مقالات

قليلاً من تحكيم العقل يا سادة

اتسمت الأعوام الأخيرة في ظهور المزيد من حالات الانقسام بين الشعوب والمجتمعات وقادت بعض المسببات إلى تعميق مثل هذه الظواهر. فقد تأججت الحروب في عدة دول, وأطيح ببعض الحكام ,وبعض الدول ما زالت الحرب فيها مستعرة. غير أن الأمر في سوريا أخذ بُعداً آخر أخطر؛ من خلال حصول رصيد غير قليل من العنف والإرهاب والحقد والتشرد فيها, لدرجة وصلت العلاقات فيها إلى أدنى مستوياتها أو ما يمكن تسميتها بـ( كابوس التصفيات العرقية والمذهبية). وفي محاولة مبسطة للنظر إلى الحالة السورية الراهنة فأن النتيجة البديهية التي يمكن استخلاصها هي أنه استطاع الكرد أن يلعبوا دوراً إيجابياً هاماً من خلال الجمع بين الأطراف المختلفة في مشروع حضاري فريد.

ولا يبدو اليوم أن غالبية مكونات المجتمع السوري مختلفون كثيراً عن مواطنيهم الكرد، فهم ورغم انقسامهم أظهروا رغبة قوية في التعامل مع حقوق الشعب الكردي في سوريا ووقفوا إلى جانبهم في التصدي للإرهاب ورفضوا التدخل التركي في الشؤون السورية.

لقد وجدت المكونات السورية والتي أصبحت صاحبة إرادة حرة بعد أن وصلت إلى قناعة أن مجتمعاً كالمجتمع السوري يمكن أن يكون مثالاً جيداً أسوة بالدول التي تتألف من أقليات وطوائف متعددة متحابة متعاونة تمارس عاداتها وتقاليدها وطقوسها بدون تعارض وبدون دوافع لتهدد بعضها بعضاً.

وبعد أن تأكدت هذه المكونات إن عداء النظام التركي لسوريا كمجتمع يضم العديد من الشعوب والمكونات لم يعد مشكوكاً فيه بل بات معلناً؛ فمحاولة خلق جماعات إرهابية من قبل النظام التركي واعتبارها معارضة واستعمالها ضد المجتمع السوري كان من أكثر ما أثبت هذا العداء لديهم.

على الرغم من الاستمرار التركي المتحمس لتصدير شعارات وأفكار إلا أن غالبية مكونات المجتمع السوري لم يظهروا أي ميل للتنسيق معه؛ كما لم تظهر عليهم أنهم قد تأثروا بقوة المَدِّ التركي الإيديولوجي رافضين التبعية لا لتركيا ولا لأية جهة أخرى بل اختاروا التعايش السلمي بين المكونات.

هنا يأتي دور إظهار حُسن النيات ونعتقد أن إظهار حسن النِيَّة أمر ضروري في المرحلة الحاسمة التي تمر بها شعوب المنطقة.

بصراحة, التصريحات يجب أن تقارن بالفعل أما التهديد والوعيد وإطلاق الأحكام والنتائج المسبقة من قبل البعض لا طائل من ورائها سوى إضاعة الوقت والفرصة وعليه فأن أي تعذر أو وضع العُصي في العجلات والتهرب من الحوار الجاد سوف تفضي إلى ما ستسفر عنه من نتائج وعواقب وخيمة وسيتحمل الطرف المتسبب فيها مسؤوليتها وكل ما يمكن أن يقال أنه وتحت أي ظرف من الظروف فأن جميع الجهود يجب أن تنصب من أجل المجتمع ككل واستتباب الأمن وعودة الحقوق ومشاركة الجميع في بناء مجتمع جديد يستطيع البشر العيش فيه.

فقليلاً من التواضع وتحكيم العقل يا سادة فقد طفح الكيل…

زر الذهاب إلى الأعلى