ثقافة

تل معروف بلدة شيخ الشهداء  معشوق الخزنوي

shex-mashoq لتل معروف خاصيةٌ مميزةٌ في مناطق روج آفا إذا دعوتها قرية فهي كذلك, وإذا نظرت على أنها بلدة فهي كذلك من حيث البناء العمراني والهندسي وتواجد القصور والمقامات فيها وكثرة عدد الأبنية، كانت قديماً إحدى القرى التابعة لبرية خلف آغا حيث تبعد عن مدينة قامشلو من ناحية الشرق بأكثر من 20 كم, تحيط بها القرى التالية من الجنوب قرية أبو خزف والتي تبعد عنها نحو 3 كم, من الشمال قرية بليج والشبانية, ومن الغرب سحل وعقار أراضي خزنة وفارقين وغيرها من القرى المتاخمة لها، معظم سكانها من الكرد حيث كان مركزاً للطريقة النقشبندية على يد آل خزنوي القادمين من باكور كردستان في أواخر القرن التاسع عشر, مما استقطب السكان إلى تل معروف والسكن في البلدة، والملفت للنظر والاستغراب الاهتمام بهذه البلدة دون غيرها, فنجد توافر الخدمات الصحية ووصول الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي, بالإضافة إلى بناء مستوصف صحي وبلدية لتيسير شؤون مواطني البلدة, كما كان فيها صيدلية لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للقرية وللقرى التابعة لها, وتم فيها بناء المدارس فضمت البلدة مدرستين للمرحلة الابتدائية ومدرسة إعدادية ومؤخراً مدرسة ثانوية ومخفراً الشرطة, فهي ملتقى للعديد من القرى والضيع, كما كانت تملك كراج نقل تضم خط- تل معروف وقامشلو ذهاب وإياب كذلك خط – تل معروف مع القرى المحيطة بها, كما أنشأ في البلدة مركز حبوب يعرف بـ(صوامع تل معروف), كما كان يتميز بوجود فرنين فرن تابع لتكية الشيخ يعرف بفرن (فرن مالا شيخ) يوزع الخبز للـ ( فقه ومريد) التابعيين لهم و للطريقة، كما تميزت البلدة بوجود معهدٍ ديني يتم قبول الطلبة من السنة السابعة فما فوق لتعليمهم الأصول الدينية والفقهية على الطريقة النقشبندية, حيث كان المعهد مغلقاً أي الطلاب يبقون داخل المعهد، وكان يتوافد عليها طلابٌ من مختلف الطوائف, والاكثرية منهم من المكون العربي ويعرف بالعامية (فقه مالا شيخ).

يعمل معظم سكانها بالزراعة وتربية المواشي والدواجن على مختلف أنواعها, ويتميز سكان تل معروف بالكرم والجودة, كما وأن المرأة أكثر تحضراً في هذه القرية بالرغم من تشدد الإسلام لوجود آل الخزنوي, إلا أنها تجاوزت كل الصعوبات ودخلت مجالات التعليم فحصلت على أعلى درجات التعليم والشهادات (المعاهد والجامعات), وبدأت تُشاركُ الرجل في جميع المجالات سواءً خارج المنزل أو داخله, وتميزت القرية بعادات اجتماعية كردية ولا سيما تعاون الأهالي بعضهم لبعض في جميع المناسبات في السراء والضراء, وعلى سبيل المثال إذا توفي أحدٌ ما فأن الأهالي كبيرهم وصغيرهم يقوم بواجبه نحو عائلة الفقيد, من حيث نصب خيمة العزاء وخدمة الضيوف واستقبالهم وتقديم المساعدة المالية لذوي الفقيد, و أكثر العشائر الكردية تواجداً فيها هي عشيرة ( زخرانا- دل ممكا- مهاجرا….) وأهم منطقة لتردد أهالي تل معروف هي مدينة قامشلو, وذلك لتيسر أمورهم وللتبادل التجاري و للتسوق أيضاً هكذا… كان حال القرية وسكانها ومن الحوادث المفجعة التي مرت على تل معروف هي اغتيال الرجل  الديني وصاحب القضية والمؤمن بوجود الكرد الدكتور الشهيد الشيخ محمد معشوق الخزنوي, الذي ازداد نشاطه وتمسكه بالقضية الكردية بعد انتفاضة 12 آذار عام 2004 بقامشلو, أخذ على عاتقه عملية إيقاظ الكرد من خلال إلقاء الخطب في الجوامع, والمشاركة في الندوات والمحاضرات المناهضة لسياسة الظلم والاضطهاد التي يمارسها النظام البعثي الشوفيني ضد الكرد، وفي خطابه الأخير الذي أُلقاه باحتفال عيد النوروز أمام الآلاف من الشعب الكردي, والذي تميز بعنفوانه والذي ترك صدىً مدوياً في الشارع الكردي حيث قال:” أيها الإخوة إن الحقوق لا يتصدق بها أحد إنما الحقوق تؤخذ بالقوة

دماء الشهداء يجب أن تكون سقياً لشتلات حقوقكم

لن نسمح بعد الآن أن تنسوا شهدائكم”

على إثر ذلك وبمحاولاتٍ دنيئةٍ تعددت الأطراف فيها وبحججٍ ملتويةٍ سيق الشهيد إلى دمشق وهناك اعتقل من قبل جهاتٍ غير معروفةٍ, وعُذب بأشد أنواع التعذيب ثم تم اغتياله بطريقةٍ بشعةٍ جداً حتى صعب التعرف عليه من قبل أولاده, وذلك بتاريخ 10 /5 /2005 حيث دفن الشهيد بمقبرة المسلمين بحي قدوربك بموكبٍ مهيبٍ شارك فيه جميع أهالي قامشلو وجميع القرى والمناطق الأخرى, وشارك في تشييع جنازته آلاف الكردستانيين في روج آفا, وعند انطلاقة الثورة السورية وامتدادها إلى مناطق روج آفا ومحاولة دخول الجماعات الإرهابية مناطق الكرد ومنها قرية تل معروف في نهاية عام 2013, بدأت الهجمات عليها من قرية أبو خزف وتل حميس بقذائف الهاون والمدفعية باتجاه القرية, مما ألحق أضراراً جسيمةً بالقرية مما أدى إلى نزوح بعض الأهالي إلى قامشلو والمناطق المحيطة بها لتفادي خطر الإرهاب, وفي نهاية عام 2012 كانت الهجمة الكبيرة لمرتزقة داعش على القرية من قبل المجموعات الإرهابية المتمثلة بداعش واخواته من جهات ثلاثة, من الجنوب من قرية أبو خزف وتل حميس والجنوب الشرقي والغرب حيث دمرت هذه القوة الشريرة والاستبدادية وأحرقت الأخضر واليابس وعاثت في المنطقة فساداً, حيث أحرقت محاصيل الفلاحين والقرويين وسرقت ونهبت, حتى قبور الموتى  نبشوها والمقامات والمقدسات الدينية لم تسلم من شرهم, فأحرقوا القرآن الكريم ومزقوا الكتب الدينية وهدموا المرقد ومنارة الجامع وقبب الأماكن الدينية, وتسللوا إلى منازل الأهالي فسرقوا ونهبوا والشيء الذي لم يستطيعوا سرقته أفسدوه وخربوه, وعلى لسان أحد السكان حتى الأبواب والشبابيك خلعوها وأخذوها ودناءة أنفسهم حتى خزانات الماء على الأسطح سرقوها, حتى المغول والتتار لم يفعلوا ببغداد ما فعله هؤلاء الأشرار بتل معروف، ولكن لم يدم هذا الظلم طويلاً بل استمر ذلك قرابة أيامٍ قليلةٍ حيث صد هذا الهجوم الباغت من قبل وحدات الحماية الشعبية المتمثلة بالـ YPG- YPJ وماهي إلا أيامٌ حتى دحروا تلك القوة الظلامية الداعشية وذلك لإيمان قواتنا العميق بقضيتهم والتمسك بأرضهم, ولأنه لا يضيعُ حقٌ ورائهُ مُطالِبْ, وهكذا تمكنت قوات الحماية الشعبية من استرداد تل معروف محاولة إعادة إعمارها, وفي نهاية عام 2015 – وبداية2016 بدأ الاهالي بالعودة إلى تل معروف وذلك من خلال تيسير الأمور وتأمين مستلزمات العيش من قبل وحدات الحماية الشعبية متعاونة مع هيئات الإدارة الذاتية الديمقراطية حيث عادت تل معروف وعادت الحياة والمياه إلى مجراها.

زر الذهاب إلى الأعلى