مقالات

المنطقة الآمنة

إن المنطقة الآمنة التي يتم تداولها في الاعلام هذه الأيام، هي كتعريف لاتوجد في القانون الدولي بشقيه الحربي او الانساني، ولكن تم الحديث عن هذا المفهوم ضمن الطابع الانساني، وذلك لحماية مجموعات اثنية وعرقية، من هجوم قوى عسكرية خارجية، متفوقة على القوى المحلية، وحدث ذلك بداية التسعينيات من القرن العشرين، في الحرب في يوغوسلافيا السابقة، التي ادت الحرب الأهلية فيها إلى انفصال المجموعات العرقية عن بعضها ضمن دول وكيانات معترف بها دوليا، هذه الحرب التي ادت الى قتل وتشريد مئات الآلاف من البشر، في سابقة هي الاولى في القارة الاوروبية، منذ الحرب العالمية الثانية التي حدثت في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي.
تلك الحرب الاهلية التي كانت نتيجة الاستبداد الذي حكمت تلك المنطقة، وكذلك نتيجة تدخل الدول المجاورة في النزاع الداخلي، كما يحدث الآن في سوريا.
المنطقة الآمنة حسب العرف الدولي الذي قيس عليه ببناء المنطقة الآمنة في أفريقيا وذلك لحماية قبائل التوتسي من وحشية قبائل الهوتو.
هذه المناطق الآمنة تبنى على أسس منها:
– المنطقة الآمنة يديرها ابناء المنطقة.
– المنطقة الآمنة يحميها ابناء المنطقة.
– المنطقة الآمنة تصبح مأوى للنازحين واللاجئين، تحميهم من القوات النظامية، وكذلك من القوى الخارجية المتدخلة في الصراع.
– المنطقة الآمنة تكون تحت رعاية دولية لمنع الجهات المتفوقة عسكريا من اقتحامها.
لنأتي للاسس المتوفرة وغير المتوفرة في شمال وشرق سوريا لتصبح منطقة آمنة.
– من حيث الإدارة، توجد إدارة مدنية من أبناء المنطقة تدير وتسير أمورها منذ بداية عام 2014 متمثلة في إدارات ذاتية ديمقراطية وإدارات مدنية، كما تم إجراء ثلاثة عمليات انتخاب:
الاولى كانت في 13 آذار 2015 على مستوى البلديات، في المناطق المحررة من النظام وداعش والمجموعات الارهابية الاخرى.
الثانية في 22 ايلول 2017 وشارك فيها حسب المفوضية العليا للانتخابات مايقارب مليون ونصف المليون شخص يحق له الانتخاب، في ثلاثة كانتونات هي الجزيرة وكوباني وعفرين، على مستوى الكومين.
الثالثة في1 كانون الاول 2017 على مستوى المجالس المحلية.
حيث شاركت فيها القوى السياسية المختلفة، لجميع المكونات، مع قوائم منفردة للمستقلين، حسب قانون الانتخابات الذي اصدره المجلس التأسيسي لفيدرالية روجآفا- شمال شرق سوريا، في 28 تموز 2017م.
وبذلك تم تشكيل الكومينات والمجالس حسب فوز القوى السياسية في الانتخابات، وكانت المناطق الثلاث على موعد مع الانتخابات على المستوى الثالث، مجالس الشعوب ومؤتمر الشعوب، (المستوى البرلماني)، ولكن العدوان التركي على منطقة عفرين واحتلالها له بالتعاون مع المجموعات الارهابية، توقفت تلك العميلة الانتخابية.
– من حيث القوى الامنية، أن تشكل القوى الأمنية وكذلك العسكرية التي تضم جميع مكونات المنطقة، من كرد وعرب وسريان تركمان وجركس وشيشان، إذاً هي مشكلة من جميع مكونات المنطقة، وكذلك القوات العسكرية، قسد فهي أيضا مؤلفة من جميع مكونات المنطقة، مثلها مثل القوات الامنية، هذه القوات التي حمت المنطقة التي حررتها قسد من براثن داعش وماتزال، حيث أن قسد حررت مساحات شاسعة من تنظيم داعش الارهابي، وستقضي عليه قريبا بمساعدة التحالف الدولي ضد الارهاب.
– من حيث وجود النازحين واللاجئين، يتواجد في هذه المنطقة، منطقة شمال وشرق سوريا، عشرات الآلاف من اللاجئين العراقيين، وكذلك مئات الآلاف من النازحين من مناطق سورية مختلفة، وتقوم الادارة الموجودة بالقيام بجميع واجباتها تجاههم.
كما تم تشكيل إدارة ذاتية ديمقراطية لشمال وشرق سوريا، في 6 أيلول 2018 م، ضم الادارات الذاتية للجزيرة، والفرات وعفرين، والادرات المدنية للرقة والطبقة ودير الزور ومنبج وريفها.
– من حيث وجود قوات حماية دولية، إن قوات التحالف الموجودة الآن في شمال وشرق سوريا، هي بمثابة الرادع للقوات التركية وكذلك قوات النظام من الهجوم على المنطقة، وإنما بانسحاب هذه القوات حسب قرار الرئيس الامريكي ترامب قريبا، ستصبح هذه المنطقة بدون حماية دولية، وهو مايجب العمل عليه لتأمين حماية دولية لهذه المنطقة، وتأمينها ضد الهجوم التركي، الذي يهدد المنطقة وابناءها وكذلك يهدد حياديتها وأمانها، كما حدث في منطقة عفرين بدايات العام 2018 ، وكذلك من تهديدات النظام السوري.
إذا والحال هذه، فإن ابناء المنطقة يديرون منطقتهم بأنفسهم وكذلك يحمون منطقتهم بأنفسهم، وكذلك تواجد اللاجئين والنازحين، إذا البنود التي تسمى بموجبها المنطقة، بالمنطقة الآمنة، متوفرة في منطقة شمال وشرق سوريا، وهي بذلك ليست بحاجة إلى قوات من خارج المنطقة لحمايتها الداخلية وإدارتها.
تبقى النقطة، غير المنفذة حاليا، ألا وهي حماية المنطقة من اعتداء القوات الخارجية، كالدولة التركية، وكذلك من قوات النظام.
إذاً يتطلب لكي يكتمل بناء المنطقة الآمنة هي حمايتها من القوات المتفوقة عليها عسكريا، وكذلك من القوى التي هي طرف في الصراع السوري، (كالقوات التركية وقوات النظام).
وذلك يكون بتوفير الحماية الدولية وباشراف قوات دولية، لا تنتمي إلى دول الجوار، وليست طرفا في الحرب السورية، وبذلك سوف يكتمل تسمية منطقة الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالمنطقة الآمنة.

لقمان أحمي

زر الذهاب إلى الأعلى