مقالات

إرهاب الإعلام لغة المُفلسين

salah-moslemصلاح الدين مسلم – لقد ارتأيت أن أكتب مقالاً بلغة قريبة من لغة العاطفة وتفريغ المشاعر المتأججة غضباً على هذا الانحطاط التعاطفي مع مراسلة قناة مُنعت من الدخول إلى روج آفا، في حين لم نر ذاك التعاطف مع مراسل روج نيوز الذي استشهد على يد مخابرات الحزب الحاكم في باشور، وكان طرد المراسلة ليس لشيء إنّما لأنّها قد قالت في لقاء سابق لها وكانت حجّتها الزيارة كما العادة: “إنّ روج آفا فارغة من الشبّان، والعرب مسيطرون على الاقتصاد، وقوّات الأسايش مع قوّات النظام، وهي قريبة من داعش…”

عمّ نتحدّث بعد خمس سنوات من العمل، وبعد خمس سنوات من الطلقات الخلّبيّة في الفراغ؟ لنقول للموتى القابعين في قماقيمهم المقيتة: “لقد صنعنا من هرائكم فأساً ندقّ به علقم يأسكم” بهذا ردّت الحناجر المصنوعة من حجَر المقاومة على أولئك المتباكين على القنوات التلفزونيّة المنسوجة من رحم العدوّ التركيّ الداعشيّ الذي يتحالف مع المتأكردين، أو المستكردين المقنّعين الذين يلفّقون الأكاذيب للتغطية على خيباتهم.

إنّ تشويه وتزييف الحقيقة تمهيدٌ لإرهاب الإعلام، بلهجة ترويج الخطاب الإسلامويّ الوحيد القادر على أن يستدرج كلّ الإرهابيّين في كلّ أنحاء المعمورة، إنّها لغة الحرب الجديدة في الشرق الأوسط؛ لغة الضعفاء المهزومين الذين يتمسّكون بالخطاب الدينيّ الذي يجعل الخير شرّاً والشرّ خيراً، لغة من لا لغة له، خطاب المفلسين الذين فقدوا كلّ أنواع الخطابات، فإرهاب الإعلام هو انعكاس للنظام الذي يموّل هذا الإرهاب التجاريّ الذي يردّ مردود تجاريّ أكثر من كلّ أنواع المشاريع الربحيّة، وكلّما زادت الدماء وزاد الدمار زاد معه الإنتاج والمردود، ونقصد بالنظام هنا النظام المعرفيّ والفكريّ الذي ينتج هكذا إرهاباً إعلاميّاً.

ففي الوقت الذي ينتصر فيه خطّ المقاومة نجد حرباً إعلاميّة ضروس على هذا الخطّ، وكأنّه السباق لعرقلة مسيرة الانتصارات، وما كان نحيب تلك المراسلة إلّا نتاج خيبات قناتها، وهي تقول عن قوات الأسايش: “إنّهم لا يعرفون الله” بخطاب إسلامويّ أورينتيّ أردوغانيّ داعشيّ، وهي اللغة الجديدة التي ارتأتها لغة الإعلام التسويقي التجاريّ لتسويق الحرب، ولطالما السلام آتٍ فالإفلاس آتٍ لا محالة، وهذا ما استشعرتْه القنوات التي تقتات على النزاعات بمجيء ديمرتاش إلى باشور بلغة السلام والوئام غير المتوافق معهم، وبعد دنوّ الاعتراف العالميّ بالكرد في روج آفا.

لم يدرِ أولئك المتلوّنون بألف لون ولون أنّ من خسِر الحرب على الأرض فسيخسرها في ساحات الريح أيضاً، سيخسرها لا محالة في الهواء والفضاء الإعلاميّ، ولن تفيد تلك الجعجعة الفارغة شيئاً، ولن تجدي نفعاً، وبات الصراع صراعاً بين الإعلام الراسماليّ الذي يروّج للحرب وبين مؤسّسة الإعلام الديمقراطيّ التي تساعد المجتمع في استعادة ذاكرته الأخلاقيّة السياسيّة، فلم يختلف تشويه إعلاميّ ما عن سيارة ناسفة لداعشيّ في حيّ مدنيّ مسالم، فالتشويه وتزوير الحقائق أيضاً نسفٌ وتدميرٌ لا تدميرَ بعده.

زر الذهاب إلى الأعلى