مقالات

إلى أين تتجه تركيا بعد تخبُّطات اردوغان الداخلية والخارجية

في بداية ثورة الشعوب التي انطلقت من تونس ومنها إلى مصر وليبيا وسورية واليمن لم تكن تركيا كما هي اليوم؛ فسرعان ما تدخل اردوغان في مصر وليبيا وسوريا ولكن المصريين سرعان ما ادركوا خطر العثمانيين وحركة الإخوان المسلمين التي تتحرك بأمر من اردوغان بشكل مباشر فقام الجيش المصري بالقضاء على جماعة الإخوان وأعاد الشارع المصري إلى أحضان الدولة.

لم يكن أمام اردوغان إلا ليبيا وبتمويل قطري، ولكن الليبيين لم يكن يدركون نوايا الاحتلال التركي العثماني تجاههم، وبعد مقتل معمر القذافي تحولت الثورة في ليبيا إلى إرهاب الأصولية الفاشية المشتقة من تنظيم القاعدة  بمساعدة وتسهيل مرور هذه الجماعات الراديكالية المتوحشة من تركيا، بيد أنه سرعان ما انقسم الشارع الليبي بعدما اكتشف نوايا الاحتلال التركي والقطري.

أما في سوريا فكان التدخل التركي بشكل مباشر بحجة حماية أمنها القومي فمنذ بداية الثورة في سوريا لم تتوقف تركيا عن اتهام الكرد واختلاق الذرائع والحجج تجاههم واصبحت تدعم الجماعات الإرهابية على طول الشريط الحدودي مع سوريا فالبداية كانت في سريكانيي والنهاية كانت في عفرين وكثرت التخبطات التركية في سياساتها الخارجية والداخلية وانعكس ذلك على الداخل التركي في هذه الفترة التي جرت فيها الانتخابات البلدية وخسارته في المدن الكبيرة اسطنبول وأنقرة وأزمير وأضنة أصبحت بشكل عجيب وخطير على الرغم من اعتقاله البرلمانيين الكرد والرئيس المشتركة لحزب الشعوب الديمقراطي في شمال كردستان وتدمير المدن القديمة والجديدة وقتل الأطفال والنساء والشيوخ بدون تمييز وزجِّ المعارضين له في السجون.

كما كان آنذاك يخرج على الإعلام ويُصرِّح إن مدينة كوباني قد تسقط في غضون أيام أو ساعات ولكن سرعان ما انتصرت وحدات حماية الشعب والمرأة في كوباني وتم دحر إرهاب داعش  بالكامل بتغطية جوية من التحالف وكانت بداية نهاية شهر العسل  لاردوغان مع تنظيم داعش الإرهابي ولم  يتوقف اردوغان عن اتهام الغرب بدعم وحدات حماية الشعب والمرأة أبداً وخصوصاً أمريكا، وبعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي الداعم للجماعات الإرهابية في كل الأرض السورية تغير أسلوب اردوغان مع الروس ومع النظام السوري حتى ترضى روسيا عنه وتكلل ذلك بإتمام  صفقة صواريخ اس 400 معها بالتوازي مع إتمام الاتفاقية والمؤامرة على عفرين الحبيبة المحتلة حتى الآن في أستنا، والمباشرة بالتغيير الديموغرافي فيها فور احتلالها بعد مقاومة دامت 58 يوماً دفاعاً عن عفرين أمام أعين العالم أجمع وصمته الرهيب، وكانت بالفعل مقاومة العصر، ولكن طمع اردوغان لم يتوقف حتى وقع في فخ اقتصادي دمر اقتصاد تركيا بعدما كانت منتعشة بفضل سرقة أموال السوريين ومعامل وشركات السوريين أما اليوم كما نرى في الداخل التركي توتر كبير بين المعارضة والحكومة بعدما فازت المعارضة في كبريات المدن التركية ذات الثقل الاقتصادي الهام ومسقط رأس أردوغان وانعكست هذه الخسارة على الخلافات الخارجية الكبيرة بينه وبين حلف الناتو وأغلب الدول الغربية ونهاية حلم تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهنا أريدُ أن أذكر أن أحلام اردوغان شبيهة كثيراُ بأحلام جمال عبدالناصر.

اردوغان يلعب على التعاطف الإسلامي، وجمال كان يلعب على التعاطف القومي فهل سيفشل اردوغان كما فشل جمال عبدالناصر؟؟.

زر الذهاب إلى الأعلى