مقالات

الائتلاف المستترك … نقطة من أول السطر

رياض يوسف

استلمَ ما يسمى بالائتلافِ السوريِّ المعارض الواجهةَ السياسيةَ لما جرى ويجري في سوريا من أحداثٍ في بداية العام 2011؛ وضعَ الشعب قبل الثوار آنذاك كل وكده وكل أمانيه في تلك الشخصيات التي كانت تتدعي الحرية والديمقراطية والعمل الوطنيّ لنأي الشعب والمدن عن أي خراب قدر الإمكان، والعمل في المحافل الدولية على اسقاط الطاغية بشار ونظامه البعثي في دمشق.

لم تمر إلا شهور قليلة حتى باتت تركيا المرتع الوحيد لأغلبية هؤلاء السياسيين (سياسيون عند الطلب)، فبدأت هذه الفصائل الثورية من الشعب السوري تتحول إلى فصائل إسلامية؛ تتسابق الفصائل في رفع أعلامٍ مكتوبٌ عليها أسماءٌ إسلامية وتنادي بالجهاد، منها تحت التهديد بقطع الدعم المادي والعسكري، ومنها من أمتهن الارتزاق وفضَّل المال فوق المصلحة العامة، المصلحة السورية ومصلحة الشعب في الدرجة الأولى.

تدخلت قطر بالدعم المادي كونها تحمل مشروعاً لمد خط أنابيب الغاز عبر سوريا إلى تركيا ومنها لأوربا، فكانت تركيا هي الشريكة في هذا المشروع أيضاً كونها البلد الثاني بعد سوريا في مد خط أنبوب الغاز القطري من ناحية، ومن ناحية ثانية لغايات توسعية احتلالية قديمة تعود أيام السلاطين العثمانية وأطماعهم في حلب وكل سوريا حتى الأردن، وكذلك وجود الكرد على الشريط الحدودي بينها وبين سوريا، وكونها المستفيدة الأكبر من سيطرة الفصائل الإسلامية المتشددة على الخط الحدودي وضعت كل امكانياتها في دعم هذه الفصائل، وشاركت معهم بعناصر من الميت التركي، بالإضافة إلى الدعم العسكري والمالي المدفوع من قطر، وحتى تم دعمهم بالمواد الكيميائية التي تدخل في صناعة المتفجرات، وفتحت باب حدودها على مصراعيها للقادمين من جميع أنحاء العالم بحجة الجهاد على أرض سوريا، ومحاربة الكرد على وجه التحديد لصالح تركيا وحكومة العدالة والتنمية بقيادة اردوغان، الذي أعلنها في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من قناة تركية واجنبية بأنه سيحارب الكرد وسيمنع من قيام أي كيان كردي في شمال سوريا، وحاول ربط وحدات حماية الشعب والجناح السياسي لها بحزب العمال الكردستاني ليلصق صفة الإرهاب بهم، وحاول وصفهم بالانفصاليين لدغدغة شعور العروبة واللعب على العرق العروبي، وأن الكرد يريدون اقتطاع الشمال السوري والانفصال، كما لعب على الوتر الإسلامي حين وصف الكرد بأنهم مرتدون عن الإسلام وأنهم أبناء الجن ليشرع لهؤلاء المرتزقة في ذبح الكرد وسبي نسائهم ونهب أموالهم، بهذه الطريقة جعل الكرد في نظر كافة الفصائل المرتزقة التابعة لقطر وتركيا مثل أحرار الشام والنصرة وداعش وكتائب الزنكي والسلطان مراد وغيرهم؛ كفرةً مرتدون انفصاليون يجب محاربتهم، ليمنع من تحالف الكرد مع اخوتهم السوريين لمحاربة النظام والعمل على اسقاطه، هنا لعب الائتلاف الذي يكن الولاء المخلص لتركيا دوراً قذراً لمصلحة تركيا (كونها الداعمة والممولة لأعضاء الائتلاف) حيث تناوب كل من الزعبي وجعارة والمالح وسيدا عليكو وبرو وغيرهم الكثيرين على شتم الكرد ووصفهم بابشع الصفات (لسنا هنا بصدد هذا الموضوع) حيث لصقت صفة الشبيحة بالكرد وكذلك الانفصاليين ليطول من عمر الأزمة السورية وعدم مشاركة الكرد في أي اجتماع يخص حل الأزمة السورية، ولتخلق الكره والحقد بين الكرد واخوتهم من مكونات المجتمع السوري، فتكون هنا تركيا قد استفادت من المنهوب من النفط والثروات التي سرقتها من مناطق سوريا عبر مريديها ومرتزقتها، وكذلك استفاد الائتلاف من بعض الدولارات التي تقدمها لهم تركيا على حساب قطر ومن أموال السوريين المنهوبة. ارتهن الائتلاف للسياسة التركية القطرية دون أدنى تفكير في المستقبل السوري ولا مستقبل الشعب السوري، إلى أن جاء ترامب إلى السعودية وقرر مع السعودية ومصر وبعض دول الخليج الأخرى وضع حد لقطر في دعمها للإرهاب؛ فكان ذلك من خلال مقاطعة كل من السعودية ومصر والإمارات والكويت وعمان لقطر، ووضع شروط لتقطع صلتها بالإرهاب وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة التي تمدهم بشكل مباشر ومن خلال الميت التركي، هنا لم تعد قطر تدعم هذه الجماعات نوعاً ما (أو خف دعمها لهم)، كون سياستها؛ المكشوفة بالأساس لم تعد تروق لأمريكا ودول التعاون الخليجي للدور القذر الذي لعبه تركيا وتحالفه مع العدو التقليدي لدول الخليج العربي؛ المتمثل بإيران.

هنا توقفت المساعدات التي كانت تُرْسَلُ لتركيا لتدفع للائتلاف وعناصرها الإرهابية المتشددة، وبالنتيجة سوف تتوقف تركيا عن دفع رواتب الموظفين لديها من الائتلاف السوري، لذا لم يعد الائتلاف بكل أعضائه يقوم بما ألقي ويلقى على عاتقهم كونه أجير لدى تركيا، ومرتهن لسياستها، ويتوقف عمله بتوقف رواتبه، فهو لم يعد يجدي نفعاً لتركيا بعد أن صدمت كل مشاريع تركيا بحائط القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في الرقة وفي منبج وآخرها على جدار مكونات عفرين. كما صرَّح التحالف الدولي بوقف الدعم العسكري لما تسمى بالمعارضة السورية كونها لم تعد تعمل لصالح أجندات سوريا نهائياً وأنها أصحبت متشددة تحمل صبغة إرهابية.

الائتلاف لم يعد يجدي نفعاً؛ والسعودية أعلنت إن الأسد باقي على لسان وزير خارجيتها الجبير؛ وعليكم التفكير بحل وبخطة جديدة، أي عليكم الابتعاد عن تركيا واجنداتها، وأنكم أصحبت منتهي الصلاحية؛ وبدا ذلك في تغيير رياض حجاب، وستتوالى حملة التغيير والانسحابات من الائتلاف تحت مسميات مختلفة منها التخوين والكذب والارتهان … وهنا آمل أن لا يطلّ علينا أحدٌ من أعضاء الائتلاف (المستقيلين) ببيان استقالة مدججاً باتّهام زملائه بإفشال الائتلاف، ورهن قراره للدول؛ وفي ختامه يتباكى على أطلال سوريا ليجدوا مكاناً في الائتلاف الجديد, فهو وأمثاله كانوا شركاء في كل ما وصل إليه السوريون من سوء.  لأن الائتلاف السوري انتهى … ونقطة من أول السطر لبداية جديدة أيضاً على حساب الدم السوري؛ وللأسف.

زر الذهاب إلى الأعلى