مقالات

ارهابي الصحافة يدافع عن صحفي ارهابي

حسين فقه

الظلم قانون مسلط على الجميع، والفساد يمارس علناً من القمة الى القاعدة كما لو أنه فضيلة والانحلال السياسي والأخلاقي ينشر ظلاله العاتمة على البلاد بأسرها، والخوف يضغط بكامل ثقله على المجتمع بجميع فئاته، ناسفاً ومدمراً كل القيم و العواطف، واحتلال مناطق من دول الجوار يعتبر مكسباً ويمارس بوضوح يعمي عيون الشرعية الدولية، وفي ظل النظام البغيض، يجد كل واحد نفسه مجبراً على أن يتجسس على الآخر، سواء كان هذا الاخر صديقاً أم جاراً أم أخاً أم قريباً، فكل ما يحدث في حياة المجتمع اليومية يمكن أن يكون مشتبهاً فيه، وبالنسبة لـ” السلطان المعظم ” كل فرد متهم الى ان يأتي ما يخالف ذلك، فثمة مهندس مؤمرات ” هاكان فيدان” أخرج نصاً مسرحياً سمي ” الانقلاب ” وبهذا الانقلاب المزعوم أصبح السلطان جائراً بل سن الظلم كقانون ونشر الديمقراطية التي ولدت من ضلع الديكتاتور كوجبة كافيار لموائد رؤساء الغرب، ولكن بعد حين ظهر أن هذا الكافيار لم يكن سوى مخلفات فئران السجون والمعتقلات، وعلم الجميع بوضوح أن الانقلاب المزعوم لم يكن الا ذريعة للديكتاتور لشن حملة ضارية ودموية تستهدف تصفية جميع معارضيه السياسيين، وعلى رأسهم الصحافة والصحفيين.
عن السلطان أردوغان أتحدث وهو في قمة هرم سلطته ويبدو ضئيلاً كذرة رمل، وقبيحاً كسرب ذباب على جثة هامدة تسمى تركيا، التي حولها لسجن كبير جدرانه مكبلة بانكسار اقتصادي، وأبوابه موصودة بمؤامرات حيكت لدول الجوار، ونوافذه الضيقة العالية مختنقة بجثث عصافير الرأي والحرية والديمقراطية، وهنا يأتي دور الخاشقجي فبمقتله حاول السلطان تبرئة ذمته من قمع الصحافة في بلاده بالدفاع عن صحفي من خارج البلاد، وليس من المستبعد أن يكون مقتل الخاشقجي أيضاً يقف خلفه مهندس الرعب في بلاد الترك هاكان فيدان خدمة لأردوغان وحزبه وحكومته، لعرقلة التطورات الحاصلة في المملكة السعودية وشيطنتها عالمياً، ولوضع حد للدور السعودي الذي بدأ بالاتزان والتعافي في المنطقة، حتى لو كانت الأدوات سعودية الجنسية الا أن الاغراء والمؤامرة قد تكون تركية، فأردوغان هو الوحيد المستفيد من مقتل الخاشقجي ولقد استثمره بكل اتقان، و في غمرة تباكيه على الخاشقجي يتناسى أردوغان مئات الصحفيين المختطفين والمغيبين والمعتقلين والذين تم تصفيتهم على يدي مرتزقة هاكان فيدان لصالح مشغله وبوابته الأخيرة أردوغان.
الصحفي ” الخاشقجي ” و الذي كان في شبابه مقاتلاً في القاعدة والذي كان بوقاً يصدح لاسامة بن لادن، ولن ننسى عشرات المقالات لذلك الصحفي الذي تحول بعدالة سماوية الى علبة ” مرتديلا ” والتي كان يشجع فيها الشباب العربي والاسلامي للذهاب الى أفغانستان تحت عنوان ” الشباب العربي يقاتلون جنباً الى جنب مع المجاهدين ” ويقصد تنظيم القاعدة، كذلك دافع في الكثير من تغريداته عن وحشية داعش بالذبح والتنكيل واصفاً اياها بـ ” تكتيك عسكري نفسي فعال “.
لست بصدد التشفي من أحد ولا الدفاع عن أنظمة وممالك، ولكنني أضع العالم المنافق أمام استحقاقاته، فماذا يقول العالم الذي يدافع عن صحفي الارهاب ” الخاشقجي ” عن البلاد التي دمرت والخراب والدم المستشري في سوريا من وراء أجندات أردوغان وحزبه؟، ماذا يقول العالم المنافق عن عفرين التي تم احتلالها من مجرم لا يعترف بالشرعية الدولية وتدفعه أطماعه العثمانية من السخرية من حكومات العالم وتسليط سيف اللاجئين على رقابهم اذا لم يزعنوا لأجنداته؟ ماذا يقول العالم المتباكي على صحفي عن مئات الصحفيين العالقين في حلق الموت والاعتقال في سجون تركيا أردوغان والذي أرهب الصحافة في تركيا بطريقة توازي ارهاب داعش بل وتغطيه؟، ماذا يقول عالم الحريات الصحفية عن القنصل الروسي الذي تم اغتياله أمام شاشات العالم؟ ماذا يقول العالم عن العشرات من السياسيين وقيادات حزب الشعوب الديمقراطي الذين يرزحون في سجون تركيا؟ ماذا يقول العالم المتمدن عن تدمير القرى والقصبات الكردية والتنكيل بالكرد أينما حلوا؟ ماذا يقول العالم المتمدن عن دعم أردوغان السخي والفاضح لداعش والذي ما زال مستمراً حتى الآن؟، ماذا يقول العالم المتحضر عن بارين كوباني التي مثل بجسدها على يد مرتزقة تركيا في عفرين؟، ماذا يقول عالم الحريات عن مقتل الصحفية البريطانية جاكلين ساتون مديرة معهد الحرب والسلام فى “أربيل”، والتي عثر على جثتها في حمامات مطار أتاتورك في استنبول وقيل حينها أنها انتحرت نتيجة تأخرها عن الطائرة وليس بحوزتها مال كافي لقطع تيكيت آخر” يا لها من سخرية بعقول البشر”، واذا عرف سبب مقتل الصحفية جاكلين بطل العجب من ارتكاب المخابرات التركية لهذا الفعل بأوامر من أردوغان، فلقد كانت الصحفية جاكلين ساتون تعمل على ملف ” تركيا بوابة دخول الارهابيين لسوريا “، أين كان العالم حينها ؟
مئات التقارير الدولية تتحدث عن انتهاكات الدولة التركية بحق الصحفيين فلقد أعلنت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، أن عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم بلغ 262 صحفياً، وكان لتركيا النصيب الأكبر من عدد الصحفيين المعتقلين، وقال التقرير الصادر عن اللجنة إن تركيا تصدرت قائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين وكشف التقرير، أن تركيا حافظت على صدارتها لقائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين للعام الثانى على التوالى، مؤكدا أنه عقب الانقلاب المزعوم العام الماضى تزايد قمع الصحافة فى تركيا.
أردوغان عادل ومن يقول أن أردوغان ظالم فهو مجحف، فأردوغان عادل في توزيع الظلم على الكرد وباقي المعارضين وعلى الصحفيين وكل الأحرار في العالم، نعم فمدية أردوغان عادلة في توزيع البتر على كل لسان يعارضه وعلى كل رأي ينشد الديمقراطية وعلى كل فكر حر يقول الحق، أسلحة أردوغان عادلة في قتل الأطفال من ليبيا الى سوريا مرورا بكل دول ما سمي بـ ” الربيع العربي “، وأخيرا وليس آخراً عفرين التي نكل بها وشرد شعبها، أردوغان عادل يعد طيور السماء بطلقات القتل، ومن ثم يتباكى على ذبابة كانت تحرض على لعق الدم من كل الأبرياء، هو ارهابي الصحافة ويحق له التباكي على صحفي الارهاب .

زر الذهاب إلى الأعلى