مقالات

ثورة ١٩ تموز (ثورة المرأة)

حمدان العبد

تعريف الثورة: هي تعني كمفهوم، الإثارة على النظام القائم وإحلال نظام جديد مكانه، أي بالمعنى الضيق هي التحول نحو شيء ديمقراطي.

شهدت كل التجارب العالمية للثورات تدخلات لدول وقوى أجنبية غيرت بالعمق في مجتمعاتها، ومنها الثورة السورية عام ٢٠١١ إذ تؤكد دروس جميع الثورات أن التدخلات الخارجية ليست وحدها هي التي تحدد مآل الثورات بل الأهم هو طبيعة القوى الاجتماعية المحركة للثورة ودرجة وعيها وتنظيمها إضافة إلى توفر أو غياب قيادة ثورية سياسية وجماهيرية وما تتبناه من استراتيجيات.

كل ما سبق هي عوامل أساسية تحدد مصير الثورات فشلها أو انتصارها، ومدى نجاحها وديمومتها، وإن عدد قليل من الثورات تمكنت من إحداث تغييرات كبيرة في مختلف الجوانب من الناحية السياسية والاجتماعية وحتى من ناحية السلطة.

فمع بداية الثورة السورية لعام ٢٠١١ وتحولها من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة تتبع لأجندات خارجية ومع اتساع وامتداد الثورة في كل أرجاء سوريا كانت مناطق شمال وشرق سوريا بدأت تظهر فيها مجموعات راديكالية إسلامية ذات دين واحد وقومية واحدة وتمكنت هذه المجموعات من السيطرة على بعض المناطق، ومع الظلم والاستبداد السابق وتهميش كافة المكونات اتخذ المكون الكردي بداية الخط الثالث، وبدأ بالثورة السلمية الديمقراطية والتي بدأت في ١٩ تموز لعام ٢٠١٢ من مدينة كوباني والجزيرة والتي هي امتداد للثورة السورية الحقيقية بغض النظر عن مساوئها ومحاسنها وأن هذه الثورة قد توفرت فيها الشروط الحقيقية للثورة من خلال تحقيقها الكثير من المنجزات وأهمها امتلاك شعوب المنطقة وبكافة طوائفها وقومياتها للقرار، واكتساب حق الحرية والتعبير بشكل ديمقراطي، وتكاتفها لدحر قوى التطرف والإرهاب والسير نحو البناء إلى جانب التحرير وتشكيل مجالس ومؤسسات لتتوج بالإعلان عن الادارة الذاتية وحكم الشعب لنفسه وتقديم تجربة متقدمة في الحكم والإدارة.

إن اللافت في هذه الثورة أي ١٩ تموز هي المشاركة الحقيقية للمرأة في كافة المجالات من خلال العمل الاداري والسياسي والتنظيمي، والمميز هو الجانب العسكري حيث استطاعت المرأة في هذه الثورة أن تكسر جميع العادات والتقاليد البالية وأثبتت إنها قادرة على النهوض بمجتمع ديمقراطي قوي حيث أثبتت المقولة التي تقول إن المرأة نصف المجتمع وتدير النصف الآخر.

وإن من أهم مقومات نجاح ثورة ١٩ تموز “ثورة المرأة” هي التجسيد الحي والتشاركية الحقيقية والمساواة بين الجنسين وجميع المكونات والطوائف والمناطق.

كل ذلك ناتج عن المشروع الأخلاقي والإنساني الديمقراطي الذي تبنته الثورة وهو مشروع الأمة الديمقراطية المبني على أخوة الشعوب والعيش المشترك والنضال وفق الطرق الدبلوماسية والديمقراطية.

ومع مرور ذكرى الثورة تأتي مساعي الدول الداعمة للإرهاب لضرب منجزات وأهداف الثورة والنيل من مكتسبات الشعوب في شمال وشرق سوريا وفي مقدمتها الدولة التركية التي لا تزال تخاف من هذا المشروع الديمقراطي خوفاً من امتداده الى الداخل التركي وإفشال الدولة الأردوغانية الإخوانية العثمانية.

إن هذه الثورة “19 تموز” استطاعت أن تصبح مثالاً يُحتذى به في عموم الشرق الأوسط، وإننا لانزال في خضم الثورة ويجب علينا أن نناضل بكل قوانا ضد كل من يريد أن ينال من وحدتنا ومشروعنا الديمقراطي الذي أثبت أنه مشروع وطني لكل السوريين وأنه طريق الحل للأزمة السورية من خلال مبادرة الإدارة الذاتية التي أطلقتها مؤخراً دحراً لدعاية (إن هذا المشروع هو مشروع تقسيمي انفصالي).

زر الذهاب إلى الأعلى