مقالات

قفزة 15 آب ملحمة لنهوض الشعوب

عريفة بكر

بدأت قفزة 15 آب 1984بقيادة المناضل الشهيد “معصوم قورقماز” (عكيد)، ولهذا التاريخ، أي (15 آب 1984)، أهمية عظيمة بالنسبة لجميع شعوب الشرق الأوسط وكافة الشعوب المضطهدة خاصة لِما كان يعاش قبل قفزة 15آب من إنكار لثقافة وإرادة كافة الشعوب وبشكل خاص الشعب الكردي، فكانت تُرتكب ممارسات وظلم وإبادة بعيداً عن الأخلاق والإنسانية، ولا ننسى حالة المرأة الكردية آنذاك حيث كانت تعيش حياة ذليلة مستعبدة تحت حكم النظام القائم وحكم الرجل الظالم، لم تكن محرومة من حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية فقط، بل حُرمت من ملكية ذاتها في الحياة والدفاع عن ذاتها في مواجهة الاعتداء والعنف الذي كانت تتعرض له بأبشع الأساليب القذرة.

مع إطلاق الطلقة الأولى على العبودية رأت المرأة في أن خلاصها من العبودية هو توجهها إلى الجبال للبحث عن الحرية، وانخرطت عدد كبير من المناضلات الثائرات على العادات والتقاليد البالية في صفوف حركة الحرية ليثبتن دور المرأة في حركة حرية كردستان، وكانت المرأة في الطليعة، وقاومت في السجون في سبيل نيل حريتها وكرامتها، أمثال الشهيدة (سارة) و(نازلية كجل) اللتان ما زالتا مصيرهما مجهولاً إلى الآن، وغيرهما من المناضلات، حيث وصل صوتهن ومقاومتهن إلى جميع أنحاء العالم، وسيبقون خالدات في ضمير ووجدان الإنسانية جمعاء.

بنضال وروح مقاومة 15 آب التي تنبض اليوم في قلب مقاومة العصر في (عفرين وسري كانيه وكري سبي) وجميع المناطق المحتلة، ستستمر المقاومة بريادة المرأة الحرة والمجتمع الحر في وجه الاحتلال التركي ومرتزقته لتثبت لكل العالم أن روح مقاومة “معصوم قورقماز وبيريتان وخيري دورموش وكمال بير وأفستا وهند” مستمرة، وبالعزيمة والإصرار سيتحرر جميع المناطق المحتلة من رجس الاستعمار؛ لأنه لا سبيل لوقف الإبادة والإنكار إلا بالمقاومة، كما قال الشهيد كمال بير: “المقاومة حياة”

كون الدولة التركية ما زالت متربصة بذهنيتها القديمة المبنية على الإنكار وارتكاب المجازر بحق الشعوب، وترفض الحل السياسي والديمقراطي، وتصر على الحل العسكري وتصفية الشعب الكردي بشكل خاص، واحتلال عفرين وتهجير أهلها بعد 58 يوم من المقاومة من أرضهم خير مثال على ذلك.

قفزة 15 آب ليست فقط بداية نضال وكفاح مسلح، بل كانت بداية مسيرة لحياة جديدة وبناء إنسان حر وديمقراطي وذهنية تشاركية حرة وإرادة حرة تؤمن بالتعددية والحرية والديمقراطية، وقفزة 15 آب هي ميلاد لنموذج المرأة الحرة وامتلاكها الشخصية الحرة القادرة على حماية وإدارة المجتمع، وما نراه اليوم في روج آفا من نموذج المرأة الحرة ونموذج الرئاسة المشتركة والمجتمع الديمقراطي وأخوة الشعوب منبعه الفكري والأخلاقي هو قفزة 15 آب، لقد أثبت شعبنا من خلال ثقافته المستوحاة من مدرسة 15 آب أن المقاومة لها عنوان واحد وهو النصر.

يجب بذل المزيد من الجهود لفهم واستيعاب قفزة 15 آب، وأن نناضل على خط الانتصار من أجل إنهاء العزلة المفروضة على القائد “عبد الله أوجلان” وترسيخ مفهوم الأمة الديمقراطية وحرية المرأة، لأنه لا يمكن للمجتمع أن يكون حراً إلا بتحرير المرأة، ومن أجل خلق هذا الوعي يجب أن تناضل المرأة وتحافظ على المكتسبات والسير على خط الشهداء.

وفي النهاية نستذكر جميع شهداء الحرية، ونؤكد تمسكنا بروح المقاومة والفداء لنكون الجواب الأمثل للمرحلة، ولنكون القياديين في تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى