مقالات

المسؤولية التاريخية

خالد عمر

إن مصطلح المسؤولية التاريخية؛ وعندما يقع للمرة الأولى على أسماعنا فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو أن المعني بهذه المسؤولية هو إما قائدٌ أو حزبٌ سياسيٌّ أو نظامُ حكمٍ أو… وسبب هذا هو أن ذهنيتنا المتشكلة من تراكم الموروث الخاطئ والمعاني المشوهة التي أفرزها النظام الدولتي ونظام الحداثة الرأسمالية عموماً، هذا النظام الهادف أساساً إلى إحالة المجتمع إلى لا مجتمع؛ أي إلى مجتمعٍ عبد, مجتمعٌ مفرغٌ من جوهره وعلى هذا الأساس تكون المهام الكبيرة والمسؤوليات التاريخية هي من نصيب الحكام والسلطات والقادة فقط، بسبب نزعة التبعية والدونية التي يزرعها النظام القائم في ذهن الشعب والمجتمع, بمعنى آخر فإن قناعتنا بأن المسؤولية التاريخية قد تم إفهامنا إياها بمعناها الخاطئ مثلها مثل الكثير من المصطلحات كالسياسة والاقتصاد والتاريخ وغيرها من المصطلحات التي تم تثبيت معانيها في أذهاننا بالجوهر الذي يخدم نظام السلطة والدولة، وذلك بغرض جعلنا عبيداً لإله هو الدولة والسلطة, فالشعور بالتقزم أمام معنى المسؤولية التاريخية هو نتيجة طبيعية للتقسيم الطبقي للمجتمع، وجعل المعاني التي تم إكساؤها بالصبغة السامية من نصيب الطبقة العليا، وجعل العيش على الهامش كمجردِ رقمٍ من نصيبِ المسحوقين تحت وطأة العنفِ المُمارسِ من قِبَلَ السلطة.

إن الحقيقة والواقع الذي يجب أن يكون ويتم النضال في سبيله هو عكس ما تم سرده قبل قليل، وما نضال المسحوقين إلا لإعادة الحياة إلى مسارها الصحيح بعدما انحرفت عنه مع ظهور السلطة في المجتمع البشري, فكلُّ فرد، وفي أيِّ مجالٍ كان، وفي أيةِ مرحلة من مراحل المجتمع البشري؛ يقع على عاتقه مسؤولية تاريخية, بالأحرى فإن تفاصيل الحياة بصغيرها وكبيرها تلقي علينا مسؤوليات، وتكون هذه المسؤولية بأن يقع على عاتق الشخص واجبُ أن يتخذ الموقف الصحيح إزاء تلك التفاصيل بغضِّ النظرِ عن ماهيتها وتصنيفها. وعليه فإن الشخص الذي يكون في حالة إخضاع النفس لرقابة الوجدان والمحاسبة الذاتية سوف يولي المعنى، ولا يهمل أي موقف أو تصرف يُبدرُ منه، وبالتالي فإنه سوف يتحلى بالشعور الدائم بوجوب السير في الطريق الصواب تماشياً مع الفطرة السليمة، ومحاسبة النفس عند اتخاذ المواقف الخاطئة, ويستوي هذا الكلام في تناولنا للإنسان كفرد أو كمجموعة.

يلعبُ الكُردُ في الوقت الراهن الدور الريادي من أجل حل القضايا والأزمات المتفاقمة في كردستان والشرق الأوسط، ويقدمون نموذجَ الحل الأصح لتلك القضايا, ولم يكن الكُردُ ليمسكوا بدفةِ القيادة لعملية الحل وريادة الشعوب الأخرى على أساسٍ من المساواة المستندة للاختلاف الطبيعي فيما بينهم؛ لولا وجود الأساس الذهني الصحيح لديهم، والذي يعود فيه الفضل الأول للقائد عبدالله أوجلان ولحركة حرية كردستان, فهنا الكرد كشعب منظم وكأفراد منظمين ضمن مختلف مؤسسات المجتمع ينهضون بالمسؤولية التاريخية ويكونون على قدرِ تلكَ المسؤولية.

زر الذهاب إلى الأعلى