مقالات

لماذا ربيع الأكراد يعدّ خريفاً للشرق الأوسط؟

في قراءة لمقال لمصطفى زين بعنوان؛ (ربيع الأكراد خريف الشرق الأوسط) في مجلة الحياة، نجد أنّ الكاتب يتناول فيه العلاقة ما بين برزاني وإسرائيل، إذْ يقول في افتتاحيّة مقاله: “ولم يكن مستغرباً احتفال يهود في شوارع تل أبيب بانتصار بارزاني في الاستفتاء على الانفصال عن العراق”. فما يحزّ في النفس في هكذا مقالات؛ هو تشبيه الشعب الكرديّ بالشعب الإسرائيلي، والدولة الكرديّة التي ينادي بها برزاني بدولة إسرائيل، فكيف يمكن أن تقارن هذه الشريحة المثقّفة الشعب الكرديّ الأصيل في هذه البقعة التي ظلّت مسمّاة؛ كردستان على مرّ التاريخ، بدولة إسرائيل الحديثة، والمنقطعة عن التاريخ القديم؟!

لستُ بصدد رغبة إسرائيل الملحّة والشديدة في إنشاء دويلة كردستان في جنوبَيّ كردستان، أي في شمال العراق، وترويج انفصال إقليم كردستان عن العراق، واختصار كردستان في دويلة صغيرة، وإبادة وصهر بقية أجزاء كردستان، ووجود تيّارَين واضحَين في كردستان؛ (خطّ الدولة القوميّة وخطّ الأمّة الديمقراطيّة)، وبعيداً عن رغبة إسرائيل في نقل الصراع العربيّ – الإسرائيلي إلى صراع كرديّ – عربيّ، ونسيان القضيّة الفلسطينيّة التي باتت من القضايا المهملة، بعد أن توجّه معظم الإسلاميين العرب قبلتهم إلى كردستان من خلال داعش ومثيلاتها، ولم يخطّطوا لمشروع مثيل ضدّ إسرائيل على سبيل المثال.

لنتأمّل في هذا التأجيج العرقي الذي يزداد بعد الانتهاء من مشروع معيّن، فنهاية داعش باتت قريبة، لذلك فيجب الانتقال إلى مشروع تهديميّ آخر، ويجب أن يُؤجّج الصراع، فها هي بعض الأقلام العربيّة تتهافت إلى دقّ طبول الحرب، بعد أن دُمّرت سوريا والعراق واليمن… والآن تريد أن يستمر هذا التهديم، لن أقول: إنّ المعلومات التي يوردها مصطفى زين هي خاطئة، عندما يقول: “وجاء في كتاب شلومو «نكديمون «انهيار الآمال الكردية – الإسرائيلية» أن بارزاني الأب احتفل مع الإسرائيليين في جبال كردستان باحتلالهم القدس». لكن ما أريد قوله: – لماذا يُصرّ الكاتب على أن يختصر الكرد في شخص (برزاني)؟

هذه النبرة العدائيّة التي لا ينفكّ المثقّف القومويّ العربيّ يكرّرها؛ وهي أنّ الكرد هم إسرائيل الثانيّة، وهذا ما يؤكّد عليه أردوغان عبر خطاباته العدائيّة، وهو يقول: إنّ العراق منبع العرب والكلدان والآشوريين والإيزيديين… وكأنّه قد أعطى حقوق تلك الشعوب في تركيا، وكأنّه لا ينادي دائماً بالشعب التركيّ الواحد واللغة الواحدة والعلم والواحد والدولة الواحدة الأحد.

جاء الاستفتاء الذي حصل في إقليم كردستان، لتأجيج حالة الصراع ما بين الكرد والعرب، بعد أن فشل داعش في هذه المهمّة، فمهمّة أولئك القومويين الذين تداعت دولهم ومن خلال أتباعهم أن يبقى الشرق الأوسط مكان صراع، وساحة اقتتال، ومروّجو القتال هم شلّة من المثقّفين المأجورين الذين يتاجرون بدماء الشعب، فلا أحد من أولئك يشيد بالتجربة الديمقراطيّة التي يعيشها الشمال السوريّ الذي أعطى رأيه الواضح في الدولة القوميّة.

زر الذهاب إلى الأعلى