مقالات

سوريا بلد الأقليّات

إذا ما أصرّت جهة؛ أيّاً تكن؛ اللعب على وتر الأكثرية والأقلية في سوريا؛ فإنها لن تحصد -ضمن ذلك- سوى الخيبة والفشل. فسوريا بحد ذاتها هي بلد الأكثر خصوصية في المنطقة وربما العالم كله. سوريا الشعوب. سوريا الثقافات. سوريا العربية الكردية السريانية الآشورية الأرمنية التركمانية الشركسية الشيشانية. سوريا المسلمة المسيحية الإيزيدية السنية العلوية الدرزية الإسماعيلية الشيعية الكاثوليكية الأرثوذكسية. وما التعبير الأكثر متعارفاً والمتداول في أدبيات مختلف الأطراف السورية بأن سوريا مكوّن من النسيج الفسيفسائي إلّا التأكيد على ذلك، لكن مع التأكيد على طمس هذه الخصوصية. أصحاب بدعة المواطنة أكثر من يدرك ذلك. والمواطنة تصبح بدعة لا قيمة لديها حينما لا تظهر ما هي المشاريع أو المشروع الديمقراطي الذي يحقق هذه المواطنة. مثل البدعة التي كانت تتقدم أو التي تُفْتتح بها الأحكام العرفية الجائرة والمراسيم الاستثنئاية ضد شعب سوريا وباسم الشعب السوري.

الضامنين وجماعة الآستانات ليس في بالهم مثل هذا التنوع. أو غير مُقَدَّر لهم سوى المسير عكس ذلك. عكس جنيف. محاولة منهم خلق بدلاً وبديلاً عن جنيف. وعن أي حل للأزمة السورية ناتج عن الحوار السوري السوري.

جماعة الدستور من آستانا/ سوتشي/ طهران/ أنقرة….ألخ. لا يعلمون ما الذي يفعلونه. قسم يؤكد بأن المهمة منحصرة في مناقشة الدستور الحالي. وقسم في باله بأنه (المُشّرِّع) الذي يصنع دستوراً جديداً. وقسم كبير ينوس ما بينهما. مع كل العلم بأن أسماء لجنة (الدستور) من (المعارضة السورية) هي التي جاءت برضى أنقرة. الذين ترضى عنهم تركيا فقط. وأقل ما يعنيه ذلك بأنه: ليس الحل.

ما يلزم اليوم توفر إرادة سوريّة -لم تزل في متناول الممكن- لتصيير رغبة الحل ضمن صيغة تتحقق فيها حق تقرير المصير بالانتماء إلى سوريا. وهذا بحد ذاته يلزم وجود شجاعة وطنية وروح مسؤولية بأن هذه هي سوريا. سوريا بلد الأقليات إذا ما أصر أحدهم أن تكون سوريا مقعرة مكوّمة في الجمهورية العربية الإسلامية السنية. وسوريا الحل هي أن تكون دولة لا مركزية ديمقراطية بعيداً عن أي انتاج لنظام استبدادي بمفهومية الإقصاء والاستعلاء والإمحاء والإنكار.

الأهم بأن صناعة الآستانا أثبتت مرة أخرى بأنها التي فشلت. بدءً من الضامنين الذين لا يمكن اعتبارهم بالضامن وبخاصة تركيا المحتلة. وفي انتقال الآستانا إلى سوتشي زحلقة لها وللمجتمعين. شدها إلى طهران في اجتماعها اللاحق المزمع عقده في أيلول سبتمبر القادم يعني بأن الآستانا باتت في المرحلة ما قبل الأخيرة من طيّها النهائي. من المتوقع أن تضيع الآستانات في اجتماعها الأخير من أنقرة. وقتها لن يلزم روسيا -على الأقل- شراء الوقت وتمريره وتوفيره.

زر الذهاب إلى الأعلى