مقالات

حزب الشهداء …مسيرة كفاح

دوست ميرخان

15عاماً يمّر على تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي والذي بات يعرف في الأوساط الشعبية والعالمية الحرة بحزب الشهداء، الحزب الذي قدم مئات الشهداء استطاع أن يكون رقماً صعباً في معمعان الصراع في سوريا والشرق الأوسط بالرغم من كل محاولات التشويه والإنكار الموجّه ضده من قبل بعض الأطراف الإقليمية والدولية والتي سعَت بكل أذرعها السياسية والعسكرية التخلص من الحزب أو كسرِ إرادته الحرة أو سلب قرارهِ وتطويعهِ في خدمة مصالحها.

نحن أمام حزبٍ بدأ بالشهداء واستمر بهم إلى يومنا هذا، حزبٌ قدم كوكبة من الشهداء ما إن أعلن عن تأسيسه كحزب مجتمعي ديمقراطي حر يستمد إرادته من شعبه ومن قوة تنظيمه ومن فكرٍ وفلسفةٍ حرةٍ ألا وهي فلسفة القائد الكردي الأممي عبد الله أوجلان؛ مَن منا لا يعلم بأن  الشهيد/ الشهيدة( شيلان، أحمد بافي جودي, اوصمان…. عيسى حسو، خالد كوتي…..) والعشرات من الشهداء قد استشهدوا غدراً وبأمرٍ من الجهات الاستخباراتية السلطوية التابعة  لأنظمة الاستبداد والقمع؛ الانظمة التي لم تخفِ قط عدائها ضد الشعب الكردي وضد كل إنسان حرّ.

بالنظر للمرحلة التي تأسس فيها الحزب 2003 نجد إنه كان من الصعب  أن  يكتب البقاء والنجاح لأي حركة سياسية في المنطقة ما لم تكن ذات نهج ديمقراطي تنظيمي تستمر بهذه الإرادة وبهذا التنظيم كالذي نشاهده اليوم والمتمثل بحزب الاتحاد الديمقراطي، لا بل إن الحزب استطاع أن يجعل من الضغوط التي كانت تمارس عليه قوةً في صميم تنظيمها ومنها انطلق الحزب ليتوسع في الأوساط المحلية والدولية من خلال سياسته ومصداقيته وامتلاكه لقراره.

لا شك بأن حزباً كحزب الاتحاد الديمقراطي ولِمَا له من صِيت في التنظيم  والسياسة والعمل الجماعي الكومونالي في الأوساط المجتمعية، قد وضع أسسه الحزبية على أسسٍ رصينة وقويمة مبنية على بناء الانسان الحر ومجتمع سياسي حرّ ديمقراطي يتساوى فيه الجميع، وهذا ما اتضح مع بدء الحِراك الشعبي السلمي في سوريا.

 مع انطلاقة ثورة 19 تموز أخذ الحزب على عاتقه تنظيم مجتمعه وجماهيره ليضع في مرتكزات نضاله السياسي والمجتمعي وعلى جميع الأصعدة بناء مجتمع ثوري منظم قادر على الصمود والنهوض بواقعه، وبمبادئه الثورية المجتمعية خاض الحزب حراكاً تنظيمياً في جميع الميادين السياسية والثقافية والفكرية وأخذ من شعار روج آفا حرَّة وسوريا ديمقراطية لامركزية مبدأ لسياسته الداخلية وفي دبلوماسيته الخارجية، كما أكد ومن خلال كل فعالياته ونشاطاته بأنه يعمل تحت إطار وطني سوري هادف ومن أجل حل الأزمة السورية وفق الأسس الديمقراطية وبما يخدم مصلحة الشعب السوري إلى جانب القوى السياسية الديمقراطية في سوريا، ولذا فقد كان  الحزب من مؤسسي هيئة التنسيق الوطنية وأكثر الأحزاب فعالية على الصعيد السياسي والتنظيمي، مؤكداً على الثوابت الوطنية والديمقراطية في ظل الأزمة والصراع الدائر في سوريا منذ سبع سنوات، كذلك كان الحزب على نفس المسافة من الأحزاب الكردية في سوريا وعمل إلى جانبها في إطار توحيد الصف الكردي والعمل من أجل حل القضية الكردية في سوريا والتي اعتبرها الحزب قضية سوريا المركزية مؤكداً على إن لا حل للأزمة في سوريا من دون حل القضية الكردية في إطار حل سلمي سياسي مبني على التعايش المشترك بين جميع المكونات في سوريا، لذا فقد كان من المساهمين في تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال سوريا كنموذج ومشروع ديمقراطي.

كردستانياً عمل الحزب على  التقرب من الأحزاب الكردستانية عاملاً بمبدأ الأخوة والمصلحة الكردستانية العامة، داعياً كل الأطراف والأحزاب الكردستانية إلى توحيد الجهود من أجل الوقوف بوجه التهديدات والأخطار التي تهدد الهوية الكردية الكردستانية وتهدد وجود الشعوب الأخرى التي تعيش إلى جانب الشعب الكردي.

هذا ويمتلك حزب الاتحاد الديمقراطي رؤية سياسية خاصة وتنظيماً خاصاً مختلفاً عمَّا تعارف عليه المنطقة والشرق الأوسط والعالم الحديث والمعاصر، فليس للحزب توجهات قوموية، دينية، مذهبية، سلطوية حزبوية، إنما يعمل وفق مبدأ “السياسة الديمقراطية” نظرياً وممارسة وعليها يتكون البُنى والإطار التنظيمي والاستراتيجي للحزب، وعلى هذا الأساس  ينظم جماهيره في القرى والنواحي والبلدات والمدن دون تمييز بين المكونات في سوريا، وهذا ما أكسب الحزب قاعدة شعبية عريضة، أما عن دور المرأة والشبيبة فيمكن القول، وبكل شفافية إن مبدأ التشارك والتناصف بين الجنسين مبدأ أساسي من مبادئ الحزب من القاعدة وحتى رأس الهرم الحزبي، وهنا للمرأة حقوق وواجبات ومسؤوليات كما للرجل، وكما يشكل الشبيبة ركيزة أخرى من ركائز الحزب، ولا يفوتنا القاعدة العريضة للحزب في غالبية دول المهجر من أبناء سوريا المهاجرين في أوروبا.

ويضم الحزب في صفوفه الكرد والعرب والسريان ومن المكونات السورية الأخرى ومن مختلف الأديان والمذاهب والأطياف ويشدد الحزب على ضرورة الحفاظ  على كل الثقافات في سوريا والشرق الأوسط لِمَا لها من إرثٍ في تاريخ الحضارة الإنسانية وذلك وفق إطار بناء ثقافةٍ تشاركية ديمقراطية، لذا فإن الأكاديميات الفكرية والسياسية للحزب والمنتشرة في الكثير من المدن في شمال سوريا، تضع هذا المبدأ في قمة أولوياتها خلال دوراتها التثقيفية والتنظيمية والسياسية والفكرية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على البنية الأيديولوجية الفكرية الديمقراطية العصرانية للحزب؛ أما الحديث عن علاقات الحزب مع الأحزاب والتيارات الديمقراطية العالمية فله علاقة صداقة متينة مع الأحزاب والتيارات الديمقراطية التي تعمل من أجل السلام والديمقراطية والتي تناهض الاستبداد والعنف من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وإلى العالم العربي وأسيا، بالطبع الحزب اكتسب هذه الصداقة وهذا الصيت الواسع بالرغم من عمره القصير لِمَا له من مصداقية بين الأطراف التي ترى في الحزب نموذجاً للتيارات الديمقراطية في سوريا والشرق الأوسط والعالم حتى، ولمِا له من خصائص يختلف بها عن الاحزاب الأخرى، بالطبع يعتبر ذلك عامل قوة للحزب في  صموده بوجه الأنظمة التي تعمل على إقصائه عن الحياة السياسية والاجتماعية في سوريا، وهنا  القول بأن الحزب له قدرة كبيرة على الصمود وتجاوز المراحل العصيبة قد عكسها بانتصارات من الناحية التنظيمية والسياسية والمجتمعية حقيقةً عاشها الحزب منذ ولادته وإلى يومنا هذا.

بكل موضوعية إن حزب الاتحاد الديمقراطي يمثل في سياسته كل التوجهات الوطنية والديمقراطية والمجتمعية وهنا لسنا في صدد الترويج له لأن عمل الحزب وسياسته والروح الرفاقية التي يعمل بها الحزب منذ تأسيسه وحتى الآن هي التي تعطي وتمنح الحزب مساحة مجتمعية أوسع وتتسع هذه المساحة مع تكشف الكثير من الأوجه المتسترة خلف الأقنعة.

زر الذهاب إلى الأعلى