مقالات

بالحوار الوطني نقضي على الفتنة ونحقق السلام

علي مصطفى

إن ما شهدناه خلال السنوات الماضية من الإنجازات، والتي قام فيها أبناء شعبنا من خلال اللحمة الوطنية بين أبناء الشمال السوري في مناطق الإدارة الذاتية، كانت مضرب مثل للروح الوطنية واللحمة الإنسانية بين أبناء الوطن ومكوناته، من العرب والكرد والآشور والسريان، عبر التحاقهم بالقوى الوطنية المتمثلة في قوات سوريا الديمقراطية والتي كانت نموذجاً وطنياً تجتمع فيه كل المكونات السورية تحت لواء واحد من أجل مقاومة أشرس القوى العنصرية والإرهابية والتي قامت بأبشع الأعمال الإجرامية والدموية بحق شعبنا والمسماة بتنظيم داعش الإرهابي والمدعوم من جهات خارجية وداخلية لخلق النعرات الطائفية والاثنية بين أطياف الشعب السوري الذي مزقته القوى المتصارعة على الأراضي السورية، فلم يجد أبناء الوطن منطقة أمان واستقرار أو ملاذ لأرواحهم إلا مناطق الإدارة الذاتية التي أصبحت أرض سلام في ظل الصراعات الداخلية والخارجية التي دفع ثمنها أبناء وبنات الشعب السوري.

هذه الحرب التي لم تستطع عموم القوى الدولية وعبر كل محافلها من إيجاد الحل المناسب لهذه القضية رغم كل القرارات الصادرة من مؤتمرات جنيف إلى استانا إلى سوتشي، واليوم في ظل هذه المعاناة نرى أن المؤامرات مستمرة على شعبنا وأمنه وسلامه في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها مناطق الإدارة الذاتية نتيجة تمرد بعض القادة العسكريين في مجلس دير الزور العسكري بفعل ذاتي مرهون لصالح أجندات خارجية معادية بعيدة عن الوطنية، وزرع مبدأ الإمارة الذاتية مدعومة من قبل الأجهزة الأمنية لحكومة دمشق عبر دعمها للفصائل الإرهابية وتأمين المعدات والأدوات اللازمة لتأجيج الصراع وضرب مشروع أخوة الشعوب من خلال نشر الفتن والذعر والخوف والفوضى وعدم الاستقرار على الأراضي الشمالية لضرب مشروع الإدارة الذاتية وتقسيم اللحمة الوطنية بين أبناء هذه الأرض وصولاً عند مطلب الأهالي والوجهاء والعشائر في مجلس دير الزور، ولأكثر من مرة قامت قوات سوريا الديمقراطية بالتدخل العسكري من أجل محاربة التنظيمات الإرهابية وفض النزاعات بين العشائر لإعادة الهيكلية لمجلس دير الزور العسكري ولتعزيز الأمن والاستقرار وإحلال السلام ومنع التمدد الخارجي إلى المنطقة وإخماد الفتنه التي تحاول جهات أخرى تأجيجها عبر الأجهزة الأمنية والعملاء التابعين لجهاز الحكومة السورية والمدعومين من قبل الحكومة التركية لنشر صراع لا محدود من أجل التدخل باسم القبائل والعشائر العربية لتبدوا المشكلة صراع كردي عربي والذي يخدم مصلحة اجنداتهم بإعادة تفعيل دور خلايا تنظيم داعش الارهابي والمتورطين معه من قيادات مجلس دير الزور العسكري.

وبفضل الوعي السياسي والحنكة الدبلوماسية والعسكرية لقوات سوريا الديمقراطية استطاعت تحجيم وقمع العناصر الإرهابية وحلفائها، وإعادة السلام والاستقرار لوقف نزيف الدم ووقف نار الفتنه التي سوف تحرق المنطقة بنزاع طائفي، والعمل من أجل تصفيه خلايا داعش الإرهابية ومن معه، فلقد عملنا جميعاً من أجل حاضرنا ومستقبلنا لتجاوز آثار الماضي الذي فرض علينا وورثناه من الخلافات والتفرقة التي بثها فينا الاستعمار وحلفائه وأعوانه ليفرقنا شِيَعَاً وأحزاباً وقبائل متناحرة فيما بينها ويسير الفتنه بين ربوع بلادنا حتى يسيطر على مقدراتنا وأرزاقنا في كل النواحي الداخلية والخارجية، ولقد عملنا بفكر السياسة الديمقراطية لتوحيد صفوف شعبنا لنكون يداً واحدة ونعمل من أجل هدف واحد نحو تحقيق مشروع الأمة الديمقراطية التي يندمج فيها الجميع في بوتقة واحدة لا يستطيع فيها أعداؤنا مهما عملوا على تقسيمنا وتفريق وحدتنا، فلقد حملنا راية الحرية لنبني الأهداف الكبيرة لتحقيق الآمال والأحلام التي نتمناها لمستقبلنا ومستقبل أخوتنا وأبنائنا، ولقد قدم شعبنا آلاف الضحايا والشهداء لتحقيق السلام والاستقرار ولتأمين حياة كريمة أفضل من الحياة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، فمسؤوليتنا اليوم أكبر من ذي قبل لترسيخ فكرنا والحفاظ على أيديولوجياتنا الوطنية والإنسانية لتكون رسالة للأجيال القادمة يحتذون بها ويطورونها مؤمنين من كل قلوبنا بضرورة وحدة وطننا ووحدة أبناء الوطن، ويجب علينا أن نستخلص من دروسنا عبر التاريخ أهمية وحدتنا ورصِّ صفوفنا بروح المحبة والتضامن والإخاء لنكون قادرين على الوقوف في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضدنا من خلال خلق روح العنصرية والغيرة والتنافس لتكون سبباً رئيسياً في تفرقتنا وضعفنا من أجل هزيمتنا، فيجب علينا أن نزيل هذا الضعف لنكون متحدين وقوة رادعة متحررين من كل النزاعات الطائفية والعنصرية والقومية، ومتسلحين بالعلم والمعرفة، فالعلم هو ماء الفكر وبذلك سنقضي على كل أسباب الضعف وأشكال التفرقة وسنقف بوحدتنا في وجه كل محاولات أعدائنا لتفريق وحدتنا وخصوصاً المحاولات التي يقوم بها الاحتلال التركي عبر الاعتداء علينا وتهديدنا على أراضينا ومحاولات الحصار الاقتصادي ومحاولات الحرب النفسية وحرب الدعايات المغرضة والمبغضة التي يشنها إعلام سلطة دمشق علينا لتوقع الفتنة والتفرقة بين صفوفنا وبين أبناء هذا الوطن، فعلينا أن نعمل بكل قوتنا حتى نبني مشروعنا الديمقراطي ولنعتمد على أنفسنا في تأمين ما نحتاجه من اللوازم الضرورية المجتمعية لتحقيق هذا المشروع ولتامين الحياة الكريمة لشعبنا ولبناء مجتمع يرفرف عليه الرفاهية ومتحرر من كافة أشكال الاستغلال السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولنسير في تطوير بلدنا اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ملتحمين بالوحدة الوطنية مع أخوتنا في قواتنا قوات سوريا الديمقراطية والممثل الشرعي لجميع أبناء هذا الوطن بكل أطيافه. لنحمي أرضنا وشعبنا ولنبني وطناً حراً ديمقراطياً.

زر الذهاب إلى الأعلى