مقالات

تغيير السياسة أم تغيير الذهنية

يتضح لنا يوماً بعد يوم أننا كُنّا دوماً أصحاب رؤية ونهج ثابت وصحيح؛ فنحن حين تبنينا نهج الخط الثالث كان ذلك عن قناعة وإيمان، وحين تحدثنا عن أن حماية كل التراب السوري واجب وطني مقدس كان ذلك تأكيداً على قرارنا ونهجنا الصائب.

الأمر الطارئ والملح الذي ينبغي استنفار كل الطاقات بشأنه هو العمل على إيجاد حل منطقي للأزمة السورية، وعلينا جميعاً نحن مكونات المجتمع السوري أن نتفق على السبيل الذي يحمي هذه المكونات من الاختراق التركي المتمادي وغيره، وأن تكون أولوياتنا هي تحرير جميع المناطق من النظام التركي وأدواته وخاصة مناطق عفرين العزيزة.

الأزمات التي تعصف بالمنطقة تؤكد لنا أنه من الصعب جداً تغيير السياسات في المنطقة دون تغيير الذهنية، ومن المؤكد أن هذه النظرية لم تكن غائبة عنا يوماً؛ فالأزمة السورية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وقد تتعقد أكثر إذا ظلت تدور في حلقة مفرغة؛ إلّا أنه على ما يبدو هناك تحولات رئيسية حدثت في المشهد السياسي السوري قد تغير قواعد اللعبة.

ووفق المبدأ السياسي الشهير ليست هناك عداوة أو صداقة دائمة في السياسة بل هناك مصالح مشتركة، وقد نجحت كل من إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا وروسيا أن تلعب أدوراً في المنطقة كل حسب أهدافه ومصالحه، واستغلت كل واحدة من هذه الدول عجز الأنظمة وانشغالها بثورات الربيع العربي التي لم تكتمل في أي دولة من الدول التي اندلعت بها الثورة.

 مع تفهمنا التام من أن تركيا تحاول جاهدة الحد من المشروع الديمقراطي الذي بدأ يفرض نفسه بقوة بين مكونات المجتمع الشرق الأوسطي عامة؛ فهي تستمر في احتلال أراضي دول الجوار، وتعتبر نفسها فوق القانون الدولي وترفض بناء أية ديمقراطية على حدودها.

 فآخر الأعمال الإجرامية التي لجأت إليها تركيا هي قيامها باستهداف الشعب الإيزيدي بعدة غارات جوية، والتي استشهد على إثرها عضو منسقية المجتمع الإيزيدي زكي شنكالي الذي كان عائداً هو والآلاف من الأهالي من المراسم التي أقيمت بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة قرية كوجو.

يأتي قرار الحكومة التركية الأخير بزعامة اردوغان بضرب واحتلال بعض المناطق في سوريا والعراق ليزيد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة والتي هي بطبيعتها غير مستقرة ومن أكثر المناطق في العالم حروباً واضطراباً.

وأما في الشأن السوري؛ فقد قدَّم مجلس سوريا الديمقراطية مبادرة تاريخية تتضمن الحوار السوري –السوري والتي من شأنها أن تنهي الأزمة السورية، وبالتالي أزمة الشرق الأوسط إيماناً من مجلس سوريا الديمقراطية بأن الاستقرار في المنطقة يتطلب أن يعيش الجميع بعيداً عن العدوانية والإقرار بالآخر.

ونحن متمسكون بهذا الخيار ومصممون على العمل لإنجاحه وإنقاذ مكونات المجتمع السوري من تبعات استمرار الأزمة.

زر الذهاب إلى الأعلى