مقالات

التغيير الديمغرافي طرائقه وأساليبه

شهناز الطيبي

في العشرين من كانون الثاني من هذا العام 2018 شنت تركيا حملة عسكرية عنيفة ومخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية وبمؤازرة ربيباتها من الفصائل الإرهابية المرتزقة مكنتها من السيطرة على عفرين التي تتسم بطابعها العلماني والتي أصبحت بؤرة للمتطرفين والمتشددين بعد الاحتلال التركي ومرتزقتها الذين يسألون الناس في الطرقات عن الصلوات والدين والتطرف الذي ما عاد متمثلاً إلا بداعش وعدة فصائل أخرى منها جبهة النصرة وأحرار الشام والقوى الإسلامية الأخرى المتحالفة مع تركيا.

ولم يعد يقتصر التغيير الديمغرافي في عفرين من توطين عائلات الإرهابيين الفارين من الغوطة والقلمون باتفاقات ومصالحات مشبوهة وبرعاية راعية الارهاب تركيا ومباركة وروسية؛ في منازل الأهالي؛ على كونه هاجساً يثير المخاوف لدى السكان في عفرين إنما أصبح واقعاً دخل حيز التنفيذ بشكل فعلي وتجري على أرض الواقع على قدم وساق. إن تعمد الفصائل المتطرفة توطين مهجري الغوطة وحمص في عفرين وريفها ماهي إلا بأوامر سلطان الإرهاب أردوغان وذلك بغية إحداث تغيير ديمغرافي مبني على الأوهام الأردوغانية القذرة بالضغوط والممارسات والمضايقات التي يرتكبونها ضد الأهالي على أساس عرقي، ومن خلال الإحصائيات والمعطيات في مختلف النواحي التابعة لعفرين تبدو وسيلة تتريك وتعريب المنطقة وتغيير هويتها القومية ليست هواجس إنما حقيقة ملموسة على أرض الواقع حيث تم إسكان خمس عشرة عائلة في قرية (قتمي) إلى الشرق من عفرين ذات الغالبية الكردية الأيزيدية وتم نقل (50) عائلة أجليت من الغوطة الشرقية إلى (جنديرس) غربي عفرين وفي ناحية راجو استقدمت عائلات مسلحي المعارضة السورية للسكن في قريتي ميدان أكبس وموساكا، وتم إسكان ثلاث عوائل عربية في قرية كاخوري التابعة لناحية معبطلي وفي قريتي قرنة وباصوفانة تم إسكان عائلات مسلحين تركمان من إعزاز فيها بعد كل تلك الإحصائيات السابقة نجد أن عملية التغير الديمغرافي بدأت فعلياً إلّا أن هذا التغيير الديموغرافي آيل للسقوط والفشل لوجود استمرارية المقاومة في توجيه ضربات موجعة لحوامل هذا التغيير الديمغرافي واساساته وسيتبع فشل هذا التغيير الديمغرافي فشلاً ذريعاً للمجلس المأجور والمشكل تركياً والذي لا يمكنه الحل ولا الربط إلا بأوامر تركية.

بالتزامن مع التغيير الديمغرافي تمنع تلك الفصائل المسلحة الموالية لتركيا نازحي مدينة عفرين وريفها الذين توجهوا إلى الشهباء والعيش في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة حيث يعانون الأمرين هناك من العودة إلى منازلهم التي سكنها دخلاء ويواجهون العقبات خلال عودتهم سيراً على الأقدام إلى مناطقهم ومنازلهم التي نهبت ودمرت بعضها فيما استوطن المسلحين بعضها الآخر لاستكمال التغيير الديمغرافي الفاشل في عفرين وهنا نجد أن غياب قضية عفرين من بوصلة الإعلام والمجتمع والدولي كارثة حقيقية لها تبعات خطيرة لا بد لها من حل اسعافي.

زر الذهاب إلى الأعلى