مقالات

الفدراليّة تفرض نفسها على كل الحلول

عامر طحلو

في ظلّ التطوّرات الأخيرة في سوريا والعراق, واكتساب مشروع الأمّة الديمقراطيّة المزيد من الدعم الجماهيري بين شعوب شمال سوريا, وانتفاض الشّعب في كلّ مدن ومناطق الشّمال السوري, ناهيك عن نشاطات الجالية الكرديّة في أوروبا, والاعتصامات والإضرابات عن الطعام التي قام بها الشّرفاء في كلّ أنحاء العالم, من أجل الكشف عن الوضع الصحّي لصاحب فلسفة الأمة الديمقراطيّة عبد الله أوجلان.

يبدو أن الأزمة السوريّة تتّجه للحلّ, خصوصاً بعد أن اقتربت داعش من نهايتها, والتحرّكات الدوليّة الكثيفة بهذا الصدد.

وبخصوص المؤتمر الأخير الذي دعت إليه روسيا, تحت مسمّى مؤتمر الحوار الوطني السوري, ودعم فدراليّة شمال سوريا الواضحة للحلّ السّياسي والديمقراطي للأزمة السوريّة, واستعداد أصحاب المشروع الفيدرالي للتّحاور والتّفاوض مع الأطراف السوريّة الأخرى, من أجل حلّ هذه الأزمة تحت إشراف الأمم المتحدّة, لترسيخ النظام الفدرالي ليكون نظاماً للحكم في سوريا.

إن موقف فدراليّة شمال سوريا ينبع من انتصارات قوّات سوريا الديمقراطيّة على الإرهاب, ونشر الأمن والاستقرار في المناطق التي حرّرتها, وبناء نظام إدارة محليّة لتلك المناطق من قبل سكّانها, وتهيئة الظروف المناسبة لعودة مُهَجَّري تلك المناطق إليها, يقوّي من نجاعة المشروع الفدرالي ليكون حلّاً للأزمة السورية, ومقدار الجغرافية السوريّة التي انضوت تحت جناح هذه الفدرالية, ومطالبة أهالي محافظات كإدلب لقوات سوريا الديمقراطيّة بتحرير مناطقهم من الإرهابيين, كل ذلك يدحض الاتّهامات والإشاعات التي تطلقها تركيا وأذنابها بأن هذه القوّات تقوم بتهجير العرب من مناطقهم, وتتّهمها بالإرهاب, والردُّ القاصم لظهر أردوغان جاء من حليفه الروسي حين اعترضت تركيا على مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في مؤتمر الحوار السوري بحجة الإرهاب, والذي كان على الشكل التالي: إن حزب الاتّحاد الديمقراطي هو حزبٌ سوري وليسَ تركيّاً, أي بما معناه: لا تتدخل في شؤون دولة أخرى, واهتم بمواطنيك وأحزابك.

وهناك من يقول أن فدراليّة شمال سوريا ستلاقي نفس مصير استفتاء إقليم كردستان, وهذا الأمر خاطئ, فاستفتاء كردستان جاء والإقليم يعاني من خلافات حزبيّة كبيرة, ومعارضة من المكوّنات غير الكرديّة التي شمل مناطقها هذا الاستفتاء, وكذلك انقسام القوّة العسكريّة للإقليم بين هذه الأحزاب, لذلك حصل ما حصل.

أما بالنسبة لشمال سوريا, أوّلاً: فإنّ هناك حركة المجتمع الدّيمقراطي التي تضمّ كافّة التنظيمات السياسيّة في الشّمال السوري ومن كافّة المكوّنات, إذاً فالقرار السياسي واحد.

ثانياً: قوّات سوريا الديمقراطية هي قوة تتألّف من عناصر ينتمون إلى كافّة مكوّنات الشمال السوري, ولها قيادة سياسيّة واحدة, وقيادة عسكرية واحدة, وهي لا تتبع لأي حزب أو فصيل سياسي بعينه.

ثالثاً: إن مكوّنات الشمال السوري بكافة أطيافها تدعم هذه الفدراليّة, والدليل برز في نسبة المشاركة الكبيرة في انتخابات الفدرالية, والتي تكلّلت المرحلة الأولى منها بالنجاح.

رابعاً: المساحات الشّاسعة من الجغرافية السوريّة التي تنعم بالأمان, والتي حرّرتها قوّات سوريا الديمقراطية, وتديرها مجالس محليّة منتخبة من أبنائها.

خامساً: وهو الأهمّ, امتزاج دماء العربي والكردي والمسيحي والتركماني مع بعض, والتي بفضلها تحقّقت هذه المكتسبات العسكريّة والسياسيّة في الشّمال السوري, زرع نوعاً من الأخوّة والمصير المشترك بين هذه المكوّنات, ورسخ فيها الاستماتة  للدفاع عن هذا المشروع.

سادساً: الدّعم الدولي اللامتناهي لهذه القوات التي أثبتت أنها القوّة الوحيدة القادرة على هزيمة الإرهاب الذي عانت من ويلاته ومازالت تعاني كلّ دول العالم.

كل هذه الأسباب تجعل من النظام الفدرالي هو الأنسب لحل الأزمة السوريّة.

الفدراليّة لا تعني التقسيم, وإنما هي تعزيز للوحدة والأخوّة والعيش المشترك, وتعني مساهمة كل شخص في بناء وطنه,  فيكفي لتلك المعاناة والظلم والاستبداد الذي عانى منها الشعب السوري على مرّ عقود.

إن الدول الاستبداديّة التي لها مصالح في الشرق الأوسط؛ تخشى من فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان, صاحب فلسفة الأمّة الديمقراطيّة, لأنّها تتعارض مع أطماعها الاستعماريّة والاستبداديّة, ولأنها ستجعل شعوبها تثور عليها, وهذا يفسر الاجراءات اللاإنسانية التي تمارسها الحكومة التركية بحق القائد, ولكنها لا تعلم أن تلاميذ القائد أصبحوا أضعافاً مضاعفةً, وأن فكره وفلسفته ستصبحان دستوراً تعتمده الشعوب الحرّة من أجل ضمان مستقبلها.

زر الذهاب إلى الأعلى