مقالات

في مواجهة الأزمة ,أين أخطأنا وأين أصبنا؟

ما تشهده سوريا والمنطقة؛ لها أبعاد كبيرة أكثر بكثير مما يمكن تصوره، فالجميع يعلم أن الأزمة المتصاعدة في سوريا والمنطقة دفعت العديد من الدول الكبرى للتوجه إليها إما بحثاً عن المال أو لأطماع توسعية أو لمعالجة أزماتها الداخلية ولن نسميها بالأسماء لأنها باتت معروفة لدى الجميع .

لكن لماذا سوريا ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً؟

وجدت هذه الدول أرضية خصبة في المنطقة؛ حيث أنظمة سياسية منهارة وعلاقات هذه الأنظمة مع شعوبها تكاد تكون معدومة والخلافات متفاقمة بين المكونات ذاتها, كل هذه استغلتها تلك الدول لتخلق لنفسها الظروف الملائمة، وبالتأكيد نجحت هذه الدول في مسعاها, واستطاعت أن تبسط نفوذها واتفقت فيما بينها على تقاسم المنطقة بكل ليونة وسهولة.

فالحروب في المنطقة لن تنتهي إلا بعد أن تحقق الدول الراعية لهذه الحروب أهدافها كاملة. عندها ربما ستُرسم حدود جديدة، وستُفرض أنظمة سياسية جديدة تحت عنوان عريض(شرق أوسط جديد).

تداعيات الأزمة أصابت سوريا والمنطقة في الصميم وهددت وحدتها ومكوناتها، أما اقتصادها فحدِّث ولا حرج، ولا يخفى على أحد أن شعوب المنطقة تعوّدوا على أن ينظروا إلى الأمور دوماً من زاوية طائفية بحتة(عنصرية)، وتعوّدوا أيضاً على أن يفرحوا بالانتصارات التي يحققها الأعداء على أرضهم حتى لو كانوا هم أنفسهم ضحيتها، وقد شهدنا ذلك خلال الاحتلال التركي لعفرين وغيرها.

وبصراحة أكثر: إن شعوب المنطقة تُستعمل اليوم وقوداً للحروب الإقليمية، والأجنبي لا يمكن أن يقوم بمهمة الحفاظ على المكونات والشعوب مهما كان حرصه كبيراً على استقرار المنطقة وهو بالطبع ليس حريصاً عليها.

الجميع يتضامن من أجل مصالحهم فلماذا لا نتضامن نحن؟ وإذا لم يتضامن شعوب ومكونات المنطقة اليوم فمتى يتضامنون؟

تركيا تحالفت مع ما تُسمى بالمعارضة السورية فصادرت قرارها الوطني، وتحالفت مع روسيا لتساعدها على احتلال أراض سورية بحجة حماية أمنها القومي، أما أميركا فقد أقامت قواعد عسكرية لها في سوريا بالتفاهم مع روسيا وغيرها. بالمختصر المفيد جميع المصالح الدولية تتحقق بحجة الدفاع عن استقرار المنطقة والجميع يبحث عن مصلحته إلا شعوب المنطقة التي ظلت تتصارع لتحقيق أهداف الغير.

في هذا الواقع الدولي والإقليمي المرير, حيث كل يوم تجد الشعوب أنفسها أمام مأزق جديد. وحيث أصبح التطاول على سوريا من قِبل أطرافٍ متعددة؛ من الأمور الطبيعية بل من حق الجميع، وهذا ما جعل مهمة إنقاذ شعوب ومكونات سوريا مهمة صعبة جداً، وكان لابد من وجود خيمة تظلل هذه الشعوب وتحميهم وتُؤمِّن لهم فرصة الاستمرار والأمل وهذه الخيمة عمودها اليوم هو هذا المشروع الديمقراطي الذي نعمل على ترسيخه, لأنه السبيل الوحيد الذي يمكنه أن يجمع بين المصلحة الوطنية لكافة المكونات والشعوب ويضعهم في خندق واحد أمام الأعاصير والمحن. هكذا بدأت مسيرتنا؛ فأين أخطأنا وأين أصبنا؟

زر الذهاب إلى الأعلى