مقالات

الجنرال جونز واعترافه بديمقراطيّة الشمال السوريّ

????????????????????????????????????

صلاح الدين مسلم

في قراءة سريعة لما يجري من تنسيق ما بين التحالف الدولي وقوّات سوريا الديمقراطيّة، والمجلس المدنيّ للرقة، والتصريحات الناريّة التي أطلقها الجنرال روبرت جونز؛ نائب قائد قوات التحالف في سوريا والعراق في (عين عيسى) يوم الخميس 17-7-2017، من خلال قوله: “لقد حاصرنا داعش في الرقة لأنّنا لا نريد أن ينهزم إلى مكان آخر كي يرهبوه، ولديهم وسيلة وحيدة للخلاص؛ ألا وهي الاستسلام لقوات سوريا الديمقراطيّة فقط، ولا طريق آخر، فقوّات سوريا الديمقراطيّة تحافظ على المدنيين، فالأبنيّة يمكن تعويضها، لكن الروح لا تعوّض، فنسبة 50% من المدينة قد تحرّرت، ونعمل على تحرير 50% الأخرى. وعندما تعبر قوات النظام نهر الفرات فعندها فقط يمكننا مهاجمتهم، فهناك حظر جوي على هذه المنطقة، ففي الشهر السابع أسقطنا طائرة للنظام جنوب الطبقة عندما اجتازت الفرات، وسنعمل مع قوات سوريا الديمقراطيّة وروسيا، كي نبقيهم خارج إطار الرقة، ونبعدهم جنوب الطبقة، ولا توجد ضمانات حتّى الآن، وأيّ عمل يجب أن يكون بموافقة الأمم المتحدة، ولا نريد أن تحارب قوّات سوريا الديمقراطيّة النظام السوريّ المجرم، وستثبت الأيّام كيف أنّنا نحاربهم من خلال تجربتنا هنا، وتجربتنا ستكون البديل الديمقراطيّ.”.

نستشفّ الثقة القويّة والترابط الوثيق بين قوّات سوريا الديمقراطيّة والتحالف الدولي، فلم نسمع هكذا تصريحات مماثلة في التأكيد على قوّات تشبه قوّات سوريا الديمقراطيّة (قسد) التي لا تتبع لدولة معيّنة، فميّزة قسد أنّها لا تتبع لنظام الدولة، ومؤتمر سوريا الديمقراطيّة (مسد) ليس نظاماً دولتيّاً، ومن هنا يكمن السؤال؛ ألا يمكن أن يُحدث هذا الشيء تغييراً في سوريا وفي الشرق الأوسط، بل في نظرة العالم أجمعه إلى مفهوم الدولة؟!

عندما يقول جونز: إنّنا نحارب النظام السوريّ من خلال هذه التجربة الديمقراطيّة هنا؛ (والمقصود هو روج آفا والشمال السوريّ)، فعندها نستشفّ أنّ آفاق الديمقراطيّة تلوح من بعيد في عوالم المستقبل، فقمّة النظام المهيمن العالميّ يعترف أنّ هذه البقعة تمارس الديمقراطيّة وهي السبيل الوحيد للقضاء على العنف الدولتيّ، وهي البديل عن النظام الدولتي العنفيّ.

صحيح أن الكلام موجّه إلى النظام السوريّ بطريقة مباشرة، لكنّه موجّه إلى تركيا الأردوغانيّة بطريقة غير مباشرة أيضاً، ورسالة إلى نظام الدولة القوميّة الذي عمّر أكثر من قرن في الشرق الأوسط.

إنّ العجز الذي يبديه جونز أمام الأمم المتحدّة التي أصبحت عقيمة أمام الدول القوميّة التي تنتج الإرهاب، هو عجز مستدام وألم يحمله رأس النظام العالميّ، صحيح أنّه يستفيد منه كثيراً، لكنّه يحمل العقم أكثر من الحلّ، لذلك نرى يأسه أمام الأمم المتّحدة التي مازالت تعطي الشرعيّة للدولة السوريّة على الرغم من وصفه النظام السوريّ بالمجرم.

لابدّ من التأكيد من خلال تهديد جونز النظام السوريّ بعدم عبوره نهر الفرات هو دليل قويّ على أنّ العلاقة ما بين التحالف الدوليّ متينة ولن تسقط على المدى القريب على أقلّ تقدير.

زر الذهاب إلى الأعلى