مقالات

لهذا تكون الأولوية لتصحيح الذهنية

خالد عمر

عندما يحتوي ذهن الفرد/الجماعة على فكر خاطئ فبدون شك سوف تكون ترجمة هذا الفكر على أرض الواقع – تصرفات وانفعالات ومواقف – في غير المسار الصحيح, وبالتالي فإن سعي ذلك الفرد/الجماعة سيكون متوجهاً نحو تحقيق نتائج سلبية, فالمقدمات الخاطئة – بحكم المنطق – تؤدي إلى نتائج خاطئة, والطبيعي أن الانسان سوف يفكر ومن ثمّ يقرر أن يقدم على أي تصرف مادي أو معنوي ساعياً نحو نتيجة يتواخاها, فإن كان محتوى الذهن صحيحاً سوف يكون القرار صحيحاً وبالتالي سوف يكون التصرف صحيحاً وبالضرورة ستكون النتيجة إيجابية, والعكس بالعكس.

لذلك فإن أولى المهام التي تفرض نفسها – خاصة في الثورات – كأولوية لا تحتمل التأخير والتأجيل هي تصحيح الذهنية الفردية والمجتمعية وذلك لأن الشعب أفراداً وجماعات إن لم يتخلص ذهنه من المفاهيم والمعاني الخاطئة ومن التاريخ المزيف ومن الثوابت المزيفة والتي لا أساس لها من الصحة والتي لا تمت حقيقة المجتمع بأية صلة, فإنه سوف يبقى يدور في فلك السلطة التي ثار عليها.

ويكون تغيير/تصحيح الذهنية من مهمة الطليعة المجتمعية والتي يشكل المثقفون بشتى مؤسساتهم التي ينتمون إليها من أحزاب سياسية ومؤسسات مدنية وغيرها, وهنا يتوضح مقدار الدور الذي يمكن أن يلعبه كل من المثقف ومدعي الثقافة بغض النظر إن كان هذا الدور إيجابياً أو سلبياً, فالمثقف يستطيع أن يُسرع من وتيرة تنظيم المجتمع وتكثيف طاقاته بهدف تحقيق أهداف الثورة, وبنفس الوقت يستطيع أن يتحوّل إلى عصا يعرقل عجلة التقدم, بأن يقود الثورة المضادة بعلم أو بدون علم, فالمثقف والناشط والكتاب وغيرهم من فئات المجتمع والذين ينبغي أن يبدوا آراءاً ويكونوا فعالين بشكل إيجابي في خضم الثورة المعاشة كونهم المفترض أنهم مطلعون على التاريخ ويستطيعون أن يقيّموا الأحداث والمواقف الحالية بشكل صحيح أكثر من غيرهم, كونهم من الذين يُفترض أنهم مهتمون بالشأن العام, ولكن الواقع الحالي بخصوص البعض يثبت العكس, فالتقليدية التي تعتري تحرك الكثيرين من الفئة التي تسمي نفسها بالمثقف والكاتب والناشط والمستقل وما إلى ذلك من تسميات, تعبّر وبعمق عن مدى الجمود الفكري وعن مدى الغفلة التي يعيش فيها هؤلاء.

إننا الآن في العام 2019 بل وفي الثلث الأخير منه حيث تحوّل الكرد في سوريا إلى قوة سياسية عسكرية إدارية واقتصادية وامتد مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ليغطي حوالي ثلث المساحة السورية, وبموازاة ذلك فإن الكرد مع غيرهم من المكونات السورية الملتفة حول الإدارة الذاتية في تلك الجغرافية, هم وجهاً لوجه مقابل تحديات تاريخية وتهديدات بالإبادة والمحو من على وجه الأرض أو التحول إلى عبيد أذلاء لدى حفيد مخترعي الخازوق, وتسعى الإدارة بشقيها العسكري والسياسي ليل نهار لإنجاح المشروع وحشد التأييد والدعم الدولي في مواجهة الخطر التركي وخطر الإرهاب المتعشش في شقوق وزوايا البلاد.

يا لها من مفارقة كبرى حينما يكون هناك العشرات من شباب وبنات دول من مختلف أصقاع العالم قد استشهدوا على هذه الأرض ولا زال المئات منهم يقاتل في صفوف وحدات حماية الشعب في حين يطرق بعض المرتزقة في الخارج أبواب عواصم دول أولئك المقاتلين والشهداء الأمميين ليطالبوا بوقف تقديم الدعم والمساندة لوحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية, بينما في الداخل يرفع أحدهم كرتونة مكتوباً عليها أنه يتألم من الجوع لأن الإدارة رفعت سعر لتر المازوت 25 ليرة وبجانبه آخر رفع علم اقليم جنوب كردستان.

زر الذهاب إلى الأعلى