مقالات

قضايا و سبل الحل

شاهوز حسن

تراكم المشاكل والقضايا في الشرق الأوسط وبخاصة في السنوات الأخيرة مع تصاعد حدة الصراعات في العديد من بلدان الشرق الأوسط يطرح مرة أخرى سبل الحل المفترضة وماهيتها؟ فالحروب الدائرة الآن في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا وتركيا.. كلها نتائج لتراكم القضايا وتعمُّقها من خلال طروحات مسببة للأزمات والقضايا وليست حلولاً لها. وبالنظر الى مُجمل المواضيع العالقة سنرى أن المقاربات والمفاهيم التي يُطرح بها الحل هي أصل المشكلة وليست الحل. فعلى سبيل المثال لا الذكر الصراع في سوريا له أبعاد مذهبية وطائفية بالدرجة الأولى وقومية بالدرجة الثانية، وكذلك في اليمن له بعد مذهبي وطائفي وفي تركيا له بعد قومي، ولكن الحلول التي تطرحها الأنظمة الحاكمة في هذه الدول هي هذه الرؤية المتطرفة سواء من الناحية المذهبية أو الطائفية أو القومية. وهذه هي القضايا الرئيسة التي يتطلب النقاش حولها وإيجاد حلول لها ولكن الإصرار على الرؤية التي تعتمد التمييز الديني والمذهبي والقومي يعمق من الأزمة أكثر فأكثر والصورة اليوم واضحةً جداً في العديد من بلدان الشرق الأوسط، وهناك ضحايا بعشرات ومئات الآلاف إضافة إلى عمليات التغيير الديمغرافي التي تقوم بها بعض البلدان وبخاصة في سوريا حيث يتم التغيير الديمغرافي على أساس مذهبي؛ والقوى التي تقود هذه العملية هي تركيا وإيران من خلال نفوذها والتوافقات التي تتم بينهما. إذاً ما هو الحل؟ الحل يكمن في تطوير الديمقراطية على جميع المستويات، بالطبع بسبب المقاربات الاستبدادية في الشرق الأوسط يتم استخدام الديمقراطية كشعار زائف من قبل الأنظمة وهذا واضح وصريح في انتخابات يكون المرشح فيها شخصاً واحداً ولا منافس له وتتحول لاستفتاءات إجبارية والنتيجةُ تسعة وتسعون في المائة ؟! لذا يتطلب النقاش جدياً حول موضوع الديمقراطية وكيفية جعلها وسيلة حل لكلِّ القضايا؟ لأنه مع موجة ثورات ربيع الشعوب في المنطقة والتدخلات الدولية والإقليمية حرفت هذه الثورات عن مسارها على الأغلب وبدلاً من تطور الحوار والنقاش حول سبل الحل الديمقراطية، تطورت الحلول التي تعتمد رؤية متطرفة تتخذ من الدين قناعاً لها وسيطرت قوى ومنظمات تعتمد الترهيب والقتل والدمار أساساً لها على العديد من المناطق وبخاصة في سوريا والعراق. فهل يمكن القول: إنه لا يوجد حلول وإن شعوب الشرق الأوسط غير مهيئة للديمقراطية؟! بالطبع سيكون من الخطأ العمل وفق هذه المقاربة لأنَّ الأنظمة تعمل على حَرْف سبُل الحل عن مسارها وكما ظهر لنا فالعقليات المتطرفة تربط الديمقراطية بالكفر والإلحاد وتدعي أنَّها دين الغرب؟! ويبدو أنَّ أردوغان أيضاً يعمل وفق ذلك الاعتقاد حيث أنَّه يستخدم الديمقراطية بشكل يكون لصالحه وغير ذلك مرفوض لديه وما مهزلة الدستور والاستفتاء الذي جرى في تركيا سوى أكبر إثبات على ذلك. هنا يظهر لدينا أنَّ الأنظمة المتسلطة والاستبدادية تعمل على خلق حالة من انعدام الثقة بالحلول الديمقراطية لدى شعوبها وتسعى بكلِّ الوسائل لتدمير إمكانات الحل الديمقراطي، ولكن الشعوب تعرف حق المعرفة أنَّ سبب أزماتها هي هذه الأنظمة وحالة الغليان الشعبي ضد هذه الأنظمة في أوجها وتسعى لتطوير الحلول لمشاكلها وقضاياها. وهنا فإنَّ ما تحتاج إليه هو الخروج من تحت تأثير الأنظمة الحاكمة والسلطة المستفيدة من انعدام الديمقراطية، وهذا يعني التحرر من الذهنية التسلطية والتي تفرض نفسها بقوة السلاح والصراعات وخلق الأزمات، والتحول نحو ذهنية منفتحة أكثر على الحل والديمقراطية. كيف يمكن للديمقراطية أن تكون سبيل الحل؟ فإذا كانت المشكلة هي الصراعات المذهبية والطائفية والقومية، فالحل يكون بالحوار وتقبُّل الآخر وليس بالسعي للقضاء عليه. فالتاريخ يثبت لنا جميعاً أنَّ الصراعات الدينية والمذهبية والطائفية والقومية كافة أفرزت كوارث كبيرة، ولم تتمكن أية قومية أو دين من القضاء على قومية ودين آخر. لذا فالحل يكمن بالعمل عكس الطريق المؤدي للكوارث والمآسي والويلات والدمار.

عن صحيفة روناهي

زر الذهاب إلى الأعلى