مقالات

رجالٌ  يصنعون الحياة

مصطفى عبدو

توهّمتُ لفترةٍ لا بأسَ بها أن «تشي غيفارا» هو الوحيدُ الذي يحقّ له أن يكون رمزاً للنّضال الأمميّ الذي لا يمكن أن يُنافَس، حتى لفت انتباهي المقاومة البطلة التي يبديها أبطال قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة في ساحات الوغى  ضد أعتى أنواع الإرهاب، فبدأتُ بإعادة ترتيب أفكاري لأتساءل: ألا يمكننا أن نخاطبَ كلَّ  فردٍ من هؤلاء الذين ذكرتهم بـ” غيفارا” ؟؟.

 ألم يقم هؤلاء بثورة لتوحيد المجتمعات؟؟…  ألم يقوموا بثورة على ذواتهم الرافضة للآخر؟  بثورة لتوحيد المجتمع وإيجاد وسيلة للتعايش السلمي وضم أبناء المجتمع ضمن البناء الواحد  والمصيرِ الواحد من خلال تأكيدهم أن الوطنَ لا يخصّ شعباً دون شعب آخرَ بل هو لكل الشعوب المتعايشة فيه.

ألا تتفقون معي بأننا بمسيس الحاجة إلى أمثال هؤلاء  اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة وإننا نعيش في مجتمعٍ أقلّ ما يمكن وصفه بـ” اللوحة الفسيفسائية المتجانسة ” فإذا لم يكن هناك اندماجٌ وتعايشٌ سلمي بين كل هذه الفسيفساء الجميلة فلن يكون هناك استقرارٌ في بلدنا الذي يكمن جماليته في أطيافه المتعددة، ويحتاج إلى كل الشرائح القادرة على بنائه من جديد بعد الصراعات والانقسامات التي مهّد لها البعضُ.

طبعاً هناك أمورٌ يتطلب منا التركيزُ عليها أجدها  في غاية الأهمية والضرورة وهي:

أن نخلقَ جواً من التفاهم للوصول إلى  حوارٍ ايجابي بين كلّ  المكوّنات والطوائف والمذاهب وجميع الأطراف الأخرى، وهذا الحوار يجب أن يُبنى على أسسٍ متينة من الوطنية والصدق مع الآخر والإخلاص له. ويكون أيضاً حواراً مبنياً على المصالح المشتركة لا على مصلحة طرفٍ دون آخرَ، وأن لا يُستثنى منه أحدٌ. هذا الحوارُ سيصنع جواً من التعايش والالتقاء بالآخر والتقرّب منه بعيداً عن كل الخلافات والاتهامات وغيرها.

ومن خلال هذه الحوارات علينا التأكيد على نبذ الإرهاب والمنظمات الداعمة له ومن كل الجهات. والتأكيد على النقاط المشتركة بين مكونات المجتمع السوري ونبذ نقاط الخلاف بين ألوان الطيف. الأمر الآخر الذي لا يقل أهميّة هو أن تبنى وتُدار المؤسسات والهيئات على أساس الكفاءات بعيداً عن المحسوبيات التي تثيرُ النزاعات، وبالنتيجة توضَع الإدارة بين أيادي  تملك الخبرةَ والمعرفةَ وتعمل على تقدّم وتطور المنطقة وازدهارها.

وباعتبار شعبنا متأثرٌ بالدين بشكل أو بآخر، فيجب أن يكون رجالُ الدين وعلى مختلف مشاربهم طرفاً أساسياً ومشاركاً فعالاً في كل المؤتمرات والحوارات، والتركيز على مسالة مهمة ألا وهي دورُ الدين في التسامح وإشاعة مفاهيم الرأفة والرحمة بين أفراد المجتمع.

إلى جانب  هذا وذاك يجب التركيز على إشاعة المفاهيم الدينية الصحيحة بين أفراد المجتمع، وحثّ المجتمع على التعايش المشترك، وإنه لا سبيل لوحدة المجتمعات إلا بالتعايش السلمي القائم على أساس الثقة المتبادلة بين أطياف المجتمع ككل.

  بالمحصّلة نحن نعيش في مجتمعٍ متعدد الأطياف ومتنوع المشارب، الأمر الذي يضفي جمالاً مميزاً وألواناً جميلة  ومتنوعة إلى النسيج الوطني،  وهذا ما أثبتته قواتُ سوريا الديمقراطية من خلال الأطياف المتعددة المنضوية تحت سقفها.

إذاً يتطلب منا الأمرُ وقفةً حقيقية للتركيز على مفهوم التعايش السلمي لكل مَن هو غيورٌ على الوطن وعلى الإنسانية. المرحلة صعبة والمسؤولية كبيرة والتعايشُ مطلوبٌ  فهل حُقّ علينا ذلك ؟

زر الذهاب إلى الأعلى