مقالات

بين الأسد و الائتلاف سقط الشعب السوري


محمد أمين عليكو
مرت سنوات وسنوات على الحرب الدامية في سوريا، وبقي بشار الأسد جالساً على كرسيه دون أن يتزحزح وهو يشاهد من أعلى جبل قاسيون سوريا تسقط في دوامة من الدم والخراب والدمار الاقتصادي الاجتماعي الحضاري والثقافي، سقطت سوريا ولم يسقط نظام الأسد وخرجت المعارضة المزعومة لتبدأ العزف على سينفونياتها المشروخة والغناء بصوتها الشاذ وجعلت الأزمة تتفاقم أكثر فأكثر، و لم تكتفي بذلك فقط فلقد صعدت قمم الفشل لحل الأزمة السورية قمة تلوَ قمة، لأنها لم تكن تلعب دور المعارضة ضد النظام إنما كانت تنام في أحضان الاحتلال التركي ومشروعه الاخواني في المنطقة، بل تحولوا الى مرتزقة تحت طلب السلطان العثماني لتنفيذ أجندات حزب العدالة والتنمية، المرتزقة السوريون متواجدون اليوم في ( ليبيا، العراق، اذربيجان، أرمينيا، اثيوبيا، اليمن، أضف الى ذلك هروب العشرات من المرتزقة السوريين الى ايطاليا…)
بالنسبة ( للمعارضة الداخلية) هي الأخرى لم تجد مخرجاً لأزمة الشعب السوري بالرغم أنهم من أبناء سوريا ولكن مع الأسف يتكلمون بلسان حال غير السوريين، ولم لا وقد عادوا إلى حضن البعث.
من جانب آخر دمر نظام الأسد مستقبل سوريا، ولم يعد للمستقبل وجود في أذهان السوريين فقط لأجل الحفاظ على منصبه، وأصبحت سوريا مسرحاً لجرائم الدولة الإسلامية “داعش” قبل خزيمتها على أيدي قوات سوريا الديمقراطية، واليوم ما يسمى الجيش الوطني الاخواني وجبهة النصرة، أحرار الشام وسلاطين استخبارات تركيا والتنظيمات المتطرفة الأخرى التي قامت بإعادة سوريا إلى الخلف قروناً بل وعصور, وشهدت المناطق الأكثر كثافة سكاناً في حلب شمالاً، إلى حمص وحماة وإدلب في الداخل، مروراً بالسويداء في الجنوب، ويلات الحرب و الدمار الكبير الذي هدمت البنية التحتية والبنوك والمؤسسات الاقتصادية والمدارس، ناهيكم عن ظهور آفات اجتماعية لا أخلاقية، و ممارسات الأفراع الأمنية بحق المواطنين، فضلاً عن تدمير الطبيعة، وانتشار عمليات السلب و النهب و الخطف و القتل و البعيدة كل البعد عن التصرفات الإنسانية، و لا يزال الأسد في مكانه ويمارس حقه في رئاسة سورية، ويقوم بين الفترة والأخرى بالظهور عبر الأعلام و يفتخر و يعطي شهادات و أوسمة للشعب السوري، وما زال يتشدق خيالاً بحلول لإنهاء حالة الحرب، لكنه لا يعلم بأن الحل ليس “تخيّل” بل “تخلي” تخليه عن السلطة والكرسي.
والمعارضة الخارجية هي الأخرى ليست بريئة من دم السوريين بل هي السفاحة التي سفكت دم الشعب السوري في هذه الحرب غير المتكافئة، وهي سبب الويلات للسوريين، وهي التي حولت سوريا إلى ساحة للنكاح و الذبح والخطف والتغيير الديمغرافي، ومن دون أي شك فان نظام الأسد والمعارضة هم شركاء في دمار سوريا ودمائها.
اعتمد الأسد على مساعدة روسيا وايران لإعادة رص صفوف قواته العسكرية والأمنية، متيحاً لموسكو وطهران مهمة الإشراف على الجيش السوري ومفاصل الحياة اليومية للمواطن السوري دون خجل وبشكل صريح، واعتمد على الحرس الثوري و”حزب الله” لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض، كما وجعل الميليشيات الشيعية والعلوية المحلية والخارجية الأخرى جزءاً من آلة دمار وقتل الشعب السوري، تناسى أن أمراء الحرب هؤلاء الذين اعتادوا فرض الخوف وممارسة السلطة في مناطقهم، لن يعودوا بسهولة إلى كنف الإنسانية فقط للحفاظ على السلطة كما تفعل مرتزقة الائتلاف وداعش و أخواتها.
كبّد الأسد سوريا ثمناً باهظاً برفضه أي حل سياسي لا يفصّله بنفسه، وكان المتسبب بأكثر من 400ألف قتيل ومليون جريح، وأكثر من أربع ملايين لاجئ حملوا معاناتهم إلى الدول المجاورة وبعضهم ارتأى الهرب أبعد وفضل الغرق في البحار والموت في الشاحنات وعلى حدود الدول، ونزوح أرقام لا تحصى داخل سوريا، و13 مليوناً آخرين يعيشون على المساعدات الإنسانية حسب منظمات حقوق الانسان، ومازال الأسد باقٍ في مكانه، فإلى متى هذه المذبحة ببقائه؟
واليوم ما تشهده سوريا من بازار سياسي بين الدب الروسي ومعه حلفاء مثل إيران والصين والشيعة في جميع أنحاء العالم، ويقف في الطرف الآخر المارد الأميركي و معه حلفائه الأوربيين الذين جعلوا سوريا كمزرعة تابعة لهم، وتناسيهم عن صنع (داعش، الائتلاف الاخوانجي – أردوغان)، و من صنع (الأسد ومليشيات الطائفية – إيران – روسيا ) والصمت يخيم على مراكز القرار.
جعل الأسد سوريا مقبرة للشعب السوري ومازال مستمراً بآلة قتله الفتاكة إلى اليوم الراهن، لقد قتل ثورة الشعب التي كانت تطالب بالحرية والديمقراطية، ووضع عصابات ومجرمين داخل هذه الثورة كما تفعل اليوم تركيا بحق الشعب السوري، عبر إرسال ودعم ما يسمى الجيش الوطني و جبهة النصرة في مناطق التي تحتلها ( الباب، إعزاز، عفرين، إدلب، تل أبيض و رأس العين)، ومازال الأسد باقٍ وأصبح رحيله من ذكريات ما كان ثورة حتى لم تعد الدول تفكر في مصير الأسد.
لماذا لا يتعلم الأسد من شمال وشرق سوريا/ الإدارة الذاتية؟؟
موطن الكرامة و التعايش و للإنسانية عنوان، دون أن يكون هناك فرق بين عربي وكردي ومسيحي وتركماني وأرمني وعلوي وشيعي وسني وآشوري، نرى كيف أن قوات سوريا الديمقراطية تحمي و تضحي لأجل الشعب وتحمي أسوار مناطقها من العدوان ونرى الصدق في تعامل الإدارة الذاتية مع مواطنيها، نرى كيف يقوم الأهالي في القرى والنواحي والمدن بإدارة أنفسهم عبر قوة حماية المجتمع ليحموا الأطفال والنساء والشيوخ، نرى كيف الشباب في شمال وشرق سوريا يلتحقون بواجب الدفاع الذاتي بحافز وطني وليس كما يدعي البعض تجنيدا إجبارياً.
على النظام السوري والمعارضة أخذ العبر من تعايش أبناء شمال وشرق سوريا، وعليهم أن يوقنوا بأن الحل الوحيد للأزمة السورية هي تطبيق مبدأ الإدارة الذاتية والتعايش المشترك بين المكونات وليس كما يدعون بين الحسم والاسقاط. سقط الشعب السوري والجيش السوري والائتلاف ومجموعات الفصائل المعارضة الارهابية المدعومة من قبل تركيا، والأخيرة تقتل الشعب السوري كل يوم، فطوابير الناس أمام مراكز الافران و امحروقات، وحالة الفقر التي تجاوزت 90 % تثبت واقع هذا الشعب.
ألا يتعلم الأسد والائتلاف من هذا كله؟، إلى متى باقٍ الأسد ألا يشبع من سفك دماء الشعب السوري وإهانتهم؟.

زر الذهاب إلى الأعلى