود برنامجهم السياسي أو أنظمتهم الداخلية. بقدر المعلومات المتوفرة لدي؛ يعتبر حزبنا أيضاً الوحيد في العالم في عقده لسبعة مؤتمرات في أربع عشرة سنة؛ عمر تأسيسه. متداوِلاً على رئاسته خمسِ رؤساء من بينهم اثنتين من المرأة. مبيّناً وفق ذلك؛ نوعاً متمايزاً عن الأحزاب الكلاسيكية التي يعلمها ورآها ويراها الجميع من المهتم بالشأن السياسي والنهوض المجتمعي؛ وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط. المنطقة الساخنة التي تستوجب قياساً بالقضايا التي يعانيها؛ نوعاً جديداً من الحوامل والنواهض؛ من أهمها الأحزاب؛ ونعتقد بأن حزب الاتحاد الديمقراطي قد خطى في هذا؛ قفزات نوعية.

الرقم سبعة؛ له المكانة المتميزة في وعي المجتمعات الشرق أوسطية؛ الوعي الذي أنتجته مجموعة من الثقافات؛ أهمها الدينية؛ إضافة إلى وعي الميثولوجيا لأبناء الشرق. لا يجب أن يُفهم؛ بأننا الآن ننطلق؛ إنما هو التأكيد بأن الجهد والنتيجة ليست سوى عملية متواصلة؛ متتامة؛ متكاملة. وكما أن الرقم سبعة؛ يسبقه ست أرقام، فإن مؤتمرنا السابع أوصلته إلى المستوى الحالي ست مؤتمرات تحمل براديغما الأمة الديمقراطية للفيلسوف القائد أوجلان؛ حضرْتُ منها وبكل شرف الثلاثة الأخيرة منها كقيادي وكمستشار للرئاسة المشتركة. الرقبة التي تحمل الرأس تتكون من سبع عظام. والألوان الرئيسية هي سبعة. إضافة إلى الرمزية الكبيرة التي يحملها الرقم سبعة في ميثولوجيا الدين وعلم اجتماع الأديان وقصة الخلق من المنظور الديني.

عشية انعقاد مؤتمرنا السابع؛ صرّح وزير خارجية السلطة السورية وليد المعلم بأن الكرد في سوريا يطرحون نوعاً من (الحكم الذاتي) وليس كما أشيع (الإدارة الذاتية) من الممكن أن التفاوض عليه؛ من بعد انتهاء الحرب على داعش/ بِحَسَبِ وليد المعلم. يمكن اعتبار هذا التصريح المتأخر بأنه رسالة إلى مؤتمرنا أيضاً؛ لكن قضايا الحرية والديمقراطية –في الوقت قبله ونفسه وبعده- أسمى من كل التصريحات وأرفع شأناً تنحو إليها المجتمعات من خلال أحزابها التنويرية النهضوية؛ منها حزبنا، ولأنه كذلك؛ كان من الأجدر على السلطة السورية أن تصوّب الإصبع من بعد معايرة عقلية للأزمة السورية؛ نحو مكامن الخلل ونحو أسباب الأزمة والحرب السورية، ومن ثمَّ نحو كيفية الحل الديمقراطي؛ إذا ما كان في بال النظام السوري؛ الاستعداد والنية للحل. كما وقرارات المؤتمر السابع وكما بيانه الختامي فإن الحل قد أثبتت الوقائع صحتها. وأن التاريخ لم يبدأ ما بعد سايكس بيكو؛ قد سبقه مراحل اشتركت في انتاج قيمها الشعوب في الشرق الأوسط برمتها. وأن حل الأزمة السورية يكون أن تتسع سوريا لجميع شعوبها وعلى مقاسها؛ لأن عزمنا كشعب كردي في سوريا وكحزب سياسي ليس فقط لحل قضية الكرد وإنما قضية العرب والسريان والتركمان وجميع الانتماءات الأخرى؛ في أن نخلق انتماء (وطني) (قيمي) (مُدرَك) للحل الديمقراطي الذي يُنتج بشكل تشاركي ويلبي تطلعات شعوبها ويصونه في عقد اجتماعي جديد هو الدستور الديمقراطي (التوافقي)؛ لأنه كذلك فالحل الواقعي؛ اليوم؛ هي الفيدرالية الديمقراطية. فلنضع على طاولة المفاوضات هذا الحل، ولنستفيد من تجربة الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، وفي الوقت نفسه من التجارب الناجحة للفيدرالية ومن التجارب التي فشلت وبلغها العطب؛ كما حال جمهورية العراق الفيدرالي. مؤتمرنا السابع يدعم جميع الجهود المبذولة السابقة في حل الأزمة السورية. وحين يكون على طاولة المفاوضات السورية ضمن الأطر السياسية التي قامت بدور فعال في تأسيسها؛ فإنه ملتزم بالحل الفيدرالي وفق مضمون الجغرافية وإرادة الشعوب في سوريا، ويطرحه كحل أمثل ناجع للحل، وهذه هي رسالتنا إلى المعنية بالحل السوري سابقاً والآن.

شعار مؤتمرنا السابع (من روج آفا حرة نحو فيدرالية سوريا الديمقراطية). شعار واضح لا يشوبه أية شائبة. مفتاح دمقرطة سوريا؛ مرآة تعكس بوضوح الضرورات الأخلاقية والسياسية والمجتمعية برمتها لوجوب إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في الأجزاء الأربعة. وأن الأمن والاستقرار في سوريا؛ كما في الشرق الأوسط؛ لها أبواب؛ أهمها الباب الكردي. لأننا نشهد واقعاً مهماً مؤَسَساً في تحقيق الحرية من روج آفا وشمال سوريا؛ فأننا ننتمي إلى المقاومة والحرب المقدسة التي تخوضها وحدات حماية الشعب والمرأة وعموم قوات سوريا الديمقراطية ضد الإرهاب؛ كما حالها اليوم في الرقة ودير الزور. ولولا الحرية في روج آفا لما شهدنا تحريراً في بقية المناطق من سوريا. هكذا نكون كرد وسوريون في الوقت نفسه. وأن حل الأجزاء ليس سوى التأكيد على الحل الكليّ. هي مسألة متعلقة بالكوانتوم والطاقة المتدفقة المنبعثة من كل جزيء؛ فكيف لو كانت طاقة شعب كامل يفوق عدده اليوم أكثر من ستين مليون في ارجاء هذه المعمورة؛ المهمومة والغارقة في حزنها البشري حتى أذنيها. تجار اللحوم من النظام العالمي؛ أخرجوا الكرد من تجارتهم تلك؛ بلا نصيب وبلا حصة. الدولتية التي حصلت قبل مئة عام في الشرق الأوسط؛ كانت تجارة في اللحم وتقطيع في النهش الواحد. والكرد أكثر من لعبت بمصائرهم لعبة الأمم القبيحة. هذه الصفحة يجب أن تطوى ويَحُلَّ عوضاً عنها الصفحة الجديدة التي يقررها الكرد وحدهم. لذلك؛ العلاقة بحق تقرير المصير؛ لكن؛ وفق التفسير الديمقراطي. كل مسألة لا يطرأ عليها التطوير ينالها الفشل. إنها الحياة التي لا تقبل إلا التطوير. إنها خاصيّة التفكير العلمي العملي: بناء معرفي على أبنية وقواعد محكمة سبقته أو انتجته. ومن أجل هذا؛ فأن القوى الديمقراطية في المنطقة؛ علاوة على القوى والأحزاب الكردية والكردستانية؛ مسؤولة عن انجاح وعقد مؤتمر وطني كردستاني ينتج عنه استراتيجية موحدة تؤكد بأن الوقت حائن لتحقيق الوحدة الوطنية في المجتمع الكردستاني؛ مدخل أساسي من مداخل تحقيق الأمن والاستقرار في مجتمع الشرق الأوسط. واللقاءات التشاورية التي تعقدها المؤتمر الوطني الكردستاني KNK؛ آخرها الذي سيعقد في الأول والثاني من أكتوبر تشرين الأول القادم في روج آفا؛ ننتمي إليه ولن نوَفِّر أي جهد لإنجاحه.

المسكينُ الفكريُّ؛ ربما صفة مناسبة، وتوصيف أنسب للكثيرين الذي عرّاهم الحراك الثوري السوري، والأزمة السورية، والحرب العالمية الثالثة في الجغرافية السورية الحديثة. ويبدو أن المسكين الفكري يدور في دائرة مغلقة صدئة؛ لم تعد موجودة؛ لكنه عديم الاستطاعة أن يخطو خطوة خارجها؛ كما ساكن الكهف. كما حال السيد حسن عبدالعظيم الذي أطلق مؤخراً ضجيجاً ضمن دائرته قبيل انعقاد مؤتمرنا ويتحدث عن أمور لم تحدث مطلقاً؛ أمور لا تحدث، وأنها ليست سوى تلفيقات تاريخية. كما قوله أن الكرد والسريان والآشوريين والشركس والبربر والأمازيغ هم (ثقافات) شكلّت الأمة العربية! هذا النوع من المعارضة لا يقدِّم إلا الخدمة للنظام الاستبدادي. المسكين الفكريُّ لا يعلم بأنه حينما يطلق رصاصاته الصدئة إلى التاريخ الحقيقي؛ فإن مستقبل التاريخ يطلق مدافعه عليه ومَنْ مثله؛ كما حال المسكين الفكريّ الآخر ميشيل كيلو في مقالته الأخيرة (معركة عبثية) التي يختمها بالزواج القسري. العبثية هي الابقاء العبثي والبقاء المستوحد والاصرار على الاستبداد تحت أغطية مهترئة؛ هرَّئتها رياح الشعوب وحقوقها. مسألة غير أخلاقية حينما يتنطع أحدهم ليقول لشعب كامل: هذه هي حقوقك. والمصيبة الكبرى حينما يكون حاضر وتاريخ هذا الشخص ممهوراً بجميع أختام الفشل. قف؛ ميشيل كيلو؛ وتعلم أن تنصت أمام الشعوب حينما تقول كلمتها في مشاريعها الناجحة.

مؤتمرنا السابع انعقد. وانتهت أعماله بنجاح. دون أن يفهم من ما تقدّم بأننا انهينا جميع المهمات وانتهينا من تحقيق جميع الأهداف. لكن؛ من الممكن أن نقول: إننا نمشي في الطريق الصحيح، طريق الشعوب الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى