مقالات

حين تنتفض الشعوب, ما المطلوب لإعادة ثقتها بالوطن؟

مصطفى عبدو

بصراحة …

لا تحسب الأنظمة والحكومات, المنهمكة في تكريس مصالحها وامتيازاتها ومكاسبها على حساب الشعوب والمكونات، في (منطقة الشرق الأوسط على الأقل ) حساباً لغضب الشعوب وانتفاضاتها وهي دوماً تكشف عن إمكاناتها وقدرتها على لجم شعوبها متى شاءت وبالطريقة التي تناسبها . المسببون لهذه الحالة يلجؤون إلى التعامل مع الآخرين بالقوة، ولا يتيحون لهم ممارسة حقوقهم ويفرضون طقوس وعادات وتقاليد تتطلب من الشعوب الالتزام بها طوعاً أو كرهاً. حتى يفقد الإنسان إنسانيته ويتخلى عن حريته وحقوقه الأساسية وهذا ما أدى إلى فقدان الثقة لدى الشعوب.

تم دوماً تأجيج النزاعات والأحقاد بكثافة لخلق الريبة بين مكونات المجتمع ولتفرق بينها وتنهك قواها، حتى تراكمت الخطايا والأخطاء إلى أن جاءت اللحظة التي أدرك فيها الجميع بأن هناك قواسم مشتركة عديدة تجمعهم أولها حبهم للوطن ورفضهم لكل الممارسات المجحفة بحقهم.

بعد كل ما حصل, ما المطلوب لإعادة ثقة الشعوب؟

يتساءل أحد الإعلاميين الغائبين عن الحقيقة كيف نثق بالكردي بعد الآن؟ ضارباً بعرض الحائط ما قام به هذا الكردي في سبيل سوريا أرضاً وشعباً وكم ضحى بدماء خيرة الشباب…

أن (المجتمعات) يا سادة, تزدهر وتتميز حينما يتمتع أفرادها بالمهنية السياسية الوطنية والاجتماعية والثقافية، عندما يكون لها الدور الحقيقي والفاعل في بناء المجتمع، وعندما يتمتع الجميع بعلاقات إنسانية طبيعية متينة.

جميع مكونات المجتمع السوري، وبعد أن استجدت حالات ومواقف باتت بأمس الحاجة إلى القيام بمهام وطنية وتاريخية بعيدة عن التجاذبات السياسية والمصالح والصراعات. وتعديل الكثير من المفاهيم، وجعلها أكثر مرونة وشمولية، وعلى جميع المستويات، وحسب المتغيرات العامة, وهي بلا شك مهام تقع على عاتق الجميع. وتنفيذ كل هذه المهام والواجبات تتطلب العمل بوطنية وحماسة متناهية وبدون إحراج أو مجاملة لأي طرف على حساب الآخر، وعدم إفساح المجال للتفرد بالقرارات بحيث تطغى على ما قام به الآخرين وتنفي تضحياتهم.. وها نحن اليوم أمام هذا التحدي.

سوريا اليوم بأمس الحاجة للتعجيل بإنهاء الملفات الساخنة والعالقة والانفتاح على الاخر من أوسع الأبواب.

لقد حان الوقت كي ينهض الجميع بمسؤولياتهم والمطلوب الإسراع بالمبادرات العملية ومد جسور العلاقات الصادقة والشفافة مع الجميع لكسب ثقتهم واحترامهم من جديد والتعاون من أجل الإصلاح والتغيير بغية الإيفاء بحقوق الجميع ، خاصة ونحن في ظل أزمة وفجوة كبيرة تزعزعت فيها ثقة الجماهير لأسباب وعوامل كثيرة.

راهناً, ظروفنا وأوضاعنا الوطنية تتطلب بل وتفرض علينا الاجتهاد والعمل بمهنية وحيادية وشفافية ونزاهة عالية، وبالتالي العمل (بصدق) على تأسيس منظومة مؤهلة تتمكن من إخراج شعوبنا من تلك المساوئ وإعادة الثقة ..

لذا فأن المنطلق الحقيقي لإعادة الثقة, يرتبط بالقيام بعملية سياسية حقيقية قبل كل شيء لأن التغاضي عن العملية السياسية  كان له الدور الأكبر في إنتاج كل أشكال الأزمات بين المجتمع السوري..

زر الذهاب إلى الأعلى