مقالات

القِمَم الكردية وإشكالية تعريف الوطنية

بدران الحُسيني

قد لا تنطبق تسمية “القِمَمْ” على ــ جولات الحوار ،الكردي ،الكردي ــ على اعتبار أن الكُرد ،شعباً، وقياديين، ورؤساء أحزاب هم مُجرَّدُونَ من أدنى درجات الحقوق بكل التوصيفات، وتاريخنا المليء بالمآسي والانتكاسات يشهد على ذلك دونما الخوض في تفاصيله المريرة، ويبدو أن هذا التاريخ يُراكم نفس المغالطات والأخطاء إلى وقتنا الراهن رغم آلاف التضحيات والقرابين على مذبح الحرية وتحصيل الحقوق، واللافت أن تاريخنا الكردي يُقر بأن تلك المغالطات والأخطاء لم تكن من الجانب العسكري، إنما كان الفشل سياسياً دائماً، مما يحتم على المتتبع للشأن الكردي وتحديداً “للقمم الكردية” إجراء مقاربة بين جولات الحوار الكردي ونتائجه وبين تجربة الاستنساخ، بالتأكيد ليس المقصود هو الاستنساخ العلمي، إنما الدلائل والمعطيات تشير إلى استنساخ “القمم العربية” التي كانت تعطي شعوبها آمالاً هلامية ووهمية لتبقى في نهاية المطاف مادة للاستهلاك الإعلامي فقط وتبقى تمنيات الشعوب حبيسة النفوس.

وبمقاربة بسيطة بين الماضي والحاضر: فإن المشهد الكردي اليوم في ظل استعصاء الخيارات والمأزق الذي تمر به وحدة الصف الكردي يقتضي التخلي والتجرد من الميول والانحياز الحزبي والاستعداد للتضحية بين الأطراف الكردية لا سيما حين تكون لغايات وأهداف تتقاطع فيها مصالح الشعب الكردي ورغبته التي باتت محسومة بالقرائن والأدلة في الوحدة الكردية. 

ولعل موانع الوصول إلى تحقيق الوحدة الكردية تكمن في الاختلاف أو عدم التوافق على تعريف “مفهوم الوطنية” أو تعريف “الكردي الوطني” من منظور هذا الحزب أو ذاك، أو الخلاف على المعايير التي تُعتبَر مقياساً لتحديد الكردي ما إذا كان كُردياً وطنياً أو عميلاً، وهي مسألة يمكن تجاوزها بالاتفاق على حيثيات هذه المعايير والمقاييس بين الأطراف الكردية للوصول إلى تعريفٍ للوطنية أو “الكردي الوطني”، ومن البديهي يُسقَط من هذا التعريف كل كردي يعمل لتحقيق أهداف وغايات “محتلي الكرد”، أو يسعى عَمْدَاً إلى نَسْفِ المكتسبات والمنجزات الراهنة والمستقبلية لتحقيق المصلحة الشخصية أو الحزبية وفق أطماعه وحساباته.

القرائن والمعطيات تشي بأن الكرد قادرون على تفادي الانزلاقات الخطيرة والقفز فوق المعوِّقات التي تحولُ دون تنفيذ معادلة الوحدة بين المواقف أو الصفوف، ومن شبه المحسوم أن لديهم بنك من الأهداف المشتركة لتحقيقها بعد الإدراك بأن الخناق السياسي المُعلن والمخفي ربما قد يضيق على أعناقهم إذا تبدلت المعادلات الدولية وفق المصالح، وصار الكردي بين فكي كماشة صفقات الدول الكبرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه فعلاً: هل ستبقى وحدة الصف الكردي في طور الأخذ والرد، أم مازالت المساعي جادة للخروج من هذا النفق لسحب الذرائع من التداول لدى الأعداء؟.    

زر الذهاب إلى الأعلى