مقالات

الأزمة السورية وسبل الحل

يوسف كوتي

سوريا، مثلها مثل غيرها من البلدان العربية، أخذت نصيبها من المظاهرات الشعبية المطالبة بحرية الرأي وتطبيق العدالة، تلك المظاهرات التي انطلقت شرارتها من درعا آذار ٢٠١١ عبر هتافات سلمية مطالبة بأبسط الحقوق المدنية والشخصية، ولكن سرعان ما تحولت المطالب البسيطة إلى شعارات تدعو لإسقاط النظام بُعيد اختراق صفوف المتظاهرين من قبل ناشطين مدعومين من قوى إقليمية ودولية حيث تُقاد الأزمة السورية بأيدي خارجية قامت بعسكرة المظاهرات وتجييشها لتحقيق مصالحهم؛ حتى بدأت الفروع الأمنية بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ليسقط العشرات من القتلى ضحية تسييس الحراك الشعبي في سوريا.

لم تتجاوز سلمية الثورة ستة أشهر حتى تلونت شوارع المدن السورية بدماء أبنائها، وهكذا استمرت المظاهرات مسلوبة الإرادة في مجابهة آلة القتل الأمنية بإرادة مهزوزة مهيأة أرضية خصبة لظهور مجاميع مسلحة بمسميات دينية طائفية وعرقية قومية مختلفة؛ منها من هو مدعوم من قبل تركيا والقوى الخارجية ومنها من هو صنيع النظام السوري لخلق صورة دموية تظهر الاقتتال الأهلي في البلاد لشرعنة ارتكاب مجازره وتثبيت وجوده على سدة الحكم مبيناً دفاعه عن سوريا أرضاً وشعباً في وجه المؤامرة الدولية التي تستهدف أمن البلاد؛ لتبدأ المساومات على طاولة المؤامرة الثلاثية الروسية التركية السورية بتنفيذ عملية التغيير الديموغرافي عبر ترحيل المسلحين وعوائلهم من المناطق الجنوبية والداخلية إلى المناطق الشمالية، ومن الشمالية إلى المناطق الداخلية في اتفاقية ثلاثية تستهدف المعارضة السورية التي لا ترتكز إلى أي مقومات ثورية تليق بدماء الضحايا الذين ضحوا بحياتهم في سبيل النهوض بالذات إلى مرتبة الحرية والعيش الكريم، إلا أن المؤامرة لم تقف هنا، بل بدأ المتآمرون بابتلاع المناطق الكردية في مساومة لصالح تركيا والنظام السوري مستهدفين الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال و شرق سوريا، وعدم الاعتراف بحقوق الشعب الكردي وإجهاض ما تحقق بفضل دماء الشهداء، من أمان وسلام ومكتسبات قيِّمة لجميع مكونات المنطقة، وعلى هذا الأساس تكررت اجتماعات ثلاثية المؤامرة روسيا وتركيا والنظام السوري على طاولة المصالح المشتركة في موسكو حتى دخلت الدول العربية على خط تبادل الزيارات مع النظام السوري للنقاش حول التطبيع معه وعودة عضوية سوريا إلى الجامعة العربية، وبعيد التحرك العربي أطلقت الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا مبادرة حل للأزمة السورية تتضمن تسعة بنود، ومن أهمها الاعتراف بحقوق الشعب الكردي وانسحاب تركيا من المناطق التي احتلتها بحجة حماية أمنها القومي كما أن المبادرة دعت الدول العربية التالية “السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر” للضغط على النظام وتشجيعه للتخلي عن الذهنية العنصرية والنظر إلى مبادرة الحل التي قدمتها الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي الهدف منها هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وحل القضايا العالقة ومن ضمنها إعادة اللاجئين السوريين في دول الجوار وعدم الانجرار خلف مطامع الدولة التركية في احتلال سوريا وتحويلها إلى مستعمرة إخوانية لتصبح سوريا من إحدى ولايات السلطنة العثمانية الجديدة  التي تعتبر بمثابة كارثة على المنطقة برمتها، لذا لا يجب على المنطقة الانصياع لأنظمة جائرة، بل عليها الالتفاف حول مبادرة الإدارة الذاتية التي تحافظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

زر الذهاب إلى الأعلى